ندوة بالناظور تلامس “العدالة المناخية”
نُظمت الأربعاء بالناظور ندوة حول موضوع “العدالة المناخية والتحديات الناجمة عن التغيرات المناخية” ضمن الأنشطة الموازية للدورة الثالثة عشرة من المهرجان الدولي للسينما والذاكرة المشتركة.
وعرفت الندوة مشاركة مجموعة من الخبراء في مجال البيئة والمناخ، إلى جانب فاعلين سياسيين من المغرب وخارجه، بالإضافة إلى حضور مخرجي الأفلام الوثائقية المشاركة في المهرجان وأعضاء لجنة تحكيم الأفلام الوثائقية.
وافتتح وزير الفلاحة السابق، محمد صديقي، مداخلته بالتأكيد على التأثيرات السلبية التي تعاني منها الزراعة المغربية بسبب التغيرات المناخية، مشيرا إلى أن النقص الحاد في الأمطار يؤدي مع تغيرات الطقس إلى اضطراب كبير في توازن الأنظمة البيئية، ما يؤثر بشكل مباشر على إنتاج الغذاء.
وأوضح صديقي أن المغرب يشهد تراجعًا كبيرًا في الموارد المائية، وهو ما يشكل تهديدًا لمستقبل الأمن الغذائي في البلاد، وأضاف أن العالم، بعد أزمة الغذاء عام 2008 بدأ يعيد النظر في كيفية التعامل مع الموارد الطبيعية والزراعية، حيث برزت أهمية السيادة الغذائية في ظل الأزمات التي تهدد سلاسل الإمداد العالمية.
كما شدد الوزير السابق على ضرورة تعزيز إستراتيجيات التنمية المستدامة، مستحضرًا رؤية المغرب 2020-2030 التي تركز على تحسين إدارة الموارد المائية وتقنيات الري المستدامة، وأشار إلى أن البلاد تمكنت من تحقيق نمو ملحوظ في صادراتها الزراعية، التي شهدت ارتفاعًا بنسبة 70 في المائة، إلى جانب تحسن دخل المزارعين في المناطق الريفية؛ إلا أنه حذر من أن استمرار هذا النجاح يتطلب التركيز بشكل أكبر على الإدارة الحكيمة للموارد الطبيعية، لاسيما في ظل التغيرات المناخية.
بدورها تناولت سناء مسالم، عن الائتلاف المغربي من أجل العدالة المناخية، قضية ندرة المياه في المغرب، واعتبرتها أحد أبرز التحديات التي تواجه التنمية في البلاد، وأوضحت أن مشكلة المياه تؤثر بشكل كبير على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، مشيرة إلى أن السلطات المغربية بذلت جهودًا كبيرة لتحسين إدارة الموارد المائية، إلا أن الحاجة مازالت ماسة إلى إيجاد حلول أكثر استدامة وابتكارًا.
وأضافت مسالم أن هناك أهمية قصوى لتشجيع استخدام التقنيات الحديثة في إدارة المياه، خاصة في قطاع الزراعة، الذي يعتمد بشكل كبير على هذه الموارد الحيوية.
من جهة أخرى تناول السفير البرازيلي السابق، فريديريكو دوك استرادا ميير، في مداخلته قضية التدهور البيئي العالمي وتأثيره على السياسات الاقتصادية والاجتماعية، وأشار إلى أن العالم يواجه تحديات كبرى تتعلق بتغير المناخ واستغلال الموارد الطبيعية بشكل مفرط، مستشهداً بتدهور غابات الأمازون كأحد الأمثلة على هذه الأزمات.
وأكد ميير أن قضية الأمازون ليست مجرد مشكلة بيئية محلية، بل تعد جزءا من أزمة بيئية عالمية تحتاج إلى تدخل جماعي وسريع، ولفت إلى أن الحلول الفردية والمبادرات المحلية يمكن أن تلعب دورًا كبيرًا في مواجهة هذه الأزمات، مستشهدًا بأحد المشاريع في البرازيل، حيث أعاد شخص تشجير أرض كانت قد دُمّرت بفعل الاستغلال الزراعي المفرط.
وفي ختام الندوة أجمع المتدخلون على أن مواجهة التحديات المناخية تتطلب تنسيقًا أكبر بين الحكومات والمجتمع المدني والأفراد، مشددين على أهمية إدماج العدالة المناخية في السياسات الوطنية والدولية؛ كما دعوا إلى تعزيز الشراكات بين مختلف الأطراف المعنية لضمان استدامة الموارد الطبيعية وتحقيق التنمية المستدامة في مواجهة الأزمات المناخية العالمية المتزايدة.