صحيفة بريطانية: المستوطنون في الضفة هم الجيش والشرطة
فلسطين المحتلة قدس الإخبارية: كشف تقرير لصحيفة “الغارديان” عن نوع جديد من المستوطنين الإسرائيليين الذين ينتهكون حقوق الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة على وقع التصعيد الإسرائيلي والعدوان على غزة، مشيرا إلى أن هناك “أمراء حرب” بين المستوطنين ينصبون أنفسهم بديلا عن “الشرطة والجيش”.
وأشار التقرير إلى أن هناك “أمراء الحرب المستوطنين الذين يتصرفون بأنهم الشرطة والجيش ويحملون الأسلحة ويمارسون العنف ضد الفلسطينيين”، موضحا حدوث ذلك في منطقة وادي سلمان وغيرها من الأماكن بالضفة المحتلة.
ولفت التقرير إلى أن مستوطنا طلب من سكان بلدة بورين بالقرب من نابلس أن ينادوه باسم يعقوب، وأن عليهم التعامل معه كمختارهم ورئيس بلديتهم وشريفهم أو رئيس الأمن.
ولم يعرف السكان اسمه الحقيقي إلا بعد العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة عليه في الأسبوع الماضي، واكتشفوا أنه: يعقوب ليفي فيلانت.
ومن الناحية الرسمية، حسب التقرير، فوظيفة فيلانت هي منسق أمني (رافشاتز) مع مستوطنة “يتسهار” التي تطل، من تلة في جنوب نابلس بالضفة الغربية، على سلسلة من القرى الفلسطينية العريقة القائمة على منحدرات تحتها.
ولكنه أصبح أمير حرب لكامل منطقة جبل سلمان، حيث استخدم القوة التعسفية المنتظمة، وبرز كواحد من كتيبة مكونة من زعماء المستوطنين الوحشيين ليحصل على لقب “المواطن المصنف بشكل خاص” من وزارة الخزانة ووزارة الخارجية الأمريكية، بسبب “الأنشطة الخبيثة الواقعة خارج نطاق صلاحيته”، وتم إدراجه على القائمة السوداء ومنعه من تلقي الأموال من الأمريكيين.
وذكر في معرض تصنيفه في القائمة السوداء، حادثا وقع في شهر شباط/فبراير، حيث “قاد مجموعة من المستوطنين المسلحين وأقاموا نقاط تفتيش وقاموا بدوريات لملاحقة ومهاجمة الفلسطينيين في أراضيهم وإجبارهم على تركها بالقوة”.
ولفتت الصحيفة، إلى أن هذا لم يكن سوى مثال واحد عن التخويف الذي يمارسه المستوطنون المسلحون، واستمر حتى بعد فرض العقوبات عليه في 28 آب/أغسطس. فقبل أسبوع قام مسلحون بإطلاق الغاز المسيل للدموع على أطفال كانوا يلعبون في ملعب مدرسة بورين.
ونقلت الصحيفة عن غسان نجار، رئيس واحدة من التعاونيات الزراعية وساعد على تدريب الأطفال في فريق كرة القدم، قوله “لم نأت إلى هنا منذ أكثر من أسبوع لأننا نخشى أن يتعرض الأطفال للأذى ولا يمكننا تحمل المسؤولية عن ذلك”.
وكان النجار يتحدث بالقرب من جدار حجري منخفض في الجزء الخلفي من الملعب، تحت مراقبة شديدة من رجال مسلحين في نقطة مراقبة خرسانية على بعد 100 متر أعلى التل.
وقال إنه من الصعب معرفة إن كانوا جنودا من الجيش النظامي أم مستوطنين يرتدون الزي العسكري.
فمنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، أصبح التفريق بينهما أمرا صعبا. وقد تم استدعاء كل جنود الاحتياط بمن فيه فيلانت والذي قام بتجنيد الشباب من المستوطنين في ما أطلق عليه “جيش يعقوب”، وفقا للتقرير.
وتشتهر مدرسة مستوطنة “يتسهار” الدينية، أو يشيفا، بتدريس النزعة العسكرية اليهودية، وقد أغلقت لأكثر من عام 2014 لأنها كانت بمثابة قاعدة للهجمات ضد الفلسطينيين.
وفي مساء 18 حزيران/يونيو، نزل المستوطنون الإسرائيليون وعناصر الميليشيا إلى القرية وبدأوا يهاجمون بعنف كل من يلاقونه في الشارع.
وتذكر نجار ذلك، قائلا: “كنت أرى الناس وهم يهربون، وفكرت في البداية أنه الجيش، ثم رأيتهم يهاجموننا وهم عراة حتى الوسط وقد لفوا قمصانهم حول رؤوسهم لإخفاء وجوههم”.
