اقتصاد

الركود يجبر المنتجين على بيع السلع بأسعار أقل من تكلفة الإنتاج.. والدواجن والأجهزة الكهربائية والهواتف أبرز المتضررين


محمد فوزي :


نشر في:
الجمعة 12 ديسمبر 2025 – 4:23 م
| آخر تحديث:
الجمعة 12 ديسمبر 2025 – 4:23 م

فؤاد: السوق المحلية مازالت تمتص صدمة الفوائد المرتفعة خلال العامين الماضيين

المنوفي: شركات تراجعت عن رفع أسعارها بسبب ضعف المبيعات

 

رغم انخفاض معدلات الفائدة والتضخم، خلال العام الجاري، إلا أن أغلب المنتجين والتجار في مختلف القطاعات، يشتكون من الركود الحاد الذي يسيطر على الأسواق المحلية، مشيرين إلى وجود تراجع حاد في المبيعات، بنسبة تصل إلى 60% في بعض القطاعات، وهو ما دفعهم للبيع بأسعار تقل عن تكلفة الإنتاج الفعلية.

وأرجع عدد من خبراء الاقتصاد في تصريحات لـ«الشروق»، الركود الذي يسيطر على الأسواق إلى ضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين، وتآكل الدخول بسبب ارتفاع أسعار الخدمات الأساسية كالإيجارات السكنية، والمواصلات، والأدوية.

المواد الغذائية تعاني من ركود شديد

يقول إسلام متولي، صاحب أحد السلاسل التجارية بمحافظتي القاهرة والقليوبية، إن قطاع المواد الغذائية يُعاني من ركود شديد منذ بداية العام الجاري، بالرغم أنه يُعد قطاعا حيويا واستراتيجيا، لا غنى عنه.

وأضاف لـ«الشروق» أن هناك تراجعا في حجم المبيعات يصل إلى 35% مقارنة بالظروف الطبيعية، متابعا: «المستهلك اتجهوا لشراء الضروريات فقط، وبكميات قليلة جدا».

من جانبه قال أحمد المنوفي، أحد منظمي المعارض السلعية، أحد منظمي المعارض السلعية والمبادرات الحكومية على مستوى الجمهورية، إن بعض شركات المنتجات الغذائية تُحاول رفع الأسعار منذ عدة أشهر، ولكن الركود يقف حائط سد أمامهم.

وأضاف لـ«الشروق» أن هناك شركات في قطاع الزيوت والألبان، رفعت أسعارها بالفعل في بداية نوفمبر الماضي، بنسبة تتراوح بين 10 و20%، ولكنها تراجعت مرة أخرى، بسبب ضعف القوة الشرائية لدى المستهلكين.

بيع الدواجن وبيض المائدة بأقل من التكلفة

وتُباع الدواجن وبيض المائدة، في الأسواق المحلية، خلال الفترة الحالية، بأسعار أقل من تكلفة الإنتاج بنسبة 14%، بسبب الركود، وضعف المبيعات، مع عودة معدلات الإنتاج إلى مستوياتها الطبيعية، بحسب عبد العزيز السيد، رئيس شعبة الثروة الداجنة بغرفة القاهرة التجارية.

ووفقا للسيد، فإن أسعار الدواجن سجلت خلال ديسمبر الجاري، أدنى مستوى لها منذ أكثر من 33 شهرا، فيما هبطت أسعار بيض المائدة إلى أقل سعر منذ عامين تقريبا.

الأجهزة الكهربائية تشهد ركودا غير مسبوق

ويعاني قطاع الأجهزة الكهربائية والأدوات المنزلية، من تراجع في حجم المبيعات بنسبة تصل إلى 60%، مقارنة بالظروف الطبيعية، بحسب جورج زكريا، رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية بغرفة الجيزة التجارية.

وقال زكريا لـ«الشروق» إن المستهلكين ينتظرون تراجعا أكبر في أسعار الأجهزة المعمرة تزامنا مع هبوط سعر صرف الدولار، لذلك فإنهم يؤجلون قرار الشراء في الوقت الحالي، متابعا: «الأسعار الحالية بالرغم من انخفاضها بنحو 50% مقارنة بعام 2023، إلا أنها ما زالت أعلى بكثير من القدرة الشرائية لأغلب المستهلكين».

وقال محمد هداية، رئيس شعبة المحمول بغرفة القاهرة التجارية، لـ«الشروق»، إن تُجار القطاع يضطرون إلى بيع البضاعة بأسعار أقل من الجملة، حتى يتمكنوا من تسيل الأموال، لسد احتياجاتهم الأساسية، مرجعا ذلك إلى ضعف حركة المبيعات.

ضعف القدرة الشرائية للمواطنين يؤثر على الأسواق

وقالت يمن الحماقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، إن السبب الرئيسي وراء الركود الحالي هو ضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين.

وأضافت أن مستويات الأسعار في مختلف السلع ارتفعت بنسبة كبيرة جدا مقارنة بالأجور، مشيرة إلى أن هناك سلعا ارتفعت أسعارها بنسبة 1000% خلال عامين فقط، في حين أن الأجور لم ترتفع بالقدر المماثل.

وتتوقع أن تنشط الأسواق مرة أخرى، مع بداية العام المقبل، في ظل تحسن سعر الصرف، وتراجع معدلات التضخم، مشترطة أن لا يكون أي قرارات حكومية تمس تكلفة الإنتاج والمواد الخام.

وقال مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي، يوم الأربعاء الماضي، إن الحكومة تستهدف خفض معدلات التضخم إلى 8% خلال النصف الثاني من 2026، مؤكدا عدم اتخاذ أي إجراءات قد تعرقل الوصول إلى هذا الهدف.

صدمة الفوائد المرتفعة

وقال محمد فؤاد، الخبير الاقتصادي، إن الأسواق المحلية مازالت تمتص صدمة العامين الماضيين من الفوائد المرتفعة، مشيرا إلى خفض الفائدة بـأكثر من 6% خطوة مهمة، لكن تأثيرها على النشاط الحقيقي عادة ما يتأخر لمدة تتراوح بين 6 و 12 شهرًا.

وأضاف فؤاد خلال تصريحاته لـ«الشروق» أن هناك ضعفا في القوة الشرائية وانخفاض في حجم الطلب بنسبة كبيرة، حيث تعرضت الطبقة المتوسط لضغط غير مسبوق بسبب تآكل الدخول بفعل التضخم لسنوات متتالية وارتفاع أسعار الخدمات الأساسية كالكهرباء والمواصلات.

ويرى أن أغلب الشركات، خاصة في قطاعات السلع المعمرة، لديها مخزون من السلع باهظ التكلفة، وراكد منذ عامين تقريبا، لذلك لم نشهد انخفاض ملحوظ في الأسعار حتى الآن، بالرغم من تراجع مستويات الدولار.

وذكر فؤاد أن السوق لن تنشط مجددا، إلا بعد تثبيت توقعات السياسة الاقتصادية عن طريق خطاب اقتصادي واضح، مع خارطة طريق معلنة للمسار الاقتصادي، بالإضافة إلى وضع حوافز ضريبية وجمركية محددة لفترة انتقالية مثل إعفاءات جمركية جزئية للسلع الرأسمالية وإعفاءات مؤقتة لقطاع العقارات منخفض التكلفة.