أنقذوا فلسطين من قادتها قبل أعدائها .. دولة على الورق وانقسام على الأرض .. ونكبة تطرق الأبواب

- دولة بلا حكومة اعتراف بلا معنى .. أمة بلا قيادة تسير لـ قبرها طواعية .. وغياب الرأس الواحد يجعل من القصية جسداً بلا روح
- الشعب يقتل مرتين .. مرة بـ صواريخ الاحتلال وأخري بـ سكاكين الانقسام || توحّدوا أو تجهّزوا للزوال
- من يتفاوض باسم الشعب ؟ .. الجميع يتكلم ولا أحد يملك القرار .. قادة الفصائل مشغولة بـ قتال الأشقاء
لا ريب إن القضية الفلسطينية تمر بـ أعقد لحظاتها التاريخية .. وسط محيط هائج يموج بـ احداث وتطورات متلاحقة .. تكاد تصل بها الي الركن الأخير من الزاوية .
أحسب أن قضية فلسطين اليوم لا تحتاج فقط إلى تنديدات دولية أو دعم عاطفي .. انما أحوج إلى : ” عقل رشيد .. و .. و رأس سياسي واحد ” .. يساعدها علي الخروج من نفقها المظلم .. ثم .. ثم يأخذ بها نحو قوة القرار .. وقوة التأثير في المحيط الداخلي والإقليمي ، فـ التاريخ لن يرحم أحد .. إن تكررت النكبة من جديد .. وضاع ما تبقي من الوطن .
- مقال جرئ لـ علي الشرفاء
وعندما نطالع المقال الأخير للمفكر العربي الكبير علي الشرفاء الحمادي .. والذي كتبه تحت عنوان : ” آن الآوان لـ حكومة فلسطينية تمثل الجميع امام العالم ” .. نجدة ملئ بـ الحلول .. ومعبأ بـ أفكار ومحاور جديرة بـ الوقوف أمامها .. ثم .. ثم إستيعاب ما جاء بها من رؤي واقعية قابلة للتنفيذ علي واقع الارض .. فقط تحتاج الي ” عقل رشيد ورأس سياسي واحد ” .. يدير السلطة .. ويدير القرار .. ويدير التفاوض والحوار .
يضع الحمادي النقاط فوق حروف مبعثرة .. ويحمّل القوى الفلسطينية مسؤولية تاريخية .. عن تلك اللحظات الفارقة التي تمر بها القضية .. والتي ربما تحدد فيها مصير الأرض والهوية .
إذ يأتي هذا المقال الجرئ في وقت مفصلي .. وبعد دعوة عاقلة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للمجتمع الدولي .. بـ ضرورة الاعتراف بـ الدولة الفلسطينية وحقها في تقرير المصير .. ” دعوة مباركة ” .. هكذا وصفها الشرفاء الحمادي في لحظة صدق وأمل في مستقبل أفضل.
- واقع سياسي مأزوم
لكن يبدو أنها دعوة تصطدم بواقع سياسي مأزوم .. واقع هيمن علية الانقسام الداخلي .. وغاب عنه ” المرجعية الفلسطينية الموحدة ” .
نعم القضية الأن تفتقد إلى ” الرأس السياسية الواحدة ” التي يلتف حولها الشعب ويثق بها العالم .. فما جدوي أن يعترف العالم بـ الدولة .. ولا توجد حكومة شرعية تحظي بتوافق داخلي وخارجي ؟!
إذ يرى علي الشرفاء في سطور مقاله .. أن الاعتراف الدولي بـ دولة فلسطينية لا يكفي وحده إذا لم تكن هناك ” حكومة موحدة ” .. قادرة على تمثيل الشعب الفلسطيني بكل أطيافه .. فمن غير المنطقي أن يستمر الحديث عن دولة في ظل واقع الانقسام .. الفصائل تتنازع في المشهد السياسي .. والبوصلة تضيع بين غزة والضفة .. الشرعية مغيبة من طاولة أي تفاوض .. حتي من يتفاوض منهم لا يملك القرار ولا يقدر علي التنفيذ .
