فنون

المكالمة الأخيرة.. سهرة إذاعية تقدم تجربة جديدة في قاعة السينما


الشيماء أحمد فاروق


نشر في:
السبت 21 سبتمبر 2024 – 5:30 م
| آخر تحديث:
السبت 21 سبتمبر 2024 – 5:30 م

نظمت سينما زاوية بالتعاون مع شبكة بودراما كاست للمحتوى المسموع لقاء مفتوحا مع الجمهور، تميز باختلافه عن باقي الأعمال المعروضة في السينما، حيث تم بث حلقة إذاعية على الجمهور داخل قاعة السينما، في تجربة جديدة من نوعها، لحصد ردود فعل آنية ومباشرة بعد العرض وفتح نقاش حول العمل الفني المعروض.

وقد عرض ضمن مشروع أعمال “بودراما كاست” وبودكاست “سهرة إذاعية”، الفيلم القصير “المكالمة الأخيرة”، تأليف سمر عبدالعاطي، وإخراج أحمد عادل، هندسة صوتية عبدالرحمن حسام.

وقالت ندى رياض، المدير التنفيذي والمؤسس لبودراما كاست، قبل عرض السهرة الإذاعية: “بودراما ما كاست هي شركة تنتج وتوزع المحتوى المسموع بأنواع مختلفة، مثل البرامج والسهرات الإذاعية، اخترنا إنتاج سهرات درامية مؤخراً لكي نتواصل مع الجمهور الحالي ونعيده لذكريات السهرات الإذاعية القديمة، ونربط الناس بالسهرات كما كان في الماضي ولكن بشكل حديث، وحاولنا استحضار هذه الروح من خلال إطار جديد وهو البودكاست -الصورة الجديدة للإذاعة- أما عن سؤال لماذا أقمنا حفلة استماع في السينما؛ لأن الأوديو دراما يوجد بها مؤثرات صوتية كثيرة جدا والسينما أفضل مكان لعرض أمر مثل ذلك، لكي يشعر به الجمهور بدرجة أكبر”.

كما فتح نقاش حول السهرات الإذاعية ومدى اهتمام الجمهور الحالي به، وهل هناك من يستمع للإنتاجات القديمة منها المتاحة على اليوتيوب أو منصات أخرى حالياً، وتفاعل الحاضرون مع هذه الأسئلة برود فعل مختلفة.

المكالمة الأخيرة.. حكاية إنسانية عن الصداقة والوفاء

تدور أحداث السهرة الدرامية حول شخصية توفيق، وهو رجل مسن يعيش بمفرده في المنزل، منعزل أغلب الوقت عن العالم من حوله، يرفض الخروج أو الحديث إلا مع زوجته، التي لا نستمع لصوتها في البداية، ولكن دائماً يشعر الجمهور أنه يتحدث لها ويتناقش معها، ثم يتضح أنها غير موجودة من الأساس، فقد رحلت منذ سنوات، ولكن توفيق يعيش حالة نكران لهذا الرحيل، ولا يرغب في الخروج من قوقعته وكأنه سجن روحه معها داخل مثواها الأخير.

على الجانب الآخر من الحكاية يوجد صالح، صديق توفيق وجاره، يحاول اختراق هذه القوقعة وتدميرها، من أجل صديقه، ولكن توفيق يرفض كل محاولات صالح لإعادته إلى الدنيا مرة أخرى، بل ويعامله بحدة في بعض الأحيان.

ومن هذا الاختلاف يولد الصراع الخفي، الذي لن يكتشف المستمع حقيقته وأنه هو المحرك الحقيقي للحدث داخل القصة الدرامية إلا في النهاية، التي تكشف عن مدى حب الصديق (صالح) لصديقه وفهم حالته النفسية.

يتعرض توفيق لخديعة نُصبت له ليلة رأس السنة، حيث تدور الأحداث عام 1996، وهذا الموقف يقلب حياته، ويجعله يخرج من شرنقته إلى الشارع يبحث عن منقذ، ولكن لا يصل إلى أي شيء، وهذه الرحلة التي يدور داخلها توفيق لكي يجد صاحب الصوت الذي أخبره بالانتحار في الهاتف، لا يجد فيها سوى ذاته في نهاية المطاف.

