اخبار فلسطين

شهادات تعذيب مروّعة لأسرى غزة في سجن النقب

رام الله قدس الإخبارية: كشفت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، شهادات جديدة لمجموعة من أسرى غزة القابعين في سجن النقب الصحراوي، بدءًا من اعتقالهم خلال العدوان البري على القطاع وصولًا إلى سجن غزة. 

واستند التقرير على مجموعة من الزيارات التي أجراها محامو هيئة الأسرى مؤخراً شملت ثمانية أسرى، معظمهم تعرضوا للاعتقال في بداية الاجتياح البري لغزة، وتحديدا عبر ما يسمى (الممر الآمن)، خلال نزوحهم من شمال غزة إلى جنوبها، وآخرين جرى اعتقالهم من مدارس الإيواء، ومن مشفى الشفاء.

وتضمنت شهادات المعتقلين الثمانية، تفاصيل عن جرائم التّعذيب والتّنكيل والاعتداءات المرعبة التي تعرضوا لها تحديدا في الفترة الأولى على اعتقالهم، وذلك قبل نقلهم إلى سجن النقب، وتحدثوا عن تفاصل مروعة تعرضوا لها بشكل أساسي، وارتبطت في الفترة الأولى على اعتقالهم، إلا أنّ هذا لا يعني أنّ جرائم التّعذيب قد توقفت بحقّهم بعد نقلهم من المعسكر الذي أشاروا له أنه في غلاف غزة إلى السّجون.

وأكدت الشهادات على أن جميع الأسرى ما زالوا يتعرضون لظروف صعبة ومأساوية تعجز اللغة بحسب وصفهم على نقل حقيقة ما يجري بحقّهم بشكل لحظي داخل السّجن، وتحديدًا في المرحلة الحالية بسبب انتشار الأمراض الجلدية بين صفوفهم، تحديداً مرض (السكايبوس الجرب)، الذي أصبح أداة من أدوات التّعذيب والتّنكيل. 

وأشارت مؤسسات الأسرة إلى وجود حوالي1200 معتقل من غزة في سجن النقب، موزعين على ثمانية أقسام كل قسم يضم (150) معتقلا، وذلك بحسب المعطيات التي أدلى بها أسرى غزة.

وقال الأسير، (س.د) (37 عاما)، والمعتقل منذ شهر نوفمبر\تشرين الثاني 2023، ويقبع اليوم في سجن النقب، “تعرضت للاعتقال في شهر تشرين الثاني، عبر ما يسمى (بالممر الآمن)، خلال عملية نزوحي من الشمال إلى الجنوب، وقد تعرضت للضرب المبرح بعد الاعتقال، والذي تركز على المناطق الحساسة، حتى تعمدوا سحبي من شعر جسدي ب مؤذية ومذلة، وأنا مقيد ومعصوب العينين، وبعد نقلي إلى أحد المعسكرات في غلاف غزة إلى جانب العديد من المعتقلين، كنا نتعرض لعمليات تعذيب على مدار الساعة، حيث قام أحد السّجانين بربطي لمدة ثمانية أيام من الخلف، وتعرضت للضرب على ظهري حتى نزل الدم من جسدي، هذا عدا عن الإهانات وعمليات الإذلال الممنهجة بكل الطرق والأساليب، ففي المرحلة الأولى كان الأسرى يضطرون لقضاء حاجتهم في ملابسهم، وكنا نواجه العطش والجوع، ففي تلك المرحلة كان الطعام عبارة عن ثلاث قطع من الخبز، وجميع المعتقلين في المرحلة الأولى أصيبنا بكسور وجروح بلغية، ولم نتلق أي علاج”. 

ويضيف المعتقل (س.د): “بقيت ثمانية شهور وأنا أرتدي نفس الملابس، كما وحرمنا من الاستحمام لمدة 18 يوما بدون استحمام، وفعليا كان الهدف من الضرب في المرحلة الأولى، إعدامنا، والتسبب في عاهات مستديمة للأسرى، ومع ذلك ما زلنا نتعرض لظروف اعتقال قاسية جدا، فنحن محتجزون في قسم الخيام، جميعنا نعاني من أمراض وكسور وتحديداً الأمراض الجلدية، التي تفشت بيننا نتيجة انعدام النظافة، والظروف الصحية داخل السّجن، فأنا وغالبية المعتقلين نعاني من انتشار حبوب ودمامل في كافة أنحاء الجسد، والتي سببت لنا التهابات حادة، وما فاقم من انتشارها الفرشات الإسفنجية وهي فرشات بدون غطاء احتكاك أجسادنا بها مع قلة النظافة أدى إلى مفاقمة معاناتنا من الحكة الشديدة والالتهابات.” 

