آبل وسيري: فوضى إدارية وتخبط تقني يُعيقان تطور الذكاء الاصطناعي

كشف موقع The information في تقرير جديد عن الاضطرابات الداخلية التي تعاني منها آبل، والتي أعاقت تطوير مساعدها الصوتي “سيري” وتقنيات الذكاء الاصطناعي الجديدة Apple Intelligence. وأبرز التقرير صراعات إدارية وتقلبات تقنية أثرت سلبًا على طموحات الشركة في المُنافسة ضمن هذا المجال الحيوي.
اقرأ أيضًا:
تعريفة ترامب تهدد أسعار آبل: هل سترتفع تكلفة الآيفون؟
لماذا لم تصنع آبل جهاز آيفون دون منافذ حتى الآن؟
تقلبات تقنية وإحباط مهندسي آبل
درست شركة آبل في البداية تطوير نموذجين للغة: أحدهما صغير يحمل اسم “Mini Mouse” يعمل محليًا على أجهزة آيفون، والآخر أكبر حجمًا باسم “Mighty Mouse” يعمل عبر السحابة.
لكن الفريق المسؤول عن سيري تخلّى لاحقًا عن هذه الخطة لصالح نموذج واحد ضخم يعتمد على الحوسبة السحابية، قبل أن يتراجع مرة أخرى عن هذا التوجُّه.
هذه التغييرات المُتكررة في الاستراتيجية تسببّت في إحباط كبير بين المهندسين، والذي دفع بعضهم إلى مُغادرة الشركة. كما وصف موظفون سابقون في قسم الذكاء الاصطناعي وتعلُّم الآلة (AIML) ثقافة العمل بـ”المُسترخية”، مع ضعف الحافز للمُجازفة، الذي ضاعف من تعقيد الأزمة.
صراعات داخلية وثقافة عمل غريبة
بات فريق سيري يُشار إليه داخليًا باسم “AIMLess” -تلاعبًا على اسم القسم (AIML) وكلمة “aimless” التي تعني “بلا هدف”! في إشارةٍ إلى فُقدان التوجّه الاستراتيجي. كما يُنظر إلى سيري على أنها “كرة النار” التي تنتقل بين الفرق دون تحقيق تحسينات جوهرية.
تفاقمت الأزمة بسبب خلافات شخصية وتفاوُّت في المُعاملة بين الموظفين، حيث اشتكى البعض من تبايُّن الرواتب والترقيات وحتى ساعات العمل. يتمتع بعض أعضاء فرق الذكاء الاصطناعي بإجازات أطول وساعات عمل أقل مُقارنةً بزملائهم في أقسام أخرى.

على الرغم من التحديات، كان جون جياناندريا -رئيس قسم الذكاء الاصطناعي في آبل- يعتقد أن بإمكانه إصلاح سيري من خلال تحسين التدريب والنماذج المُستخدمة لاستخلاص المعلومات. ولم يبدِ قلقًا كبيرًا عند ظهور ChatGPT في 2022، مُعتبرًا أن الدردشة الذكية لا تقدّم قيمة حقيقية للمُستخدمين.
في المُقابل، ركّز روبي ووكر -مدير سيري السابق- على تحسينات هامشية مثل تقليل زمن الاستجابة، بينما أهمل مشاريع طموحة مثل إضافة حساسية عاطفية لسيري. كما استغرق تنفيذ تغيير بسيط مثل إزالة كلمة “Hey” من الأمر “Hey Siri” أكثر من عامين.

عروض غير جاهزة ووعود مشكوك فيها
أثار العرض الذي قدمته آبل خلال مؤتمر “WWDC 2024” استغراب بعض أعضاء فريق سيري أنفسهم، حيث ظهرت ميزات مثل تحليل البريد الإلكتروني وتذكير المستخدم بمواعيد الرحلات دون أن تكون جاهزة للعمل فعليًا. وهو ما يُمثّل خروجًا عن سياسة آبل المُعتادة في عرض تقنيات مُكتملة وقابلة للاختبار.

رغم ذلك، تُعقد آمال على كريغ فيديريغي -رئيس هندسة السوفت وير- ومايك روكويل -مدير سيري الجديد- لإعادة المشروع إلى المسار الصحيح. وقد شجّع فيديريغي المُهندسين على استخدام نماذج مفتوحة المصدر إذا لزم الأمر، في خطوة غير مُعتادة لآبل التي تعتمد عادةً على تقنياتها الداخلية.
وتتوقع تقارير أن تُطلق آبل نسخة مُحسنّة من سيري بحلول خريف 2025، لكن السؤال يبقى: هل ستكون كافية لتعويض سنوات التخبُّط؟
?xml>