فنون

فيروز تهمس بحبها لمصر في لقاء قصير مع السفير المصري خلال وداع زياد

وسط حضور مهيب من الشخصيات السياسية والفنية وجمهور غفير، ودّعت السيدة فيروز ابنها زياد الرحباني في جنازة امتزجت فيها الزغاريد بالدموع، والورود بالحزن.

جلست النجمة اللبنانية الكبيرة فيروز في صمت ثقيل، تُمسك يد ابنتها ريما، وعيناها تروي الكثير من الحزن دون أن تنطق. وجهها بدا شاحبًا، لكنه لا يزال يحمل تلك الهيبة العتيقة التي لم تفقد بريقها حتى في عزّ الألم.

خلال تلقيها العزاء في الكنيسة، زار السفير المصري لدى لبنان، علاء موسى، السيدة فيروز لتقديم واجب التعزية. وبرقةٍ خافتة، همست له النجمة بكلمتين فقط: "أنا بحب مصر".

كلمتان حملتا ما لا تستطيع الجنازات أن تنطق به، وتجاوزتا حدود الحزن إلى رسالة محبة صافية، تنبع من فنانة لطالما وحّدت قلوب العرب على نغمة واحدة.

بحسب ما روته الإعلامية المصرية لميس الحديدي، فإن تلك اللحظة التي جمعت فيروز بالسفير كانت مشحونة بالصمت والرهبة. لم تردّ السيدة العظيمة إلا بتلك العبارة الموجزة، التي أثبتت أن الفن لا يُنسى، والعلاقات الثقافية بين الشعوب لا تموت، حتى وإن لفّ الحزن المكان.

كان وداع الموسيقار زياد الرحباني يوم الإثنين مشهدًا لا يُشبه سواه. تجمهر الآلاف منذ ساعات الصباح الأولى أمام مستشفى خوري في بيروت، يحملون صوره ويلوحون بالورود، مصفقين له في لحظة وداع أخيرة، امتدت حتى شارع الحمراء حيث انطلق موكب التشييع وسط الزغاريد ونثر الزهور.

خلال الجنازة، ظهر العديد من نجوم الفن والسياسة، من بينهم رئيس الوزراء نواف سلام والفنانون راغب علامة، نجوى كرم، كارول سماحة. مشهد مؤثر جمع فيروز بالفنانة ماجدة الرومي، التي انهارت بالبكاء عند رؤيتها وقبّلت يدها، محاولة احتواء الألم الذي بدا واضحًا على ملامح جارة القمر.

الفنانة كارمن لبس أصرّت على وداع زياد بطريقة شخصية للغاية، فاحتضنت نعشه وظلت تبكي بصمت طويل. فيما منح الرئيس اللبناني جوزيف عون الموسيقار الراحل وسام الأرز الوطني برتبة كومندور، تقديرًا لإسهاماته الموسيقية والمسرحية.

في ظل الحزن العارم، تعالت الأصوات في لبنان للمطالبة بإعلان يوم حداد رسمي على روح زياد الرحباني، تقديرًا لمكانته في المشهد الثقافي اللبناني والعربي. وقد نشر عدد من الفنانين والمبدعين دعوات على منصات التواصل الاجتماعي بهذا الشأن، من بينهم الفنانة حنان حاج علي.

ولد زياد في 1 يناير 1956، ونشأ في بيت هو أشبه بورشة فنّ حيّة بين والدته فيروز ووالده عاصي الرحباني. لكنه سرعان ما كوّن هويته الفنية المستقلة، وأصبح من أبرز رموز المسرح السياسي الساخر والموسيقى الحديثة في العالم العربي. أدخل الجاز إلى النغمة الشرقية، وانتقد الواقع بذكاء وسخرية، وكان صوته من الأصوات اليسارية الجريئة في الفن العربي.

في تلك اللحظات الثقيلة داخل كنيسة بكفيا، لم تكن فيروز تودّع ابنها فحسب، بل تودّع شريكًا فنيًا وإنسانيًا ترك أثرًا لا يُمحى. وبينما تهمس هي لمصر، كان كل العرب يهمسون لها بالدعاء، بالصبر، وبالامتنان. لأن من لا تزال تحتفظ بجذوة الفن في عينيها، حتى وسط الفقد، هي فيروز.. السيدة التي لا تُشبه أحدًا.

قد يهمك أيضــــــــــــــا

أبرز إطلالات فيروز أيقونة الأناقة الراقية خلال مشوارها الفني

بيروت تشيع زياد الرحباني وسط مشاعر حزينة من فيروز والمراسم تقام في المحيدثة بكفيا