المواجهة مع الشاباك تتصاعد.. رسالة حادة من نتنياهو حول تسريب “قديم”
ترجمة خاصة شبكة قدس: كشفت القناة 13 العبرية أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أرسل مساء اليوم رسالة حادة إلى رئيس جهاز الشاباك رونين بار والمستشارة القانونية للحكومة غالي بيهارف ميارا، عبرّ فيها عن عمق الأزمة وانعدام الثقة بينه وبينهم، وطالب بالتحقيق في عدد من التسريبات التي زعم أن تسببت بضرر لأمن الاحتلال، ولكن لم يتم التحقيق فيها.
ويأتي مضمون رسالة نتنياهو منسجما مع الانتقادات التي وجهها مقربون منه لجهاز الشاباك، متهمين الأخير بتنفيذ تحقيقات انتقائية في قضايا تسريب المعلومات الأمنية واستهداف مكتب نتنياهو.
وكتب نتنياهو في الرسالة: “على الرغم من خطورة التسريبات، إلا أنني لم أتلق بعد ردا على طلبي، منذ تواصلي السابق بكم، علمت بتسريب خطير آخر يتعلق بأنشطة الجيش في لبنان، مما يتيح إمكانية حقيقية للإضرار بأمن الدولة. أناشدكم مرة أخرى أن تأمروا بإجراء تحقيق فوري في التسريبات”.
والتسريب الذي يشير إليه نتنياهو في رسالته نُشر في أيلول/سبتمبر، قبل وقت قصير من بدء العملية البرية في لبنان. وأشارت القناة 13 العبرية إلى أن توقيت إرسال الرسالة، بعد شهرين ونصف من التسريب، يرتبط بشكل مباشر بقضية تسريب الوثائق والتحقيق مع المتحدث باسم نتنياهو إيلي فيلدشتاين والتسريبات الأخرى المرتبطة بمكتبه.
وبينما يقول نتنياهو والمقربون منه أن الشاباك ينفذ تحقيقات انتقائية، قال مسؤولون في جهاز القضاء التابع للاحتلال للقناة 13 تعليقا على رسالة نتنياهو: “حتى رئيس الوزراء يعرف أنه في قصة إيلي فيلدشتاين هو مخطئ.. نحن لا نحقق في التسريب بل في سرقة المستندات الأمنية”.
ورفض مسؤولو الشاباك في حديث مع القناة العبرية أيضًا مزاعم نتنياهو، وقالوا: “إن الشاباك يتعامل مع عدد من التسريبات التي، بطبيعة الحال، لا يمكن ذكر تفاصيلها في الوقت الحالي. أما بخصوص رسالة نتنياهو فقد وصلتنا اليوم وسيتم الرد عليها ب منظمة ومهنية وليس عبر وسائل الإعلام”.
توتر بين الشرطة والشاباك.. مقربو بن غفير السبب
واليوم، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن قسم التحقيقات مع أفراد الشرطة لدى الاحتلال “ماحاش”، يحقق في قضية شخوصها هذه المرة مقربين من وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال، إيتمار بن غفير، بينهم قائد مصلحة سجون الاحتلال وقائد الوحدة المركزية في مناطق المستوطنات في الضفة الغربية.
وفي إطار القضية، حقق “ماحاش” مع مفوض مصلحة السجون، كوبي يعقوبي، ومع ضابط كبير آخر في الشرطة أيضا، كما حقق “ماحاش” مع ضابطي شرطة، صباح اليوم، بعد تحذيرهما من استخدام أقوالهما ضدهما في حال تقديم لائحة اتهام ضدهما، وتم استدعاء ضباط آخرين للإدلاء بإفادات.
وضابط الشرطة مشتبه بتسريب معلومات من تحقيقات ضد مستوطنين إرهابيين إلى بن غفير الذي تعهد للضابط بترقيته، وفي خلفية ذلك انتقادات ضد معلم حول “أداء غير مهني” بكل ما يتعلق بمواجهة إرهاب المستوطنين في الضفة الغربية. وقالت مصادر في “ماحاش” إنه “إثر الشبهات الخطيرة، فإن هذا ملف واسع النطاق ويشمل وحدات أخرى في مواضيع حساسة”.
