القرآن الكريم نور إلهي لا يخبو ..ومفتاح الخلاص لـ أمة أنهكها الضياع والصراع

في زمنٍ تكاثرت فيه الفتن، واضطربت فيه الموازين، وتاهت الأمم بين دروبٍ متشابكة من الأيديولوجيات والمصالح، يظلُّ القرآن الكريم النورَ الهادي والطريقَ المستقيم الذي لا يضلّ سالكوه. إنه ليس مجرد كتاب يُقرأ، بل هو منهاجٌ إلهيٌّ متكامل، يحوي بين طيّاته شريعة العدل، ورسالة الرحمة، ودستور الإصلاح، وأُسُسَ النهضة الحقيقية للأفراد والمجتمعات .
- خريطة ربانية تعيد بناء الحضارة
في شهر رمضان، حيث نزلت أولى آيات هذا الكتاب العظيم، تتجدد الدعوة إلى تدبّره لا لمجرد التلاوة، بل للفهم العميق والعمل الجادّ بمقاصده، فالنجاة ليست لمن قرأ وحفظ، بل لمن وعى وطبّق ومن هنا، تبرز رؤية المفكر علي الشرفاء الحمادي من خلال مشروع فكري وتنويري وتثقيفي يقدمه للامة ويؤكد خلاله علي أن القرآن الكريم هو الحلّ السريع لإنقاذ الأمة من أزماتها، والخريطة الربانية لإعادة بناء الحضارة على أسس العدل والسلام والتكافل.
فكيف يكون القرآن طوق النجاة في عالمٍ يموج بالصراعات؟ ولماذا أصبح التدبر فيه ضرورةً لا رفاهية؟ هذا ما سنغوص فيه عبر رؤية تحليلية تسلط الضوء على جوهر رسالة الإسلام، وأثر القرآن في إحياء القلوب وبناء المجتمعات .
- رسالة الهية خالية من الظلم والطغيان
ترتكز رؤية المفكر علي الشرفاء الحمادي حول أهمية العودة إلى القرآن الكريم كمنهاج حياة، علي ضرورة التدبر في آياته والعمل بمقتضاه هو الحل الجذري لإنقاذ الأمة من أزماتها ، وينطلق هذا الطرح من الأساس الإيماني بأن القرآن هو النور الذي أُنزل في رمضان ليكون هدىً للناس، وهو ليس مجرد نص يُتلى، بل رسالة إلهية تحمل في طياتها منهجًا متكاملًا لبناء مجتمع عادل ومتسامح، خالٍ من الظلم والطغيان .
- نورًا يفرق بين الحق والباطل
التدبر في القرآن: لبُّ الإيمان وسبيل النجاة لأن التدبر في معاني القرآن هو جوهر العلاقة بين الإنسان وكلام الله، مستدلًا بقول الله سبحانه وتعالى في الكتاب المبين : ” شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ” .. صدق الله العظيم .. هذه الآية توضح أن القرآن لم يُنزَل ليكون مجرد كلمات تُقرأ دون وعي، بل جاء ليكون نورًا يفرق بين الحق والباطل، ووسيلة للهداية الشاملة التي تضع الإنسان على الطريق المستقيم .
- الإيمان خشوع وليس مجرد تلاوة
كما يبرز مفهومًا أساسيًا في الإسلام، وهو أن الإيمان ليس مجرد اعتقاد نظري، بل انعكاس عملي يظهر في السلوك والمعاملات فالإيمان الحقيقي يتجلى في خشوع القلوب عند ذكر الله، وفي العمل الصالح الذي يتبع اليقين كما يؤكد الله عز وجل في القرآن الكريم بقوله : ” إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ” .. صدق الله العظيم .
وبهذا يلفت علي الشرفاء النظر إلى قضية جوهرية وهي ان الإيمان ليس مجرد تلاوة، بل هو خشوع وتأثر وعمل بمقتضى الآيات، وهو ما يحدد الفرق بين الإيمان الحقيقي والإيمان السطحي الذي لا يتجاوز اللسان .