اتسمت الحكاية الإذاعية بالتشويق والغموض، بالإضافة إلى كثير من المشاعر الإنسانية مثل الحب والوفاء والدفيء في المنازل القديمة، وكثير من النوستالجيا، الذي أصبح يميل لها الكثير من المشاهدين حاليا، من خلال أصوات الراديو التي تعبر عن المرحلة الزمنية، واستخدام دليل التلفونات وبعض المصطلحات في أحاديث الشخصيات، ومن أكثر الاختيارات على مستوى شريط الصوت التي وفق فيها صناع العمل هو اختيار أغنية يا دنيا يا غرامي لـ محمد عبد الوهاب، الأغنية الأساسية المعبرة عن الشخصية في نهاية الفيلم.

حاجة الإنسان للاستماع لن تُستبدل

بعد الانتهاء من عرض الفيلم فتح نقاش آخر مع الجمهور وصناع العمل، حيث تفاعل الحاضرون مع سمر وأحمد وعبد الرحمن، ودارت أحاديث عن تفاصيل العمل وما أعجب الجمهور به، وهل هناك سلبيات أو تعليقات معينة يحب البعض توجيهها لصناع السهرة.

وعلى هامش فعالية الاستماع، قال أحمد عادل لـ الشروق: “زمان الناس لم يكن لديهم وسائل ترفيه متعددة، كانت الدراما الإذاعية المتنفس الوحيد، ورغم كثرة الوسائل حالياً لكن سوف يظل هناك جاب/مساحة فارغة لن يملأها غير الإذاعة أو الشكل الحديث البودكاست”، ووجه عادل التحية إلى المؤلفة سمر عبد العاطي، وقال:”فكرة وقصة الحلقة خلتني ادمع لما قرأت السيناريو”.

وأضاف: “تجربة سمر أول تجربة للإذاعة، ودا كان بنسبالي تحدي، فيه تحديات في الكتابة بيكون ليها معالجات في الصوت، لكن لما سمر كتبت كتابتها أشعرتني إنها كتابة من السينما للإذاعة، هي كانت مركزة في كل تفصيلة في السيناريو، كانت كاتبة بعمق لدرجة الضوضاء والدوشة في خلفية المشاهد مكتوبة في الإسكريبت، وعشان كدة هنتعاون في مشروع جديد يتم كتابته والتحضر له حالياً، سوف يكون ضمن حلقات بودكاست سهرة إذاعية”.

أما عن مشروع “سهرة إذاعية، قال عادل: “سهرة إذاعية هو مشروع مهتم باسترجاع نوستالجيا زمان، وفي نفس الوقت قائم على فكرة أفلام قصيرة منفصلة، أي المشاهد قادر على استماع كل حلقة بمفردها، وبدأنا بقصة عن قاتل متسلسل، ثم حلقة فانتازيا، ثم حلقة اجتماعية، ووجدنا ردود فعل كبيرة على هذه الحلقة، لذلك قررنا عمل موسم كامل من الحلقات ذات الطابع الاجتماعي، لأننا نقيس ردود الفعل وإحصائيات المشاهدات وعدد مرات تحميل الحلقات، ومشاهداتنا مليونية على منصات الاستماع، الناس عايزة تسمع، وعايزة تسمع اجتماعيات تحديداً”.

وأوضح: “إحنا بنجرب، وقررنا المرة دي العرض في سينما ونجمع رد فعل الناس مباشرة، وممكن نكرر التجربة في قاعة أكبر ومش بعيد يكون خارج مصر كمان، والناس بتتفاعل ومبسوطين ودي حاجة مهمة بالنسبالنا ” .

كانت سمر قد كتبت وأخرجت أول فيلم لها باسم “كماشة” منذ فترة، كما أنها عملت مساعد مخرج في أفلام أخرى، لكنها فجأة ذهبت للعمل الإذاعي، وعن هذا التغير قالت لـ الشروق: “في الحقيقة عندي إجابتين للموضوع دا، الأولى إني أجرب شيء جديد وتحدي بالنسبالي إني أكتب للصوت فقط، لأني متعودة أكتب للصورة، وكمان التجربة مع بودراما كاست مفيدة لأنهم ناس بيجتهدوا وبيشتغلوا على نفسهم، أما الإجابة التي أشعر بها فعلا، هي إني ككاتبة مليش في الإذاعة خالص، وطول الوقت بكتب سيناريو سينما، من زمان جداً من وأنا صغيرة، كل الحكاية إني عايزة أعمل شغل يظهر للنور في الكتابة الدرامية، وفي الاخراج، وعملت أول فيلم-كماشة- اجرب نفسي واتعلم في الأفلام، لكن لما جتلي فرصة إن شغلي يتنفذ حتى لو إذاعة عملتها، عشان شغلي يوصل للناس”.