وداعًا للتلاعب.. خاتم ذكي يقيس الولاء ويكشف الخيانة

بدأت الفكرة كما لو كانت مقتبسة من رواية خيال علمي: خاتم ترتديه صباحًا، يُظهر ضوءًا ورديًا إذا تغيّر شيء في مشاعر شريكك. إذ يعني الضوء هنا توترًا أو إثارة أو أي انفعال عاطفي غير معتاد. وعندما تفتح التطبيق المرافق وتقرأ التحليلات، يمكنك أن تستنتج من خلالها كيف يشعر شريكك!
هذا هو التصوّر المستقبلي لخاتم RAW، الذي تم ابتكاره من قِبل شركة تقف خلف تطبيق مراسلة يحمل نفس الاسم. تسعى الشركة إلى دمج الذكاء الاصطناعي وأجهزة الاستشعار البيومترية في خاتم ذكي يستطيع قراءة المشاعر وتحليل الصوت والحركة ودرجة الحرارة، بهدف مساعدة الأزواج على بناء علاقة قائمة على الثقة والشفافية.
كيف يعمل الخاتم؟ وما هي مكوناته؟
تقوم فكرة خاتم RAW على تجميع تقنيات موجودة مسبقًا في منتجات مختلفة، مثل خواتم تتبع النشاط والنوم، وأجهزة تحليل نبرة الصوت. كما يحتوي على مستشعر لقياس معدل نبضات القلب وتقلباته، ومستشعر لقياس حرارة الجلد، ومقياس تسارع وجيروسكوب لقياس الحركة، وميكروفون لتحليل نبرة الصوت.
تعتمد التقنية على طبقتين من الذكاء الاصطناعي: الأولى على الجهاز نفسه لتحليل البيانات في الوقت الفعلي، والثانية في السحابة لتحليل الاتجاهات طويلة المدى. وتدّعي الشركة أن الخاتم يستطيع التمييز بين النشاط البدني والتوتر العاطفي، من خلال قراءة التغيرات في ضربات القلب، وحرارة الجلد، ونبرة الصوت.
الجدل حول الخصوصية والمراقبة
رغم أن التقنية تبدو واقعية من الناحية التقنية، فإن السؤال الأهم هو: هل علينا أن نستخدمها؟ يرى البعض أن الفكرة تحمل جانبًا من المراقبة العاطفية التي قد تتحول إلى سلوك تقييدي أو حتى سام داخل العلاقات. فقد يخطئ الذكاء الاصطناعي في تفسير المشاعر، وقد يستخدمه البعض للسيطرة على شريكهم أو ابتزازه عاطفيًا.
تقدم تجربة Apple AirTags مثالًا واضحًا على كيف يمكن أن تنحرف نوايا الابتكار عن مسارها. فقد صُممت هذه الأجهزة لمساعدة المستخدمين على تعقب أشيائهم الشخصية، مثل المفاتيح أو المحافظ أو الحقائب. لكن سرعان ما ظهرت تقارير تفيد باستخدامها لأغراض ضارة، مثل تعقب الأشخاص دون علمهم، أو مراقبة مواقعهم من قبل شركاء سابقين أو مطاردين.
ورغم أن Apple أضافت ميزات تحذيرية للتقليل من هذه المخاطر، إلا أن الأضرار وقعت بالفعل، ووصلت في بعض الحالات إلى جرائم خطيرة. هذا يسلط الضوء على التحدي الأخلاقي الكبير في عالم الأجهزة الذكية: ليس كافيًا أن تكون النوايا طيبة، بل يجب أيضًا التفكير في كل السيناريوهات التي قد يُساء فيها استخدام التكنولوجيا.
رؤية الشركة في تطوير العلاقات
تؤكد مؤسسة المشروع، مارينا أندرسون، أن الهدف من الخاتم ليس المراقبة أو إثبات الخيانة، بل هو رمز للثقة بين الشريكين. تعتقد أن من ينوي الخيانة لن يرتدي الخاتم من الأساس، لأنه سيكشف تصرفاته مباشرة. وتقول إن التصميم يركز على منح المستخدم حرية كاملة في تحديد ما يشاركه مع شريكه من بيانات ومشاعر.
تُجري الشركة حاليًا تجارب مع مجموعات متنوعة من الأزواج لمعرفة مدى تقبّلهم للفكرة، بما يشمل من مروا بعلاقات سابقة صعبة أو طلاق. كما أن هناك نية مستقبلية للتواصل مع جمعيات تعنى بالعلاقات العاطفية والسلامة النفسية.
حلم قيد التجربة أم تهديد قادم؟
تخطط الشركة لإصدار نموذج أولي من الخاتم في سبتمبر 2025، على أن يتم الإطلاق الرسمي في 2026 إذا سارت الأمور كما هو مخطط.
ومع ذلك، تبقى الفكرة نفسها موجودة في العالم، ومن المرجّح أن تُحاكى في المستقبل من قبل شركات أخرى. إننا أمام مرحلة جديدة يدخل فيها الذكاء الاصطناعي والتقنية بعمق إلى الحياة العاطفية، وهو ما يفتح بابًا واسعًا للتساؤلات حول الحدود بين الثقة، والخصوصية، والمراقبة.
?xml>