تدفق مصانع أجنبية لمصر وأزمة تهدد مكاسب الاقتصاد

رغم أن انخفاض تكلفة العمالة يُعدّ اليوم أحد أبرز المزايا التنافسية للاقتصاد المصري، فإن هذه الميزة لا تزال غير مُستغلة بالكامل. فبحسب ما أعلنه وزير الصناعة والنقل كامل الوزير، تواجه المصانع الجديدة نقصًا واضحًا في العمالة الفنية المدرَّبة، وذلك في وقت يشهد إقبالًا كبيرًا من شركات عالمية -خاصة من الصين وتركيا- للاستثمار الصناعي في مصر خلال العام المالي 2024/2025.
وتتصدر الشركات الصينية قائمة المستثمرين بـ 532 شركة، تليها الشركات التركية بـ 439 شركة، مستفيدة من انخفاض تكلفة العمالة التي لا تتجاوز 150 دولارًا شهريًا للعامل، مقارنة بمتوسط 900 دولار في تركيا وحد أدنى يبلغ 630 دولارًا، في حين يبدأ الحد الأدنى في الدول الأوروبية من 1000 إلى 1500 دولار.
هذه الأرقام تمنح مصر ميزة تنافسية ضخمة، تضاف إلى موقعها الجغرافي القريب من أسواق أفريقية ضخمة.
لكن في المقابل، تكشف البيانات الرسمية عن أزمة تهدد هذه الميزة. فقد أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ارتفاع معدل البطالة في الربع الثالث من 2025 إلى 6.4%، ليس بسبب نقص فرص العمل، بل نتيجة توسع قوة العمل بنسبة 3.3% لتصل إلى 34.7 مليون فرد.
الأمر الأكثر لفتًا للانتباه أن الزيادة جاءت من حملة المؤهلات المتوسطة والجامعية وما فوق الجامعية، حيث يشكلون اليوم 83% من المتعطلين مقارنة بـ 78% في الربع السابق. وهذا يعكس خللًا واضحًا بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، خاصة مع توجه الدولة إلى التوسع في القطاعين الصناعي والزراعي اللذين يحتاجان أساسًا عمالة فنية مدرّبة.
وفي هذا الإطار، جاءت توصيات مركز معلومات مجلس الوزراء بضرورة تعزيز التعليم الفني، وتقديم حوافز للطلاب، وزيادة أعداد خريجي المدارس التقنية، إلى جانب توفير تمويل مستدام لهذا النوع من التعليم، وإجراء تعديلات جوهرية في نظام القبول الجامعي لضبط أعداد الطلاب وفق احتياجات السوق.
ويبقى السؤال الأهم: هل تنجح مصر في تجاوز ثقافة "الشهادة الجامعية أولًا"، والانتقال إلى نموذج يعتمد على التعليم الفني كرافعة أساسية لاقتصاد تنافسي قادر على جذب الاستثمارات؟
قد يهمك أيضــــــــــــــا
الجهاز المركزي للتعبئة العامة تعلن أن عدد سكان مصر 123 مليون نسمة
توقعات بخفض الشركات الصينية أسعار سياراتها الكهربائية في أوروبا
