ردًا على الغرامة: ماسك يغلق حساب المفوضية الأوروبية للإعلانات على X!

- تصاعد الخلاف بين إيلون ماسك والاتحاد الأوروبي بسبب غرامة منصة X.
- تعطيل حساب المفوضية للإعلانات بعد نزاع حول معايير التحقق الرقمي.
- تصريحات حادة لماسك اتهم خلالها الاتحاد الأوروبي بالتضييق على حرية التعبير.
- الجدل يعكس توترًا متناميًا حول تنظيم المحتوى داخل الفضاء الرقمي العالمي.
شهدت الأيام الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في التوتر بين منصة X المملوكة لإيلون ماسك وبين المفوضية الأوروبية بعد غرامة كبيرة فرضتها بروكسل على المنصة بسبب ما وصفته المفوضية بتصميم مضلل لعلامات التوثيق الزرقاء.
تزامنت الغرامة مع قرار تقني داخل X بتعطيل حساب المفوضية المخصص للإعلانات على المنصة بحجة خرق معايير الواجهة الإعلانية. وامتد الخلاف إلى مستوى سياسي بعد تصريحات لماسك تضمنت تشبيهات حادة اعتبر خلالها الاتحاد الأوروبي كيانًا استبداديًا وشبهه بـ «ألمانيا النازية» ضمن نقاش عبر المنصة.
خلفية الغرامة الأوروبية
فرض الاتحاد الأوروبي غرامة بلغت نحو 120 مليون يورو بعد تحقيق استمر نحو عامين تحت قانون الخدمات الرقمية. واعتبرت المفوضية أن السماح بالحصول على علامة التوثيق مقابل اشتراك مدفوع جعل المستخدم العادي يجد صعوبة في التمييز بين الحسابات الموثوقة وغير الموثوقة. كما أشارت المفوضية إلى أن هذا الخلل يسهل انتشار محتوى يفتقد إلى الدقة ويصعب مهمة المستخدمين في فهم مصدر المعلومات.
استندت الجهات التنظيمية الأوروبية إلى قواعد قانون الخدمات الرقمية الذي ألزم المنصات الكبرى بتحمل مسؤولية أوسع تجاه المحتوى وطريقة عرضه وآليات التحقق من هوية الناشرين. وقد شهد هذا القانون جدلًا واسعًا منذ تبنيه لأن الاتحاد الأوروبي حاول من خلاله الحد من انتشار المعلومات المضللة وتقليل المخاطر السياسية والاجتماعية الناتجة من تزييف الحسابات والهوية الرقمية.
وفي هذا السياق، شهدت نهاية الأسبوع موجة منشورات نشطة لماسك عبر منصة X حيث انتقد طريقة تعامل بروكسل مع المنصات الرقمية. ووصف ماسك الاتحاد الأوروبي بأنه بيروقراطية غير منتخبة تتعامل مع القوانين بوصفها أداة لاحتكار التنظيم الرقمي داخل القارة.
كما اعتبر أن هذه السياسات تؤثر على الابتكار وتحد من قدرة الشركات التكنولوجية على التطوير داخل أوروبا. ولفت الانتباه إلى فيديو سابق له صوره داخل مقر الاتحاد الأوروبي واصفًا المبنى بأنه كيان بيروقراطي ضخم يبطئ التقدم.
تابع ماسك دعم منشورات من مستخدمين شبهوا الاتحاد الأوروبي بأنظمة سلطوية كما أعاد نشر رسائل تدعو إلى استفتاءات في الدول الأعضاء حول الاستمرار داخل الاتحاد. ظهر هذا الخطاب كمؤشر على انتقال الجدل من الجانب التقني إلى مستوى النقاش السياسي حول طبيعة الاتحاد نفسه وحول الحدود التي ينبغي ألا تتجاوزها المؤسسات الأوروبية في تنظيم المنصات الرقمية.
تعطيل حساب المفوضية للإعلانات
تزامن الجدل مع إعلان مسؤولين داخل X عن تعطيل الحساب الإعلاني الخاص بالمفوضية الأوروبية. بررت الشركة الإجراء بوجود نشاط وصفته بأنه خرق لشروط استخدام أداة الإعلانات حيث استخدمت المفوضية أسلوبًا اعتبرته المنصة خداعًا للمستخدمين عبر تصميم منشور يوحي بأنه محتوى مرئي في حين أنه لم يكن كذلك.
أكدت تقارير إعلامية أن الحساب المذكور كان خاملًا في فترات عديدة إلا أن تعطيله جاء في توقيت حساس ما أثار تساؤلات حول العلاقة بين هذا القرار والغرامة المفروضة على X.
أشارت تقارير أخرى إلى أن منصات إعلامية ربطت الحدث بتصعيد سياسي وليس بقرار تقني فقط لأن الخطاب المصاحب لتعطيل الحساب تزامن مع اتهامات ماسك للمفوضية بمحاولة تقييد حرية التعبير. ونقلت وسائل إعلام عالمية وصف ماسك للاتحاد الأوروبي بـ «ألمانيا النازية» ضمن ردوده على مستخدمين.
التزمت المفوضية الأوروبية الصمت خلال الساعات الأولى ولم تصدر تعليقًا مباشرًا على منشورات ماسك. وركزت تصريحاتها الرسمية على مضمون الغرامة وأبعادها القانونية من دون الدخول في جدل سياسي موسع.
في الولايات المتحدة ظهرت أصوات سياسية علقت على الموقف بينهم نائب الرئيس جي دي فانس الذي اتهم الاتحاد الأوروبي باستهداف الشركات الأمريكية. وارتفع مستوى الجدل ليتجاوز الجانب التقني ويقترب من ملف العلاقات العابرة للأطلسي في اقتصاد التكنولوجيا.
تتابعت تحليلات ربطت الجدل بالاختلافات التنظيمية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حول قضايا حرية التعبير والمحتوى الرقمي. فمعظم المحللين ينظرون إلى قانون الخدمات الرقمية بوصفه محاولة أوروبية للسيطرة على الفضاء الرقمي ومنع تحوله إلى مساحة لنشر التضليل في مواسم انتخابية أو في سياقات دولية حساسة.
سياق أوسع للنقاش العالمي
يتزامن الجدل مع توجه عالمي نحو فرض قواعد أشد على شركات التكنولوجيا الكبرى، حيث تتعامل دول عديدة مع ملف البيانات والتحقق والمعلومات المضللة بوصفه ملفًا أمنيًا واجتماعيًا. كما تعتمد الحكومات مسارات تشريعية تنقل جزءًا من المسؤولية إلى الشركات المالكة للمنصات وتلزمها بضمانات إضافية لحماية المستخدمين.
يزيد هذا التوجه من احتمالات الصدام بين أصحاب المنصات والجهات الحكومية في المستقبل خصوصًا مع توسع تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتزايد الاعتماد على المنصات في تشكيل الرأي العام.
أرى أن الخلاف بين ماسك والاتحاد الأوروبي يُقدم مثالًا واضحًا على تعقيد العلاقة بين الابتكار والتنظيم وعلى صعوبة تحقيق توازن بين حرية التعبير وضرورة حماية المستخدمين من المخاطر الرقمية. كما يبدو واضحًا أن هذه المواجهة لم تنته بعد وأن المرحلة المقبلة قد تشهد جدلًا أوسع حول حدود التنظيم المناسب للفضاء الرقمي داخل أوروبا وخارجها.
