التدبر في نور الرسالة الإلهية .. متي تصوم القلوب عن الغفلة وترتوي الروح بنور القرآن ؟

في شهر رمضان، تصوم الأجساد عن الطعام، لكن هل تصوم القلوب عن الغفلة ؟ وهل ترتوي الأرواح بنور القرآن كما أراد الله ؟ .. فالصيام ليس جوعًا وعطشًا فحسب، بل رحلة تزكية، وفرصة للعودة إلى جوهر الدين، بعيدًا عن الطقوس التي غيّبت المقاصد ، ففي هذا الشهر أُنزل القرآن ليكون هاديًا، لكن كم من صائمٍ يقرأه بعين التدبر لا بعين العادة ؟ وكم من عابدٍ يلتزم حروفه ويهجر مقاصده ؟ ، رمضان ليس زمن الامتناع، بل زمن الامتلاء بنور الله، فهل نعي رسالته كما يجب ؟
- خارطة طريق رسمها الله لعباده
وها نحن نعيش في زمنٍ تشتتت فيه الأمة بين اجتهاداتٍ بشرية وتفسيراتٍ أُقحمت على الدين، وفي ظل ذلك المشهد المعتم يبرز مشروع فكري مستنير يقوده المفكر العربي علي الشرفاء الحمادي يعيد من خلاله بوصلة الفكر إلى المصدر الأصيل .. الي القرآن الكريم، داعيًا إلى التمسك به قراءةً وتدبرًا وتطبيقًا، باعتباره خارطة الطريق التي رسمها الله لعباده ، إذ يرى الشرفاء أن شهر رمضان ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل فرصة لتطهير النفس ، والعودة إلى جوهر الإسلام ، واكتشاف مقاصده العُليا بعيدًا عن التأويلات البشرية التي شوَّهت رسالته السامية.
- الصيام وسيلة للوصول إلى التقوى
.. و الصيام، كما يوضحه القرآن الكريم ، ليس غايةً في حد ذاته، بل وسيلة لتحقيق التقوى، التي تعني التزام العدل، ونبذ الظلم، والعمل الصالح، وليس مجرد طقوس شكلية فالله سبحانه وتعالى يقول في قرآنه المبين : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَعَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون ” .. صدق الله العظيم .. اذ يؤكد الشرفاء علي أن التقوى الحقيقية تتحقق بتمثل أوامر الله في سلوك الإنسان، والالتزام بقيم الحق والعدل والإحسان، وليس فقط بأداء العبادات دون وعيٍ بحكمتها وأهدافها .
- التقوى جوهر الدين وليست مجرد طقوس
فالإسلام ليس دين شعائر فقط، بل رسالة تحرر الإنسان من الظلم والطغيان، وتغرس في قلبه قيم الرحمة والعدل ، والتقوى ليست مجرد مظاهر دينية، بل هي التزام أخلاقي وسلوكي ينعكس في معاملة الناس، مصداقًا لقوله عز وجل في كتابه الكريم : ” وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ” .. صدق الله العظيم .. وهذا المعنى يضع المسلمين أمام مسؤولية عظيمة بأن يكون الدين منهجًا للحياة، لا طقوسًا معزولة عن الواقع.
- القرآن رسالة شوهتها الروايات
ويرى علي الشرفاء أن أعظم ابتلاء واجهته الأمة هو الانحراف عن القرآن الكريم بفعل الروايات التي صاغها فقهاء المذاهب، فحرفت المسار، وأحالت الإسلام إلى أيديولوجيات متصارعة، بدلًا من أن يكون رسالة توحيد وسلام ، فقد تم التركيز على العبادات دون جوهر الدين، مما أدى إلى تحويل الإسلام من مشروع حضاري إلى طقوس شكلية فارغة من مضامينها الحقيقية.
- دعوة للعودة إلى النبع الصافي
وفي ظل هذا التشويه يأتي رمضان فرصة لإعادة قراءة الإسلام بعيدًا عن الموروثات التي اختزلته في العبادات الظاهرية ، فالقرآن نزل في هذا الشهر ليكون هدىً للبشرية، كما يقول الله تعالى في محكم تنزيله : ” شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُهُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ” .. صدق الله العظيم .. لكن، هل تعامل المسلمون مع القرآن على أنه المرجع الأسمى؟ أم هجروه إلى الروايات والاجتهادات البشرية؟
- هجر القرآن أزمة الأمة الكبري
هنا يؤكد المشروع الفكري لعلي الشرفاء الحمادي علي أن أزمة المسلمين ليست في قلة العبادات، بل في هجر القرآن، مصداقًا لقول الله تعالى: ” وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ” .. صدق الله العظيم ، فالهجر هنا لا يعني فقط الامتناع عن التلاوة، بل يشمل هجر التدبر، وهجر العمل بتعاليمه، واستبداله بأقوال البشر وتأويلاتهم مما أوقع الأمة في الفرقة والصراع والتخلف.
- الإسلام رسالة عدل وليست صراعًا مذهبيًا
لقد تم التلاعب بالدين وتحويله إلى صراعات مذهبية، بينما الحقيقة القرآنية واضحة في قوله عز وجل : ” وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّارَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ” .. صدق الله العظيم ، فرسالة الإسلام لم تكن لإشعال الفتن بين الطوائف، بل لإقامة مجتمع قائم على العدل، والتكافل، ونصرة المظلومين، والابتعاد عن الظلم والطغيان.
- الصيام انتصار على النفس
يؤكد الشرفاء أن الصيام ليس مجرد انقطاع عن الطعام والشراب، بل هو تدريب للنفس على تهذيب الأخلاق، وكبح الشهوات، والالتزام بمنهج القرآن في الحياة ، فالهدف الأسمى هو أن يخرج المسلم من رمضان وقد تعلم كيف يكون إنسانًا أكثر التزامًا بقيم العدل والإحسان، وليس فقط الامتناع عن المفطرات خلال النهار، ثم العودة للظلم والفساد بعد الإفطار.
- نحو نهضة فكرية تعيد للأمة وعيها
ويدعو علي الشرفاء المسلمين إلى ثورة فكرية تعيد للأمة وعيها، وتحررها من سطوة الروايات التي شوّهت صورة الإسلام ، فالمطلوب اليوم ليس المزيد من الاجتهادات الفقهية، بل العودة إلى كتاب الله كمرجع وحيد، لإعادة بناء مجتمع مسلم قائم على العدل، والرحمة، والتسامح، والعمل الصالح ، ليبقي القرآن هو خارطة طريق شاملة لحل مشكلات الإنسان، كما يقول المولي تعالى : ” مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ” .. صدق الله العظيم ، لكن، كيف يمكن للقرآن أن يقود الأمة، إذا كانت تعيش في قطيعة معرفية معه، وتبحث عن حلولها في كتب الفقهاء بدلًا من الوحي الإلهي ؟
- رمضان بداية لثورة قرآنية
إن رمضان ليس موسمًا عابرًا للعبادة، بل يجب أن يكون نقطة انطلاق لنهضة فكرية تعيد للأمة رشدها، وتجعل القرآن منهج حياة، وليس مجرد كتاب يُتلى دون وعيٍ بمعانيه ، وكما أن الصيام تدريب للنفس على الطاعة، يجب أن يكون رمضان تدريبًا على العودة إلى القرآن، حتى يتحقق وعد الله للمؤمنين بحياة طيبة في الدنيا ، ونجاة في الآخرة .
فهل يكون هذا الشهر بداية لتحرير الإسلام من أسر الروايات، والعودة إلى جوهر الرسالة التي جاءت رحمة للعالمين؟ .. اللهم بلغت اللهم فاشهد .