خالد العناني أول عربي يفوز بمنصب المدير العام لليونسكو بتأييد شبه إجماعي

في خطوة تعكس تصاعد الحضور المصري والعربي داخل المحافل الدولية، فاز الدكتور خالد العناني، الوزير السابق للسياحة والآثار في مصر، بمنصب المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) للفترة من 2025 إلى 2029، ليصبح بذلك أول عربي يتولى هذا المنصب الرفيع منذ تأسيس المنظمة في عام 1945. ويأتي هذا الفوز تتويجًا لمسيرة طويلة من العمل الأكاديمي والثقافي والإداري، ولرؤية استراتيجية تسعى إلى توسيع دور المنظمة وتعزيز مكانتها على الساحة الدولية.
وحصل العناني على تأييد 55 دولة من أصل 57 دولة عضواً في المجلس التنفيذي لليونسكو، وهو أعلى عدد من الأصوات يحصل عليه أي مرشح في انتخابات تنافسية على هذا المنصب منذ إنشاء المنظمة، ما يعكس توافقاً دولياً نادراً وثقة كبيرة في قدرته على قيادة المؤسسة الأممية المعنية بالتعليم والثقافة والعلوم في مرحلة شديدة التعقيد.
وُلد خالد العناني في القاهرة في 14 مارس/آذار عام 1971، وتخرج في كلية السياحة والفنادق بجامعة حلوان حيث تخصص في الإرشاد السياحي، ثم واصل دراسته العليا في فرنسا، ونال درجة الدكتوراه في علم المصريات من جامعة بول فاليري مونبلييه. وعلى مدى أكثر من ثلاثين عاماً، تنقل بين العمل الأكاديمي والإداري، حيث شغل مناصب عدة في جامعة حلوان، كما عمل أستاذاً زائراً في عدد من الجامعات الأوروبية المرموقة.
برز اسمه على الساحة العامة بعد تعيينه وزيراً للآثار في مارس/آذار 2016، ثم عُيّن لاحقاً وزيراً للسياحة والآثار بعد دمج الوزارتين في عام 2019، ليكون أول من يتولى المنصبين معاً منذ أن تم فصلهما في ستينيات القرن الماضي. وخلال فترة توليه الوزارة، أشرف على عدد من المشروعات الثقافية والسياحية الكبرى التي حظيت باهتمام عالمي واسع، من أبرزها تطوير المتحف المصري الكبير، وافتتاح المتحف القومي للحضارة المصرية، بالإضافة إلى تنظيم فعاليات ثقافية دولية مثل موكب المومياوات الملكية، وهو الحدث الذي شهد نقل عدد من ملوك وملكات مصر القديمة إلى متحف الحضارة بالفسطاط، في موكب رسمي حظي بتغطية إعلامية دولية واعتُبر نموذجاً لاستثمار التراث الثقافي في تعزيز الصورة الحضارية لمصر.
وأكد خالد العناني في أكثر من مناسبة أنه يتبنى رؤية جديدة لليونسكو ترتكز على الجمع بين الخبرة الأكاديمية والمهارات الإدارية، إلى جانب تجربة ميدانية عميقة في ملفات التراث والسياحة والتعليم، مشدداً على أهمية توسيع دعم المنظمة للدول النامية، وتعزيز الحوار الثقافي العالمي، والتنوع، وتمكين المجتمعات المحلية من خلال الثقافة والتعليم والعلوم.
تأسست اليونسكو عام 1945، ويقع مقرها الرئيسي في العاصمة الفرنسية باريس. وتُعد واحدة من أبرز وكالات الأمم المتحدة المتخصصة، وتهدف إلى تعزيز التعاون الدولي في مجالات التعليم والعلوم والثقافة والإعلام، بما يخدم السلام وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة. وتشرف المنظمة على عدد من البرامج والمبادرات العالمية، من بينها حماية مواقع التراث العالمي، دعم حرية التعبير، تحسين جودة التعليم، والحفاظ على التنوع الثقافي واللغوي.
يتم انتخاب المدير العام لليونسكو عبر عملية طويلة تشمل ترشيحات من الدول الأعضاء، ومقابلات مع المرشحين يجريها المجلس التنفيذي، قبل أن يُجري تصويتاً سرياً لاختيار مرشح واحد يتم رفع اسمه إلى المؤتمر العام للمنظمة لاعتماده بالأغلبية. وتستمر ولاية المدير العام لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة. ويتولى المدير العام تنفيذ برامج المنظمة بالتعاون مع الدول الأعضاء، وإدارة ميزانيتها، وتوجيه سياساتها الاستراتيجية، وتمثيلها على المستوى الدولي، بما يضمن انسجام أنشطتها مع مبادئ الأمم المتحدة، وفي مقدمتها السلام، والمساواة، وحقوق الإنسان.
فوز خالد العناني بهذا المنصب يعكس نجاح دبلوماسية ناعمة تتجاوز الإطار السياسي التقليدي، وتفتح أمام مصر والعالم العربي نافذة جديدة للمساهمة الفعالة في صياغة مستقبل الثقافة والتعليم والعلوم على المستوى العالمي، في وقت تزداد فيه التحديات التي تواجه القيم المشتركة للإنسانية، وتتعاظم الحاجة إلى مؤسسات دولية فاعلة وقادرة على تحقيق التوازن بين التنوع الثقافي والوحدة الإنسانية.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
السعودية تنضم إلى شبكة اليونسكو العالمية للإشراف على الذكاء الاصطناعي
فلسطين تطالب اليونسكو بحماية 63 موقعًا أثريًا في الضفة