تكريم عميد الدراعمة في الاحتفال بمئوية جامعة القاهرة

في ندوة حاشدة نظمتها دار الكتب والوثائق القومية تحت رعاية وزير الثقافة الدكتور أحمد هنو وإشراف الدكتور أسامة طلعت رئيس دار الكتب للاحتفال بمرور مائة عام على تاريخ الجامعة المصرية بحضور نخبة من أعلام جامعة القاهرة الدكتور أحمد رجب نائب رئيس الجامعة والدكتور أحمد الشربيني عميد كلية الآداب السابق مقرر الندوة والدكتور السيد فليفل عميد عمداء الدراسات الأفريقية ونخبة من أساتذة الجامعة القاهرية والجامعات المصرية .
وقد ألقى الدكتور عبد الراضي رضوان عميد دار العلوم السابق بحثاً بعنوان ( جامعة القاهرة والتنوير النسوي ) حول دورالمرأة الرائد في التنوير بجامعة القاهرة مشيرا إلى أن ذلك الدور لا يمكن فهمه بمعزل عن إطارين :
الإطار الأول : التنوير الحضاري الذي مارسته حضارة قدماء المصريين والرقي الذي تعاملت به مع المرأة حيث أجلستها على كرسي العرش ملكة متوجة تملك وتحكم مثل ميريت وحتشبسوت ونفرتيتي بينما كانت المرأة محتقرة ذليلة تعامل كالعبيد في الحضارة اليونانية مما جعل أفلاطون يقول : الحمد لله أني قد وُلدت يونانيا لا بربريا حرا لا عبدا رجلا لا امرأة .
الإطار الثاني : تأثير رواد التنوير بمصر الحديثة إذ لم يتأخر التنوير النسوي بجامعة القاهرة كثيرا عن حركة الإصلاح لدى جمال الدين الأفغاني والإمام محمد عبده ..
وكانت صاحبة السمو الملكي الأميرة فاطمة اسماعيل ابنة خديوي النهضة بمصر الخديوي اسماعيل هي أولى الرائدات التنويريات بإنشائها جامعة القاهرة ١٩٠٧ م متبرعة بالأرض والبناء والإنفاق على العملية التعليمية ، لتُسهم في انطلاق حركة التنوير النسوي انطلاقا من الجامعة الأولى في العالم العربي والإسلامي .
ثم كان دور ابنة محافظة المنيا هدى شعراوى التي قامت بحملة واسعة لأجل قبول الطالبات في الجامعة ، وقد نجحت تلك الحملة بسرعة في الموافقة على قبول الطالبات زائرة في المحاضرات مثل الأديبة الفلسطينية مي زيادة التي أنشأت عقب ذلك أول صالون ثقافي في عالمنا العربي والإسلامي المعاصر والذي جذب إليه عباقرة الأدب والفكر واللغة مثل العقاد والرافعي وكذلك أساتذة الجامعة مثل عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين .
ثم وافقت الجامعة على عدم الاقتصار على الزائرات ، بل استقبلت النظاميات كالدكتورة سهير القلماوي أول طالبة تلتحق بالجامعة وتتخرج لتشغل رئاسة قسم اللغة العربية ورئاسة الهيئة العامة للكتاب ، وتؤسس معرض القاهرة الدولى للكتاب.
ومن الجامعة الأم تخرجت الدكتورة عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ أول محاضرة تتصدى للتدريس بالأزهر الشريف ويقوم بتأبينها شيخ الأزهر بعد حياة حافلة شغلت فيها كرسي الأستاذية في التفسير بجامعات العالم العربي والإسلامي ، ولم تفتأ تقاتل ضد شطحات البهائية وانحرافاتها وضد التفسيرات الاجترائية للنص القرآني دون أسس علمية أو لغوية أو دينية.
وقد أسست جيلا من الباحثين والمفكرين في مشرق العالم العربي ومغربه وكانت مثل النخلة المثمرة أصلها ثابت وفرعها في السماء ومن ذلك الفرع كانت الدكتورة يمنى طريف الخولي أستاذة الفلسفة بجامعة القاهرة.
ومن التنوير الأدبي و الديني إلى التنوير الفيزيائي مع الدكتورة سميرة موسى أول معيدة بكلية العلوم وأول دكتوراة في الفيزياء النووية ، وصاحبة أول طموح مصري لبناء قنبلة نووية منخفضة التكاليف وكذلك علاج السرطان بالإشعاع النووي منخفض التكاليف بتوليده من النحاس وليس اليورانيوم ، ذلك الطموح الذي دفعت حياتها بأمريكا ثمنا له على أيدي المخابرات الغربية .
ولم تكن حياة الرائدة الدكتورة حكمت أبو زيد ابنة صعيد مصر أقل إثارة حيث قاتلت ضد تقاليدها في التحفظ على تعليم الأنثى لتسافر للدراسة الثانوية بالقاهرة وتنخرط في التظاهر ضد الاحتلال الإنجليزي ، ثم تنجح فى التخرج من قسم التاريخ بالجامعة ثم الحصول على درجة الدكتوراة من انجلترا بزمالة التربوي العظيم حامد عمار ، لتكون أول امرأة تشغل كرسي الوزيرة في التاريخ الحديث بمصر ويطلق عليها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ( قلب الثورة الرحيم ) .
وقد تلتها في العمل الوزاري الدكتورة عائشة راتب أول امرأة تتصدى لمنصة القضاء بجدارة واستحقاق ولما منعها مجلس الدولة أقامت قضية بالمجلس ضده ، فأصدر المجلس برئاسة الفقيه الدستوري السنهوري باشا حكمه بأنه ليس هناك مانع شرعي أو قانوني أو إداري يحول بينها وبين تولى وظيفة القاضي ولكن المجتمع غير مهيّأ لتقبل ذلك.
ذلك الذي تقبله المجتمع بعد أكثر من نصف قرن من الزمان عندما تولت المستشارة تهاني الجبالي وظيفة القاضي بل وتولت وظيفة المقام الرفيع فيه بتعيينها نائبا لرئيس المحكمة الدستورية العليا بعد أن نجحت في أن تكون أول امراة تفوز بعضوية نقابة المحامين دورتين متتاليتين .