- الرسالة واضحة
رسالة علي الشرفاء هنا واضحة .. إذا كنا نريد حل .. واذا كنا نريد دولة فلسطينية حقيقية .. رسالة تقول في وضح النهار وغسق الليل : ” بدون حكومة فلسطينية واحدة .. قوية .. شرعية .. ومُفوّضة من الشعب .. فإن الاعتراف بها دولياً سيظل مجرد حبر على ورق .
و في نبرة تحذيرية صريحة .. يؤكد الشرفاء الحمادي .. أن ما يحدث اليوم من تدمير ممنهج في غزة ليس إلا ” بروفة أولى ” .. لـ مخطط أكبر يستهدف تصفية الوجود الفلسطيني بالكامل .. بما في ذلك الضفة الغربية .
.. و .. وفي الوقت الذي تلتزم فيه القوى الدولية الصمت .. وتغيب القيادة الفلسطينية الموحدة .. فإن الاحتلال يجد نفسه في وضع مثالي لتمرير مخططاته دون مقاومة سياسية حقيقية تذكر .
- الرهان علي الوحدة
وهنا ينبغي التأكيد انه لا رهان على القوة وحدها .. إنما الرهان الحقيقي هو الوحدة والتآزر والتماسك .. وهنا يقر علي الشرفاء أن الظروف الجيوسياسية الحالية لا تسمح بـ ظهور ” قوة عسكرية فلسطينية ” .. قادرة على ردع الاحتلال .. لكنه يرى أن الوحدة السياسية وقيام حكومة تمثيلية وطنية .. هو الخيار الأوحد المتاح الأن لـ مواجهة آلة إحتلال غاشمة .
والوحدة هنا لا تعني فقط اتفاق سياسي ..إنما تعني خلق ” كيان سيادي ” قادر على تحريك الرأي العام العالمي .. وتفعيل أدوات المقاومة السياسية والدبلوماسية .
- تفكيك الرواية الدينية الزائفة
وينتقل علي الشرفاء في مقالة الى زاوية اخري .. زاوية تستهدف تفكيك الرواية الدينية الزائفة التي تعتمد عليها إسرائيل في تسويق احتلالها .. مستغلة نصوص توراتية مزيفة لـ تبرير مشروعها الاستعماري .. كما أن العرب يقع علي عاتقهم ضرورة فضح زيف الخطاب الإسرائيلي في الغرب .. وأن الفلسطينيين ينبغي أن يقدّموا للعالم روايتهم الحقيقية من خلال ” مؤسسة سياسية شرعية واحدة ” .. مؤسسة لا يختلف عليها اثنان من أهل القضية .. فـ ” أهل مكة أدرّي بشعابها ” .
- البقعة الاخطر
ويقفز علي الشرفاء الي البقعة الاخطر في هذا الملف الشائك .. وكيف أصبح الاحتلال عائق استراتيجي للفكرة الاكبر والحلم الأوسع .. ألا وهو : ” الوطن العربي المتصل ” .. إذ يشبه الحمادي الاحتلال الإسرائيلي بـ ” فاصل جغرافي استراتيجي ” .. قطع أوصال الجغرافيا العربية .. وعزل مشرقها عن مغربها .. بما يخدم القوى الكبرى التي تسعى لتفكيك المنطقة كلها .. فلم يعد الأمر مأساة فلسطينية فقط .. انما باتت المأساة أوسع وأعمق .. وأصبحنا أمام تشرذم عربي وإقليمي .. يدفع العرب جميعهم ثمنه باهظاً .. و .. وباهظاً جداً .
- نداء تحذيري أخير
لذا يطلق علي الشرفاء الحمادي نداء تحذيري أخير وصريح .. قائلاً : إن لم تتوحد القوى الفلسطينية الآن .. فسنكون أمام نكبة جديدة .. تستكمل تهجير أهل غزة .. ثم .. ثم تُجهز على الضفة الغربية .. وبعدها وتطوي القضية إلى غير رجعة .. و .. و تكون النتيجة .. أشبه بـ المثل الشعبي القائل : ” كأنك يا أبو زيد ما غزيت ” .
اللهم إني قد بلغت .. اللهم فاشهد