وكشفت تقرير نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” اليوم عن وجود توتر في العلاقة بين الشاباك والشرطة، في أعقاب امتناع الشرطة عن التعامل مع 15 طلبا قدمها الشاباك للتحقيق مع مستوطنين إرهابيين، بينما تعاملت الشرطة مع ثلاثة طلبات فقط.
معركة نتنياهو والشاباك
يبدو أن جهاز الشاباك بدأ حربا خفية مع المستوى السياسي الإسرائيلي بزعامة نتنياهو الذي يحاول أن ينجو بنفسه في مقابل توريط الآخرين في مسؤولية الفشل بأحداث 7 أكتوبر. لقد بدأ نتنياهو فعليا في هذه المعركة مع أذرع الأمن المختلفة لدى الاحتلال عندما رفض تحمل المسؤولية، بينما هاجم مقربون منه المؤسسة الأمنية لدى الاحتلال مؤكدين على أن توصياتها التي كانت تفيد بأن حماس غير معنية بالحرب هي التي كانت وراء هذا الفشل الكبير.
ويمكن الإشارة إلى أن التسريبات التي ظهرت فجأة في وسائل الإعلام الإسرائيلية قبل أيام عن نية نتنياهو إقالة رئيس الشاباك كانت بمثابة بالون اختبار من كل الأطراف، وقد أدت رغم كونها تسريبات إلى عاصفة من الانتقادات للمستوى السياسي الإسرائيلي، مما دفع نتنياهو للتأكيد عبر مكتبه عدم صحة هذه المعلومات.
ولجأ نتنياهو وأنصاره إلى أداة أخرى في مواجهة جهاز الشاباك تتمثل في الرأي العام عبر اتهام الجهاز بتنفيذ أجندة سياسية وكذلك تعذيب معتقلين من مكتب نتنياهو وإساءة معاملتهم، ويبدو أن نتنياهو لجأ لنفس الأداة التي يحاربه فيها الجهاز؛ الجمهور، وهو ما يفسر تسريب رسالته اليوم للقناة 13 العبرية.
معركة نتنياهو مع الشاباك معقدة
وتبدو معركة نتنياهو مع جهاز الشاباك معقدة لأن الجهاز يمتلك ملفات سرية وقادر على الاطلاع على قضايا تحرج نتنياهو خاصة وأن صلاحياته توسعت بعد سن قانون الشاباك في عام 2002، فقد أوكل للجهاز مهمة التأكد من سلامة الإجراءات داخل مؤسسات الدولة بما يضمن الحفاظ على “ديمقراطيتها”. وهذا ما مكن الشاباك من الاطلاع على ملفات تتعلق بعمل الوزارات والوزراء والموظفين ومكتب رئيس الوزراء، وبالتالي فإن حجم المعلومات التي يمتلكها قادر على خلق أزمة لأي طرف كان في المستوى السياسي في حال قرر ذلك.
واتهم وزراء في حكومة نتنياهو من بينهم إيتمار بن غفير الشاباك بتنفيذ محاولة انقلاب من خلال طرح ملفات قديمة وحديثة على الطاولة، وكذلك خشية بعض قادة حزب الليكود من بينهم غالي غوتليب التي صرحت علانية أنها تخشى أن ينسج لها الجهاز قصة لإحراجها.
والتقديرات أن هذه الأزمة ستتفاقم إذا انتهت الحرب وتشكلت لجنة التحقيق الرسمية في أحداث 7 أكتوبر، حينها سيلقي كل طرف بثقله في سياق تحميل الآخر مسؤولية الفشل، وستبدو مظاهر الأزمة الحالية (تحقيقات في تسريب وثائق سرية وتزييف مستندات) لا شيء أمام ما سيتم الكشف عنه في تلك المرحلة المستقبلية.