- ضنك في الدنيا وعذاب في الآخرة
ويرى المفكر علي الشرفاء الحمادي أن القرآن هو الحل السريع لإنقاذ الأمة من الأزمات التي تواجهها، لكن المشكلة الكبرى تكمن في الإعراض عنه، سواء بالإهمال أو بعدم الفهم الصحيح لمقاصده وقد أوضح المولي عز وجل خطورة هذا الإعراض في قوله سبحانه وتعالي : ” وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ” .. صدق الله العظيم .
اذ تشير هذه الآية إلى أن التخلي عن القرآن ليس مجرد خسارة معنوية، بل يؤدي إلى معيشة ضنك في الدنيا وعذاب في الآخرة، لأن القرآن ليس كتابًا نظريًا، بل قانون إلهي لتنظيم الحياة وضبط المجتمعات وفق مبادئ العدل والرحمة والسلام .
- قيم القرآن أساس بناء مجتمع عادل
ويستعرض المشروع الفكري لـ علي الشرفاء منظومة القيم القرآنية التي تدعو إلى إقامة مجتمع يسوده التكافل والرحمة، حيث لا ظلم ولا استبداد، ولا اعتداء على الحقوق اذ تتجلى هذه القيم في عدة مبادئ رئيسية منها :
• تحريم الظلم بجميع أشكاله : فلا يُسمح باستغلال الناس أو أكل أموالهم بالباطل.
• احترام حقوق الإنسان : باعتبارها هبة إلهية لا يحق لأحد أن يسلبها.
• تحريم القتل : لأن الحياة مقدسة ولا يجوز الاعتداء على النفس الإنسانية.
• التكافل الاجتماعي : من خلال الإنفاق على الفقراء والمحتاجين ومدّ يد العون للمحتاجين .
• إشاعة روح التعاطف والإخاء : لبناء مجتمع متماسك خالٍ من الأحقاد والضغائن .
هذه القيم ليست مجرد نظريات، بل هي قواعد عملية إذا التزم بها المجتمع، فإنه يرتقي ليصبح نموذجًا للعدالة والتسامح .
- وحدة الإنسانية أمام عدالة الله
يرسم الحمادي صورة قوية للموقف العظيم يوم القيامة، حيث تتلاشى الفروقات الدنيوية، ويقف الجميع على قدم المساواة أمام الخالق، لا فرق بين غني وفقير، ولا بين قوي وضعيف. كما قال المولي سبحانه وتعالى : ” وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُون ” .. صدق الله العظيم .
هذه الصورة القرآنية تجسد عدالة الله المطلقة، حيث لا سلطان إلا لميزان الحق، ولا حكم إلا لحكم الله العادل، وهي دعوة للتفكر والتأمل في المصير المحتوم لكل إنسان، ليعود إلى ربه قبل فوات الأوان .
- العودة للقرآن ضرورة لا رفاهية
يؤكد المشروع الفكري والتنويري للحمادي في مجمله علي أن القرآن ليس مجرد كتاب ديني يُقرأ في المناسبات، بل هو دستور حياة، ومنهج إصلاح شامل. فالمجتمعات التي تريد النهضة الحقيقية لا تحتاج إلى نظريات مستوردة، بل إلى العودة إلى القيم القرآنية التي تحقق العدالة والسلام والتكافل الاجتماعي .
إن ما يطرحه المفكر علي الشرفاء الحمادي ليس مجرد دعوة للقراءة، بل هو دعوة للتغيير، دعوة لفهم القرآن فهما عميقًا والعمل به، لأنه هو النور الذي يستطيع أن يخرج الأمة من أزماتها، وهو الحل الذي لا يخذل من يتمسك به .. اللهم بلغت اللهم فاشهد .