أثار جدلا واسعا بشأن تشويه التاريخ الإسلامي.. فيلم هندي يروّج لهدم تاج محل

نوران عرفة
نشر في:
الجمعة 5 ديسمبر 2025 – 7:38 م
| آخر تحديث:
الجمعة 5 ديسمبر 2025 – 7:38 م
– مخاوف في بوليوود من استخدام السينما كمنصة لزرع الانقسام
– نقاد: الفيلم امتداد لموجة دعائية تستهدف المسلمين وتزييف الوقائع لخدمة خطاب عنصري
أثار عرض الفيلم الهندي «قصة تاج The Taj Story» حالة واسعة من الجدل في أوساط بوليوود، وأثار مخاوف حول استخدام السينما كمنصة لزرع الانقسام.
يتناول الفيلم ضريح تاج محل الشهير المشيَّد من الرخام الأبيض في مدينة أغرا، والذي أقامه الإمبراطور المغولي المسلم شاه جهان بين عامي 1631 و1648 لتخليد ذكرى زوجته ممتاز محل، ويعد إحدى أهم التحف المعمارية المدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو.
لكن الفيلم تضمن مشاهد اعتبرها البعض تحريضية بشكل غير مباشر، بالتشكيك في أصالة هذا الأثر، والترويج لفكرة ضرورة هدمه. ويستند الفيلم إلى فرضية سبق دحضها مرارًا، تزعم أن تاج محل كان في الأصل معبد هندوسي باسم «تيجو مهالايا» واستولى عليه الإمبراطور المسلم شاه جهان في القرن السابع عشر، وهو خطاب دعائي روج له حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي المتطرف، وفق صحف هندية وأجنبية.
يحاول صناع الفيلم إثبات ما يسمونه التاريخ «الحقيقي» لتاج محل، من خلال دراما وشهادات وهمية دون أي دليل، زاعمين أن المعلم الأثري كان قصرًا مملوكًا للملك الهندوسي جاى سينج قبل استحواذ شاه جهان عليه.
يقوم ببطولة الفيلم الممثل الهندي باريش راوال، ذاكر حسين، أمروتا خانفيلكار، ناميت داس، وسنيها واج، وهو من تأليف وإخراج توشار أمريش جويل، وإنتاج سوريش جها.
واتهمت صحف هندية وأجنبية، منها Times of India، فيلم «قصة تاج محل» باتباع مسار مألوف يشبه أفلامًا دعائية سابقة استهدفت تشويه المسلمين في الهند، مثل: «قصة كيرالا»، «ملفات البنغال»، «صوريافانشي»، «تاناجي»، و«بادمافاتي»، وهي أفلام مبنية على دعاية مضللة مخالفة لتاريخ الهند، تصف حكام الهند المسلمين بالإرهاب.
ووصف موقع The Wire الفيلم بأنه «إحدى عجائب التلاعب بالرأي العام، والتدليس في التاريخ، وذكر أنصاف الحقائق»، مؤكدًا أنه ينتمي لنوعية أفلام «الخط الهندوسي» التي انتشرت منذ تولي حزب بهاراتيا جاناتا الحكم، وسعت لتحويل الهند إلى ما يسمى «أمة هندوسية خالصة» عبر تزوير التاريخ والتراث الفني في بوليوود. وأضاف الموقع أن الفيلم «مُفكك، غير كفء، وغير مقنع، وسطحي وخالٍ من الحماس»، وأن مشاهدته لا تقدم سوى خطاب فارغ وتضليل وأنصاف حقائق.
كما قارن الموقع الفيلم الهندي بأفلام المؤامرة الأمريكية مثل National Treasure للنجم نيكولاس كيدج، مؤكدًا أن الفيلم الأمريكي «سخيف لكنه ممتع»، بينما فيلم «قصة تاج» ضعيف للغاية لدرجة أن مُعجبي بوليوود لن يصدقوه.
ويحاول الفيلم اللعب على مشاعر الهندوس، ويصورهم في دور الضحية، بهدف زرع الشك والتدليس بزعم وجود أمة هندوسية عظيمة استولى عليها المغول المسلمون، وهو نفس السرد الذي سارت عليه أفلام مثل «بادمافاتي» (2018) و«تانهاجي» (2020) و«تشافا» (2025)، والتي تهدف لتشويه التاريخ الإسلامي في الهند، رغم أن السينما الهندية القديمة اشتهرت بدورها في الحفاظ على التعايش السلمي بين كافة الديانات، خصوصًا الهندوس والمسلمين.
على مر التاريخ، أنتجت بوليوود أفلامًا تعزز وحدة الهنود دون تحيز ديني، مثل: «قمر أكبر أنطوني» الذي دعم الانسجام بين الهندوس والمسلمين والمسيحيين، و**«اسمي خان – My Name is Khan»** الذي دافع عن المسلمين ضد الإسلاموفوبيا، وهو اتجاه اتسع بعد أحداث 11 سبتمبر في الولايات المتحدة.
لكن التيار الهندوسي المتطرف في الحكومة الحالية يروج لأفلام تشوه التاريخ الإسلامي والمسلمين، منها:
تاناجي: المحارب المجهول، الذي يشوه تاريخ حكام المغول المسلمين.
بادمافاتي، الذي يصور قائدًا مسلمًا دمويًا.
قصة كيرالا (2023)، الذي يتحدث عن إجبار نساء هنديات على اعتناق الإسلام والانضمام لتنظيم متطرف.
ملفات كشمير – The Kashmir Files وصوريافانشي – Sooryavanshi، التي تروج لخطاب «الإرهاب الإسلامي».
وتحظى صناعة السينما الهندية بأكبر جمهور عالمي، إذ تُباع مليار تذكرة سنويًا وتنتج حوالي 1000 فيلم، لكنها تشهد تراجعًا نسبيًا بسبب انتقاد الجمهور للأفلام الخيالية المتعصبة.
