الاتحاد الأوروبي يحسم موقفه من تهديدات ترمب الجمركية بين خيار التوصل إلى اتفاق سريع وتفادي التصعيد أو الدخول في مواجهة تجارية شاملة

يعتزم زعماء الاتحاد الأوروبي، خلال اجتماع مرتقب في بروكسل، إبلاغ المفوضية الأوروبية بموقفهم النهائي بشأن كيفية التعامل مع أزمة الرسوم الجمركية التي تهدد العلاقات الاقتصادية بين التكتل والولايات المتحدة، وذلك بعد تهديدات متصاعدة من الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 50% على واردات أوروبية، في حال عدم التوصل إلى اتفاق تجاري بحلول 9 يوليو المقبل.
ووفقًا لمسؤولين ودبلوماسيين أوروبيين، فإن غالبية زعماء دول الاتحاد يميلون نحو إبرام اتفاق تجاري سريع مع واشنطن لتفادي تفاقم النزاع التجاري، مع الإبقاء على هامش المناورة لإعادة التوازن لاحقًا من خلال تدابير تعويضية. ويعتبر هذا الخيار الأكثر واقعية في ظل تصاعد التوترات الاقتصادية الدولية والمخاوف من دخول مرحلة مواجهة شاملة قد تؤثر سلبًا على الاقتصاد الأوروبي.
وفي المقابل، تتصاعد أصوات داخل التكتل تدعو إلى الرد بحزم في حال نفذت الإدارة الأميركية تهديداتها، حيث أعلن الاتحاد الأوروبي استعداده لفرض رسوم جمركية مضادة على منتجات أميركية، أبرزها طائرات شركة بوينج. وقال ستيفان سيجورني، رئيس قطاع الصناعة في الاتحاد الأوروبي، في تصريح لـ"بلومبرغ"، إن التكتل "سيكون مضطرًا لإعادة التوازن في بعض القطاعات الرئيسية إذا أصرت الولايات المتحدة على فرض صفقة غير متكافئة".
ويجري تنسيق مكثف بين كبار المسؤولين التجاريين في بروكسل وواشنطن في محاولة لتفادي التصعيد، بعد قرار ترمب تأجيل فرض الرسوم الأولية بغرض إعطاء مساحة إضافية للمفاوضات. وتتحمل المفوضية الأوروبية مسؤولية التفاوض التجاري نيابة عن الدول الأعضاء، وهي تستعد لعرض خيارات متعددة أمام القادة الأوروبيين لاتخاذ القرار النهائي قبيل انقضاء المهلة الأميركية.
في الوقت الراهن، تخضع صادرات الاتحاد الأوروبي لرسوم جمركية أميركية مرتفعة تصل إلى 50% على الصلب والألمنيوم، و25% على السيارات وقطع الغيار، و10% على غالبية السلع الأخرى. وتُهدد الإدارة الأميركية بمضاعفة هذه الرسوم ما لم يُبرم اتفاق شامل قريبًا.
وتشير تقديرات إلى أن الاتحاد الأوروبي قد يفرض رسومًا جمركية على واردات أميركية بقيمة 21 مليار يورو، لكنه لم يُقرر بعد تفعيل هذه الخطوة، بانتظار ما ستُسفر عنه محادثات القمة. وتُناقش داخل أروقة التكتل أيضًا حزمة جديدة من الرسوم قد تصل إلى 95 مليار دولار، لكنها لا تزال محل جدل بين الدول الأعضاء.
في إطار جهود إعادة التوازن للعلاقة التجارية، يبحث الاتحاد الأوروبي خيارات تتجاوز الرسوم الجمركية التقليدية، مثل فرض ضريبة على الإعلانات الرقمية، ما قد يوجه ضربة مباشرة لكبرى شركات التكنولوجيا الأميركية مثل:
ألفابت (الشركة الأم لـ Google)
ميتا
أبل
إكس (تويتر سابقًا)
مايكروسوفت
وتسعى هذه الخطوة لتقليص الفائض الأميركي في قطاع الخدمات الرقمية الذي يصب في مصلحة واشنطن، بينما يحتفظ الاتحاد الأوروبي بفائض تجاري في قطاع السلع.
من الجدير بالذكر أن القادة الأوروبيين سيصلون إلى قمة بروكسل بعد مشاركتهم في قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) التي عُقدت في لاهاي، والتي سادها جو من التوافق الأمني والسياسي، الأمر الذي يُضعف رغبة العديد منهم في الدخول بصدام اقتصادي مباشر مع واشنطن.
وفي ضوء تلك المعطيات، ستتوجه المفوضية الأوروبية بسؤال صريح لقادة الدول: هل يفضلون اتفاقًا سريعًا غير متكافئ يمكن تعديله لاحقًا، أم تصعيدًا اقتصاديًا قد تكون له عواقب ثقيلة على الصناعات الأوروبية وأسواق التصدير؟
تبقى الأيام المقبلة حاسمة في تحديد مستقبل العلاقات التجارية بين الضفتين، في ظل ضغوط سياسية واقتصادية داخلية وخارجية على قادة الاتحاد الأوروبي، بينما يبقى ترمب متمسكًا بخياراته التصعيدية ما لم يحصل على اتفاق "عادل" من وجهة نظره. ومع اقتراب 9 يوليو، تبدو بروكسل أمام اختبار حقيقي بين الواقعية السياسية والكرامة الاقتصادية.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
المركزي الأوروبي سيخفض الفائدة عندما يتجه التضخم إلى نسبة 2% المستهدفة
رئيسة البنك المركزي الأوروبي تنفي التوجه إلى خفض الفائدة