اخر الاخبار

انتقادات إسرائيلية لـ«سذاجة» بولر: ما هكذا تُكـسر «حماس»…

 تقتصر ردود الفعل الإسرائيلية الغاضبة من اللقاء الذي جمع مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب لشؤون الرهائن، آدم بولر، ومسؤولين من «حماس»، على وزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، الذي عبّر في مكالمة هاتفية وُصفت بـ»الصعبة»، مع بولر، عن استيائه من اللقاء المشار إليه، لافتاً إلى أنّه جاء «من دون موافقة إسرائيل» – على الرغم من زعم الأخيرة، في وقت سابق، أنّها على «تنسيق تام» مع الولايات المتحدة حول مفاوضات الأسرى -؛ بل سرعان ما تعرّض بولر لهجمة عنيفة من عدد من المسؤولين الإسرائيليين ووسائل إعلام عبرية على حدّ سواء، بعدما عمدت، الأخيرة، إلى «تفنيد» تصريحاته، واصفةً إياها بـ»الساذجة».

وبعدما كثرت، في الأيام الماضية، «إطلالات» بولر الإعلامية، والتي لم يستبعد خلالها استئناف اللقاءات مع «حماس»، أكّد وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، أنّ مبعوث «الرهائن» الأميركي تواصل، حتى اللحظة، مع «حماس» لمرة واحدة، مشيراً إلى أنّه «أتيحت له فرصة التحدث مباشرة مع شخص لديه سيطرة على الرهائن، لكنّ المحاولة لم تؤت ثمارها». وأردف روبيو أنّ الوسيلة «الأساسية» للتفاوض ستكون من خلال المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، وعمله مع قطر، في وقت يعتزم فيه الأخير، السفر، اليوم، إلى الدوحة، في محاولة للدفع قدماً باتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والذي لا يفتأ يواجه عقبات متتالية.

ومن بين المسؤولين الإسرائيليين الذين هاجموا الخطوة الأميركية أخيراً، وزير الزراعة الإسرائيلي وعضو مجلس الوزراء الأمني، آفي ديختر، الذي وصف تلك الخطوة، في مقابلة إذاعية عبر «راديو إسرائيل» أمس، بـ»السيئة والخطرة والإشكالية للغاية»، ولا سيما أنّها تأتي «من دون معرفة من الجانب الإسرائيلي أو تنسيق معه». كذلك، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن العضو في «الكنيست»، سيمحا روثمان، قوله إنّ «مبعوث ترامب لشؤون الرهائن يسبّب ضرراً كبيراً لملف عودتهم»، فيما أفاد مصدر عسكري إسرائيلي، موقع «واللا»، بأنّ «المفاوضات بين واشنطن و(حماس) شكّلت مفاجأة لإسرائيل، لأنها تمنعها من التهديد بالعودة إلى القتال».

وعلى الرغم من أنّ وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريش، أكّد، في مقابلة إذاعية، أمس، أنّ «إسرائيل تنسّق بنسبة 100% مع الإدارة الأميركية»، إلا أنّه شدّد على أنّه لا يمكن لواشنطن «التفاوض نيابة عن الإسرائيليين». وتأتي التصريحات المشار إليها في وقت يؤكد فيه المسؤولون الإسرائيليون، باستمرار، أنه «عندما ظهر تعارض بين مواقفهم ومواقف واشنطن»، خلال عهد إدارة الرئيس السابق، جو بايدن، استغلت «حماس» الوضع لـ»تشديد موقفها»، وهو ما جعلهم «يستبشرون» خيراً بانتخاب ترامب لرئاسة الجمهورية، باعتبار أنّ الأخير سيعمل «على قدم وساق معهم» لكسر المقاومة.

على أنّه طبقاً للتصريحات التي صدرت عن بولر، والتي تؤكد بوضوح أنّ واشنطن تضع مصالحها ومصالح أسراها على سلّم أولويات سياساتها الخارجية، بغضّ النظر عن الاستياء الإسرائيلي، فإنّ الإدارة الأميركية تبدو عازمة على استكمال مفاوضاتها مع «حماس»، وسط غياب أي خطة عملية لـ»استبدال» الحركة، في مؤشر إضافي إلى فشل الهدف المتمثل بـ»إقصائها».

