صندوق النقد ورئيس الوزراء يكشفان خطط مصر لمواجهة الديون

تعد قضية الدين العام واحدة من أكثر الملفات الاقتصادية حساسية في مصر خلال السنوات الماضية، إذ بلغت نسبته نحو 100% من الناتج المحلي الإجمالي في ذروتها، مع ارتفاع كلفة خدمته إلى مستويات قياسية قيدت الإنفاق الاجتماعي والاستثماري. وفي تصريحات حديثة، تعهد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي بعكس هذا الاتجاه خلال السنوات المقبلة، مستندًا إلى تحسن مؤشرات الاستقرار الكلي ومراجعات صندوق النقد الدولي الأخيرة.
خلال مؤتمر صحافي عقده رئيس الوزراء عقب انتهاء بعثة صندوق النقد الدولي من المراجعتين الخامسة والسادسة من برنامج "التمويل الممتد"، أوضح مدبولي أسباب التوسع في الاقتراض خلال السنوات الماضية، مؤكداً أن الاستدانة كانت مبررة لتمويل سلسلة من الاستثمارات القاعدية لبناء دولة حديثة بعد سنوات من تراكم الاختلالات في قطاعات الكهرباء والإسكان والصرف الصحي والطرق، بالتوازي مع صدمات خارجية غير مسبوقة مثل جائحة كوفيد-19، حرب أوكرانيا، واضطرابات حركة الشحن في البحر الأحمر.
وأشار إلى أن قدرات مصر الإنتاجية من الكهرباء قبل عام 2014 تراوحت بين 22 ألف و24 ألف ميغاوات، بينما وصل الطلب في الصيف الماضي إلى 39 ألف ميغاوات، ما كان سيؤدي إلى انقطاعات تصل إلى 12 ساعة يومياً لولا تعزيز القدرات الإنتاجية. كما تراجع إنتاج الغاز المحلي، ما دفع الحكومة إلى إبرام صفقة لاستيراد الغاز بقيمة 35 مليار دولار لعقود طويلة، مع خطة لزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة لتغطية 42% من الكهرباء بحلول 2030.
وفي قطاع الإسكان، نفذت الحكومة 1.5 مليون وحدة سكنية وأزالت مناطق خطرة، مع استثمارات كبيرة ضمن مبادرة "حياة كريمة" وصلت إلى نحو 350 مليار جنيه لتحسين البنية التحتية والخدمات لحوالي 18 مليون مواطن في 1,477 قرية، ما أسهم في حل مشاكل الإسكان الريفي وتحسين حياة الأسر منخفضة الدخل. كما توسعت الحكومة في مشاريع الصرف الصحي، حيث ارتفعت التغطية في القرى من 12% إلى 65%، مع خطة للوصول إلى التغطية الكاملة قريبًا.
وفي قطاع الصحة، نفذت مصر 2.8 مليون عملية جراحية بأسعار رمزية للمواطن، منها عمليات زراعة كبد وقلب مفتوح، كما أطلقت مبادرات للقضاء على فيروس سي. وفي التعليم، انخفضت كثافة الفصول إلى أقل من 50 طالبًا، كما ارتفع عدد الجامعات من 50 إلى 120 جامعة.
اختصر مدبولي سبب الاقتراض في كونه مبررًا لبناء الدولة الحديثة، مؤكداً أن الدولة كانت على دراية بكيفية سداد الديون، رغم الصدمات الخارجية غير المتوقعة التي أثرت على جميع دول العالم. وأوضح أن الدين العام انخفض من 96% قبل سنتين إلى 84% حاليًا، مع خطة لخفضه إلى أدنى مستوى خلال 50 سنة، مع التركيز على استثمار الفائض المالي في استكمال المشروعات ودعم المواطن من خلال مبادرة "حياة كريمة".
ورغم تحقيق فائض أولي قياسي بلغ 3.6% من الناتج المحلي في 2024/2025، ما يزال بند خدمة الدين يلتهم حصة كبيرة من الإنفاق، ما يفسر جزءًا من اللجوء للاستدانة لتسديد ديون سابقة دون وجود موارد كافية.
من جهته، حدد صندوق النقد الدولي أربع ركائز لدعم استدامة الدين في مصر، تشمل الحفاظ على فائض أولي ≥3.5% من الناتج المحلي، اتباع سياسة نقدية مشددة تتحول تدريجيًا لتيسير مدروس، تنفيذ برنامج لتقليل دور الدولة وتوسيع القطاع الخاص، وتمديد آجال الدين الداخلي عبر سندات أطول وصكوك محلية.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
صندوق النقد يحث الصين على إصلاحات هيكلية عاجلة لتعزيز النمو
صندوق النقد الدولي يؤكد تفوق أداء اقتصاد الإمارات في 2025 بدعم نمو أبوظبي