وأضاف أنهم “أحرقوا سيارة وهاجموا السائق وهاجموا بقالة هنا”.
وجاء جنود الاحتلال إلى القرية بعد فترة قصيرة من الهجوم ولكنهم لم يعملوا شيئا لوقفه، بل على العكس “لم يدفعوا المستوطنين للخروج وبدأوا بإطلاق الرصاص المطاطي والقنابل الصوتية والمسيلة للدموع على الناس في القرية وعلى الفلسطينيين”، وفقا للتقرير.
وقالت الصحيفة، إن كل شخص في القرية لديه قصة عن “يعقوب” وشاحنته البيضاء بأضوائها الصفراء واللاقطات الهوائية على سطحها معروفة وتثير الخوف. وقام هو ورجاله بإقامة نقطة تفتيش عشوائية بين القرى ويتهمون بمعاملة السائقين ب سيئة وسرقة أموالهم.
وفي آذار/مارس الماضي، كان إدريس وأمالة خليفة قد انهيا تسوقهما لرمضان وركبا سيارة ابنهما مع زوجته وابنته عندما تعرضوا للهجوم من عصابات المستوطنين في “يتسهار” الذين هشموا النوافذ بفأس وضربوا إدريس ورشوا الفلفل على الركاب.
واستطاع ابنه أن يرجع السيارة للخلف بسرعة والفرار من المكان لكن سيارة فيلانت اعترضتهم الذي تقول عائلة خليفة إنه أطلق النار على السيارة من النافذة الخلفية.
وتقول أمالة لـ”الغارديان”، إن “السبب الوحيد لعدم إصابة أحد أن النساء كن يعانين من الفلفل الذي رش على وجوههن وكن في المعقد وهن يحمين الأطفال”.
ويمنع المستوطنون الإسرائيليون سكان القرية من الوصول إلى بساتين الزيتون أثناء موسم قطافه، وفي بعض الأحيان يشعلون النار في البساتين على التلال.
وبحسب نجار ورجل آخر من القرية، فقد أشعل المستوطنون النيران بالأشجار في بداية آب/أغسطس ومنع فيلانت سيارة الإطفاء من الوصول وإطفاء الناس وقبل وصول الجيش بسيارة إطفاء، ولكن بعد خسارة فادحة.
وعلى مدى السنوات وثقت منظمة “يش دين” الإسرائيلية التي تراقب انتهاكات المستوطنين “حوادث عنف ضد الفلسطينيين على يد المستوطنين وقوات الأمن بما فيها حوادث تورط فيها فيلانت”.
ولم ترد إدارة مستوطنة “يتسهار” على رسائل البريد الإلكتروني التي أرسلتها الصحيفة طلبا للتعليق، كما لم يرد جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وقال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إنه يتعامل وبقلق شديد مع العقوبات الأمريكية ضد فيلانت وجماعة هاشومير يوش التي توفر الحراس للبؤر الاستيطانية غير القانونية في الضفة الغربية.
وفي الضفة الغربية المحتلة، مهما كان النظام القضائي القائم فهو غير منتظم، ويعتمد على المنطقة المعنية وما إذا كان الضحايا والجناة إسرائيليين أم فلسطينيين. لكن في الممارسة العملية، يستسلم الجنود لفيلانت، كما قال القرويون الفلسطينيون للصحيفة.
وعندما هدد أحد السكان بتقديم شكوى ضد ما يقوم به فيلانت، قيل إن “يعقوب” قال له: “أنا مكتب الارتباط الإقليمي وأنا الشاباك وأنا الشرطة وأنا الجيش. أنا كلهم وأنا كل العالم”.
ونقلت الصحيفة عن زيف شتال، رئيسة منظمة “ييش دين” قولها، إن “ما يحدث على الأرض هو أن المنسق الأمني يتحول إلى أكثر من كونه مجرد قائد للجنود وليس العكس وليس كما يفترض أن يكون”.
وأضافت أن العقوبات الأمريكية على فيلانت وهاشومير يوش، إلى جانب التدقيق من قبل محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية منذ بدء حرب غزة، بدأت أخيرا تتعامل مع إفلات المستوطنين مثل فيلانت من العقاب.
وفي بلدة بورين، عبر نجار عن شكه بحدوث أي تغيير كبير في قرى الفلسطينيين. وتساءل: “هل تعتقد أن هذا سيوقفه؟”، وأضاف: “لا أريد معاقبة يعقوب ولكن أريد من الأمريكيين الضغط على الحكومة لوقفه، وحتى لو أوقفنا يعقوب فهناك أشخاص كثر مثله في المستوطنات”.
ترجمة: عربي ٢١