وبناءً على ما تقدّم، يبدو أنّ «الغضب» من تلك المفاوضات ينسحب أيضاً على عدد من المسؤولين الأميركيين، ومن بينهم سفير ترامب السابق في إسرائيل، ديفيد فريدمان، الذي أكّد، في منشور عبر «إكس»، الأحد، أنّه «خلال الأسبوع الماضي، قدّم ترامب، ببراعة، خيارين اثنين فقط لـ(حماس): إطلاق سراح جميع الرهائن والاستسلام، أو تدميرها»، مشيراً إلى أنّ بولر، «اتخذ على ما يبدو خطوة غير مسبوقة للقاء (حماس) وبحث طريقة ثالثة» معها. وأردف المسؤول السابق أنّ أي صفقة مع «حماس» هي مضيعة للوقت، «ولن تصمد»، لافتاً إلى أنّ الخيارات يجب أن تبقى محصورة بالمسارين اللذين طرحهما ترامب منذ البداية.

وبالتوازي، نشرت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» تقريراً بعنوان «تعرّف إلى آدم بولر، مبعوث ترامب للرهائن، المرتبك والساذج بشكل خطير»، مشيرةً إلى أنّ قادة «حماس» يضحكون، على الأرجح، بعد تفاعلهم «مع رجل يقول إنه يحاول التعرف إلى طابعهم البشري»، بينما في إسرائيل، «لا أحد يضحك، ولا سيما عائلات الرهائن». وتردف الصحيفة أنّ الإسرائيليين تابعوا بولر «مطوّلاً»، الأحد، بعدما أطل في مقابلات تلفزيونية متعددة على الشبكات الأميركية ووسائل الإعلام الإسرائيلية، مدرجةً «لائحة» بالنقاط «المريبة» التي تخللتها تصريحاته.

وبالإضافة إلى انتقاد المبعوث الأميركي على خلفية ما قالت الصحيفة إنّه تماهٍ مع «العناصر البشرية لدى (حماس)، والتي تلتزم بتدمير إسرائيل، وتكرار عمليتها مرة أخرى»، فإنّ بولر عمد، في غير محطة أيضاً، بحسب أصحاب الرأي المتقدم، إلى انتقاد شروط صفقة التبادل، في العلن، باعتبارها «سخية بشكل لا يمكن الدفاع عنه». وتضيف الصحيفة العبرية أنّه «بدلاً من إظهار جبهة موحّدة بين الحلفاء ضد الإرهابيين الذين لا يزالون يحتجزون رهائن إسرائيليين، انتقد بولر علناً تعامل الحكومة الإسرائيلية مع الأزمة حتى الآن، والتي شهدت تحرير إسرائيل لحوالي 2000 سجين فلسطيني مقابل إطلاق سراح 33 إسرائيلياً»، مؤكّداً في حديث مع «القناة 13» العبرية، أنّ «الولايات المتحدة لم تكن لتقبل بمثل تلك الصفقة».

على الضفة نفسها، انتقدت الصحيفة وصف بولر لـ»الأسرى» الإسرائيليين بـ»السجناء»، وتفريقه بوضوح بين «المصالح الإسرائيلية وتلك الأميركية»، جنباً إلى جنب إظهاره نوعاً من «اللامبالاة» إزاء المخاوف الإسرائيلية من تفاوضه مع «حماس». والنقطة الأهم، بحسب المصدر نفسه، هي أنّ بولر يعتقد بأنّ «حماس» ستختار «الذوبان» في النهاية من تلقاء نفسها، وهو ما يعكس «سذاجة خطيرة» في قراءة نوايا الحركة، وتجاهلاً لوقوع عملية «السابع من أكتوبر»، وتمسّك «حماس» بالمكاسب التي حقّقتها من جراء تلك العملية.