اخبار المغرب

قطر وفلسطين تفتتحان “كأس العرب”

تتجه الانظار اليوم الاثنين إلى ملعب “البيت” في الخور، حيث ينطلق كأس العرب 2025 بمباراة الافتتاح التي تجمع بين المنتخب القطري المضيف ونظيره الفلسطيني، في مواجهة تحمل أبعادا رياضية وإنسانية على حد سواء. المباراة لا تمثل مجرد انطلاقة بطولة، بل لحظة تاريخية للكرة العربية، تجمع بين بطل آسيا الحالي صاحب الطموحات القارية والمستقبلية، والمنتخب الفلسطيني الذي يخوض البطولة وسط تحديات استثنائية تعكس الواقع الإنساني المعقد الذي تمر به فلسطين.

ويدخل منتخب قطر، بطل آسيا مرتين متتاليتين، البطولة وهو في أفضل حالاته الفنية تحت قيادة الإسباني جولين لوبتيغي، الذي اعتمد مشروعه على دمج عناصر الخبرة مع وجوه شابة قادرة على التحرك بسرعة وإحداث الفارق في خط الوسط والهجوم، ومن أبرزهم أكرم عفيف الذي سجل وصنع 11 هدفا من أصل 14 في كأس آسيا الأخيرة، اضافة الى الحارس مشعل برشم ولاعبي الوسط عاصم مادبو وعبد العزيز حاتم، والعديد من عناصر الخبرة مثل أحمد فتحي وطارق سلمان. هذه التركيبة تمنح “العنابي” ثقلا تكتيكيا وقدرة على إدارة المباريات تحت ضغط الخصم والجمهور.

على الجانب الآخر، فتح لوبتيغي الباب لدماء جديدة أثبتت جدارتها بالدوري المحلي، مثل خالد علي ومحمد خالد والهاشمي الحسين وأيوب محمد، ما يعكس أن التفكير في كأس العرب لا ينفصل عن مشروع طويل الأمد يستهدف الاستعداد لمونديال 2026 في أمريكا وكندا والمكسيك. ومع ذلك، يغيب عن القائمة بعض الأسماء المؤثرة مثل خوخي بوعلام والمعز علي، بالإضافة الى المصابين أحمد الراوي وأحمد الجانحي وبيدرو ميجيل، وهو ما يضيف تحديا أمام المنتخب القطري للحفاظ على نسقه العالي منذ البداية.

عنصرا الارض والجمهور سيكونان من أبرز عوامل دعم قطر، إذ أثبتت الجماهير القطرية قدرتها على تحويل المباريات إلى مناسبات ضاغطة تصنع الفارق، كما حدث خلال كأس آسيا 2023 أمام أوزبكستان وإيران.

ومع ضمان التأهل لكأس العالم 2026، يدخل “العنابي” البطولة بمعنويات مرتفعة، ويأمل أن يضيف لقب كأس العرب إلى سجله، ليؤكد هيمنته على الكرة العربية ويستكمل مشروعه الفني تحت قيادة لوبتيغي الذي أظهر قدرة عالية على تحسين منظومة الدفاع والضغط العالي، الى جانب اللعب المباشر عبر الأطراف والاستفادة من سرعة اللاعبين في التحول السريع من الدفاع للهجوم.

أما المنتخب الفلسطيني، فيدخل المباراة الافتتاحية في ظهوره السادس بكأس العرب، وسط ظروف استثنائية تعكس التحديات الإنسانية والسياسية التي تمر بها البلاد. الفريق الفلسطيني نجح في التأهل لكأس العرب بعد فوزه على ليبيا بركلات الترجيح في الملحق الفاصل، ويأمل في الوصول الى أبعد مدى في البطولة الإقليمية.

المدرب إيهاب الجزار استدعى 23 لاعبا، من بينهم عدي الدباغ مهاجم الزمالك وحامد حمدان لاعب بتروجيت، اضافة الى القائد مصعب البطاط وياسر حمد المدافع، مع وجود لاعبين أثارا جدلا وتعاطفا كبيرا مؤخرا هما حارس المرمى عبد الهادي ياسين والمدافع أحمد طه، هذان اللاعبان يمثلان قصة تحد وإصرار على تمثيل فلسطين رغم الصعوبات الإدارية، ما يمنح الفريق الفلسطيني روحا معنوية إضافية.

تاريخ المواجهات بين قطر وفلسطين محدود نسبيا، لكن المواجهة الأخيرة في كأس آسيا أعطت طابعا تنافسيا، حيث التقى المنتخبان في دور الستة عشر وانتهت المباراة بفوز قطر بهدفين مقابل هدف، مما يعكس التفوق الفني للعنابي، لكنه لا يقلل من قوة الطموح الفلسطيني والرغبة في تقديم أداء مشرف على أرض البطولة.

من الناحية الجماهيرية، ستشكل المباراة حدثا كبيرا في الدوحة، مع حضور مكثف من الجمهور العربي الذي يحرص على إبراز الدعم الإنساني للقضية الفلسطينية، بجانب تشجيع العنابي على أرضه. هذه الأجواء تجعل المباراة منصة للتعبير عن التضامن العربي وإظهار القوة الفنية والتنظيمية لقطر، التي اكتسبت خبرات كبيرة من تنظيم كأس العالم 2022 وكأس آسيا 2024 وكأس العالم للناشئين تحت 17 عاما، حيث تأقلم اللاعبون على الملاعب الكبيرة مثل ملعب البيت وملعب أحمد بن علي وملعب خليفة الدولي.

المباراة ستشكل البداية لمسار قطر في المجموعة الأولى، التي تضم إلى جانب فلسطين تونس وسوريا، ما يجعل مهمة العبور إلى الدور التالي بحاجة إلى تركيز فني وذهني كامل. القطريون يمتلكون كل الأدوات الفنية والخبرة الجماعية والدعم الجماهيري، بينما الفلسطينيون يحملون إرادة قوية وروحا معنوية عالية، في مواجهة تعكس أبعاد البطولة الرياضية والإنسانية معا.