وبحسب الأسير، يوجد داخل القسم المحتجز فيه اليوم 150 معتقلا، ويوضح: “كنا على مدار الفترة الماضية نستخدم حمام واحد، والأغطية لا يتم غسلها مطلقاً، وفي فترات الحر الشديد انتشرت الثعابين والحشرات، ومنذ شهر شباط لم يتم تغيير أوعية الطعام، والتي تحولت إلى مصدر أساسي لانتشار الأمراض، كما وواجهنا في شهري نيسان وأبريل مجاعة حقيقية، فقد تم حرماننا من الطعام، اليوم فقط ما تم إضافته هو حمّام للـ150 معتقلا، يتم تحديد ساعات محددة لاستخدامه، من الساعة الثامنة صباحا حتى الواحدة ظهرا.” 
 
أما الأسير (ف.ي) (35 عاما) اعتقل في شهر نوفمبر\تشرين الثاني 2023، ويقبع في سجن  النقب، فيقول إنه “وإلى جانب جرائم التعذيب التي تعرض لها، تحدث مطولاً عن انتشار مرض (الجرب السكايبوس)، حيث أكّد أنّ غالبية المعتقلين يعانون من انتشار الدمامل في أجسادهم، والتهابات شديدة نتيجة للحكة الشديدة التي يعانون منها على مدار اللحظة، ويواجهون كل ذلك دون أدنى نوع من أنواع العلاج، وما تزال ظروف الاعتقال قاسية جدا وصعبة جدا، مع انعدام النظافة، فالحمّامات التي نستخدمها يخرج منها الديدان، ومنذ اعتقالنا لم نحصل على مقص للأظافر نضطر لبرد الأظافر بالحائط، حيث أن انعدام النظافة حوّلت القسم إلى مكان موبوء.” وهذا ما أكده بقية المعتقلين الذين تمت زيارتهم.

وأفاد ثلاثة معتقلين آخرين جرى اعتقال اثنين منهم من مدارس كانت تضم نازحين، وآخر تم اعتقاله برفقة العشرات من مشفى الشفاء، “أن جنود الاحتلال تعمدوا تجريدهم من ملابسهم بعد اعتقالهم، والاعتداء عليهم بالضرب المبرح قبل نقلهم إلى أحد المعسكرات في غلاف غزة، خلالها تعرضوا لأبشع أنواع التّعذيب والإهانات والسحل والشد من الشعر والحرمان من استخدام المرحاض، ومنذ نقلهم إلى سجن (النقب) بعد عدة تنقلات تعرضوا لها، فإن جميع المعتقلين بحسب وصفهم ينامون وهم “جوعانين، وبردانين”، عدا عن مرض الجرب الذي تحوّل إلى شكل من أشكال التّعذيب الجسديّ والنفسيّ”

كل الأدوات ممكنة لتعذيب الأسرى

وحول ذلك، أكدت مؤسستا الأسرى أنّه وبعد مرور نحو عام  على حرب الإبادة المستمرة بحقّ شعبنا، فإنّ الاحتلال يواصل استخدام كل السياسات الممكنة والأدوات في سبيل تعذيب الأسرى والمعتقلين في سجونه ومعسكراته، التي تحوّلت إلى ساحة لعمليات التعذيب، والتي تتم بشكل لحظي.

 ولفتتا أنّ ما يجري بحقّ الأسرى والمعتقلين يشكل اليوم وجهاً من أوجه حرب الإبادة، وهذا ما تعكسه شهادات المعتقلين المروعة والقاسية التي لا تتوقف بل إنّ عامل الزمن ومرور المزيد من الوقت على المعتقلين في ظل هذه الجرائم، تضاعف من التهديدات التي تمس مصيرهم ، حيث تعمل منظومة  السجون على ابتكار المزيد من الأدوات لسلبهم إنسانيتهم. 

وجددت الهيئة والنادي مطالبتهما للمنظومة الحقوقية الدولية باستعادة دورها اللازم، ووضع حد لحالة العجز أمام جرائم الاحتلال الممنهجة، في ضوء حرب الإبادة المستمرة، وكذلك الجرائم التي تنفذ بحقّ الأسرى والمعتقلين، وتقديم قادة الاحتلال للمحاكم الدولية لمحاسبتهم على حرب الإبادة وعمليات السلب والمحو التي تتم بشكل ممنهج بحقّ كل ما هو فلسطيني. 

من الجدير ذكره أنّ سلطات الاحتلال الإسرائيليّ، فرضت جريمة الإخفاء القسري على الآلاف من معتقلي غزة، ومنذ عدة شهور وفي ضوء بعض التعديلات القانونية التي تمت، تمكّنت المؤسسات الحقوقية من زيارات محدودة لمعتقلي غزة، إلا أنّ هناك العديد منهم ما زالوا رهن الإخفاء القسري، عدا عن الآلاف من المفقودين، كما أنّ الاحتلال يرفض حتى اليوم السماح للجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارتهم أو معرفة أي معطيات تتعلق بالأسرى والمعتقلين، هذا عدا عن جملة العراقيل الكبيرة التي تواجه الطواقم القانونية منذ بدء الحرب في متابعة الأسرى وزيارتهم.