منوعات

عطور الخمرة والدلكة في مصر.. طالبة أسنان تتحدى محنة الحرب بتراث العطر السوداني النسائي


أدهم السيد


نشر في:
السبت 30 نوفمبر 2024 – 10:48 ص
| آخر تحديث:
السبت 30 نوفمبر 2024 – 10:49 ص

تهتم الثقافة الشعبية السودانية والنوبية في مصر، اهتماما بالغا بفنون تحضير العطور وخاصة للسيدات اللاتي يكتسبن ثقة عالية بالنفس باستخدام المستحضرات الطبيعية من العطور ومرطبات البشرة المستوحاة من الموروث القديم.

وطورت دعاء سعد، طالبة أسنان سودانية في القاهرة، شغفها بتحضير العطور النسائية التراثية لمشروع صغير روجت خلاله عطور الخمرة والدلكات بين الفتيات المصريات؛ لتحقق إقبالا لم تكن تتوقعه.

وكشفت دعاء، لجريدة “الشروق”، عن أهمية العطور النسائية بالثقافة السودانية إذ تعد ركنا أساسيا في طقوس الزواج والتي تتكلف في بعض الأحيان ما يفوق الـ1000 دولار على العريس.

موهبة من رحم الحرب

قالت دعاء إنها كسائر الفتيات في سنها لم تكن تملك معرفة بالعطور النسائية التي كانت مهارة تحضيرها مقتصرة على السيدات كبار السن في العائلات، ولكن عزلتها عن الأهل بسبب أحداث الحرب وصعوبة التنقل جعلتها في حاجة لإعداد عطورها بنفسها، وهو ما شكل تحديا حقيقيا لها بإحدى الفترات الصعبة من حياتها.

وأضافت دعاء، أنها تمكنت خلال أسابيع من التحضير الشاق من إعداد العطور والبخور خاصتها؛ لتظهر ثمرة نجاحها من تعليق صدر من إحدى جاراتها التي توقعت وجود عروس جديد بالمنزل من شدة جودة البخور التي صنعتها دعاء.

رحلة النزوح لمصر

وقالت دعاء، إنها حين حضرت أغراض سفرها الضرورية اهتمت بالعطور التي حرصت على أخذها معها، ولكن ما حدث إن عناصر الدعم السريع قاموا بسرقة أغراضها من النقود والذهب والعطور أيضا التي تتكلف مبالغ عالية في السودان.

عطور الخمرة والدلكة

وتحدثت دعاء، عن طبيعة العطور النسائية بالموروث السوداني والتي تنقسم للخمرة وهي عطور معتقة لشهور من المسك والصندل وإضافات مثل ضفرة السمك وغيرها، بجانب الزيوت العطرية الفرنسية.

وأضافت أن العطور النسائية تشمل الدلكات المزيلة للعرق والشعر والتي تعمل على تنعيم وترطيب البشرة وتبييضها وهي معجونة من عدة مواد عطرية مع الذرة في بعض الأنواع وعشبة المحلبة في أنواع أخرى من الدلكات، بينما تشمل العطور النسائية البخور ودخان الطلح.

واوضحت أن تلك العطور تتطلب مجهودا شاقا، حيث تستغرق أيام على أقل تقدير من عمليات الدق والعجن والتحميص والتكفية بالدخان وغيرها من الخطوات المعقدة.

من الشغف لترويج التراث في مصر

وقالت دعاء، عن فترة إقامتها بالقاهرة، إنها كانت فقدت جميع عطورها في السودان وحين فكرت بتجربة أنواع العطر السوداني الموجود بالسوق المصرية اكتشفت أن أغلبه مزيف ويعطي انطباعات خاطئة للأشخاص قليلي الخبرة بالثقافة السودانية.

وتابعت دعاء، أنها فكرت بصناعة العطور من جديد بنفسها وترويجها بين الفتيات المصريات الراغبات بتجربة المستحضرات الجديدة على ثقافتهن بدافع الفضول أو بدافع سمعة العطور النسائية السودانية المنتشرة.

الكرم سر النجاح

وذكرت دعاء، أنها تكلفت مبالغا مالية باهظة في تحضير منتجاتها؛ نظرا لغلاء الخامات النادرة في مصر ومع ذلك لم تجد إقبالا على منتجاتها في بداية عملها.

وقالت إنها تلقت رسالة من إحدى الفتيات التي أوضحت وجود فضول لديها بتجربة العطور غير أن غلاء الثمن يعيقها؛ لتقرر دعاء أن تهديها العطور للتجربة بلا سعر.

وبحسب دعاء، كانت النتيجة غير متوقعة إذ تسببت تلك الهدية بموجة من الإقبال حيث اشترت نحو 80 فتاة مصرية من العطور السودانية؛ للتعرف عليها ومنهن من واظبت على الشراء.

استحسان من النوبيات

وتحدثت دعاء، عن انطباعات خاصة تلقتها من الفتيات النوبيات اللاتي كن يفتقدن العطور النسائية الخاصة بالتراث النوبي أثناء الإقامة بالقاهرة؛ ليجدن ضالتهن عند دعاء بعطور مشدين بجودتها.

وأضافت أن الشغف النوبي بعطورها بلغ أن تتلقى طلب شراء من محافظة أسوان نفسها.

واختتمت دعاء، قائلة إن تراث العطور النسائية قد يعاني تراجعا بين شعب النوبة؛ بسبب موجة التمدن المستمرة ولكنها ستعمل للحفاظ على الموروث العطري الشعبي.