اخر الاخبار

رئيس «الوحدة» الليبية يتحدث عن بسط سلطة الدولة إثر اغتيال الككلي

استعادت العاصمة الليبية طرابلس هدوءها بعد ليلة عصيبة، وساعات من الرعب، شهدت اشتباكات مسلحة أسفرت عن مقتل 6 أشخاص، عقب اغتيال عبد الغني الككلي، الشهير بـ«غنيوة»، رئيس «جهاز دعم الاستقرار»، وأحد أهم قادة الميليشيات المقربين من رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، وسط حالة من الذعر والانقطاع الكهربائي، وتعليق الرحلات الجوية والدراسة.

قوات الأمن عززت وجودها بمختلف الشوارع الرئيسية في طرابلس تفادياً لتجدد الاشتباكات (إ.ب.أ)

وأشاد الدبيبة بما حققته وزارتا الداخلية والدفاع، وجميع منتسبي «الجيش» والشرطة، بما وصفه، بـ«إنجاز كبير في بسط الأمن، وفرض سلطة الدولة في العاصمة».

واعتبر الدبيبة في بيان عبر منصة «إكس»، فجر الثلاثاء، في أول تعليق رسمي له على تطورات الأحداث العاصفة بطرابلس، أن ما تحقق «يؤكد أن المؤسسات النظامية قادرة على حماية الوطن، وحفظ كرامة المواطنين، ويُشكل خطوة حاسمة نحو إنهاء المجموعات غير النظامية، وترسيخ مبدأ أنه لا مكان في ليبيا إلا لمؤسسات الدولة، ولا سلطة إلا للقانون». وبعد ساعات من ذلك، أصدر الدبيبة قراراً بنقل تبعية هيئة أمن المرافق والمنشآت لوزارة الداخلية، وحل جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية ونقل اختصاصاته إلى إدارة جديدة مستحدثة بوزارة الداخلية.

مراقبة أمنية لكل المركبات والحافلات للتأكد من هوية الوافدين على طرابلس بعد الاشتباكات (أ.ب)

وقالت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» إنها تنفذ ما وصفته بانتشار أمني مكثف في أحياء وشوارع بلدية أبو سليم، المعقل السابق للككلي وجهازه، ضمن خطة تهدف إلى تأمين المنطقة وتعزيز الاستقرار.

وكانت الوزارة قد دعت، في بيان، مساء الاثنين، المواطنين إلى الابتعاد عن المواقع والتجمعات العسكرية، وعدم عرقلة تحركات الدوريات الأمنية، مشددة على أنها ستتعامل «بكل حزم وقوة مع أي محاولات للسرقة، أو الإخلال بالأمن العام»، وأدرجت هذه الإجراءات في إطار مهامها لحفظ الأمن وحماية الأرواح والممتلكات، داعية الجميع إلى التعاون مع الأجهزة الأمنية وتوخي الحذر.

سيارة تعرضت للاحتراق خلال الاشتباكات المسلحة التي أسفرت عن مقتل 6 أشخاص (متداولة)

واعتبرت الوزارة أن العاصمة طرابلس تشهد أوضاعاً «آمنة ومستقرة»، مؤكدة أن أجهزتها الأمنية تواصل أداء مهامها بكفاءة لحفظ الأمن والنظام العام، ودعت موظفي مؤسسات الدولة للالتحاق بأعمالهم، والمساهمة في عودة الحياة الطبيعية، كما شددت على منتسبيها بضرورة الالتزام بالدوام الرسمي لضمان استمرارية الخدمات وتعزيز الاستقرار.

في سياق ذلك، أعلنت الوزارة إحالة شخصين بزي عسكري للنيابة العامة، بعد تورطهما في سرقة ممتلكات مواطنين في بلدية أبو سليم، مستغلين الأوضاع الراهنة، بينما قالت إدارة إنفاذ القانون التابعة للوزارة إنه تم تكليفها بضبط السرقات داخل بلدية أبو سليم.

ضبط متورطين في سرقات بحي أبو سليم (وكالة الأنباء الليبية)

ورغم وصف عميد بلدية طرابلس المركز، إبراهيم الخليفي، الوضع بـ«المضطرب»، فقد أعلنت جامعة طرابلس ووزارة التعليم بحكومة «الوحدة» استئناف الدراسة والامتحانات، التي أوقفتها مؤقتاً تحسباً لتطور الأحداث. فيما رصدت وسائل إعلام محلية إطلاق سراح عدد من السجناء المحتجزين بسجون «جهاز دعم الاستقرار»، بعد انسحابه من جميع مقراته، مشيرة إلى أن ما وصفته بالهدوء الحذر ساد العاصمة طرابلس، مع سماع أصوات إطلاق النار بشكل متقطع بعد المعارك.

وتلا اغتيال الككلي اندلاع معارك دامت نحو 4 ساعات بين عناصر الجهاز وميليشيات أخرى، موالية للحكومة، أسفرت بحسب مركز طب الدعم والطوارئ الحكومي، عن مقتل 6 أشخاص وإصابة 13 آخرين. وأعلن الناطق باسم جهاز الإسعاف والطوارئ، أسامة علي، تلقيه 26 بلاغاً بإخلاء منازل جراء اشتباكات طرابلس.

انتشار أمني كثيف لقوات الأمن عقب الاشتباكات المسلحة في طرابلس (إ.ب.أ)

وكانت وزارة الدفاع بحكومة «الوحدة»، قد أكدت، في بيان مقتضب في ساعة مبكرة من صباح الثلاثاء، أن ما وصفته بالعملية العسكرية للسيطرة على منطقة أبو سليم، جنوب العاصمة، «انتهت بنجاح»، وقالت إنها أعطت تعليماتها بإكمال خطتها في المنطقة، بما يضمن استدامة الأمن والاستقرار، وتحدثت عن السيطرة على كامل مناطق جنوب وغرب طرابلس.

وباشرت شركات الطيران، الثلاثاء، رحلاتها من وإلى مطار معيتيقة الدولي بعد ساعات من تعليقها، وسط تأكيدات من مصلحة الطيران المدني باستمرار عمل المطار، الذي تم إخلاؤه من الطائرات، ونقل أغلبها إلى مطار مصراتة بغرب البلاد كإجراء احترازي. كما أعلنت شركة الكهرباء إعادة التيار إلى المناطق المتغذية من محطة باب العزيزية، بعد تحسن الأوضاع الأمنية.

وانضمت السفارتان الأميركية والفرنسية إلى دعوة بعثة الأمم المتحدة إلى التهدئة، ووقف الاشتباكات بشكل فوري بطرابلس. وقالت السفارة الأميركية إنها تُشاطر البعثة الأممية قلقها إزاء القتال في المناطق السكنية بطرابلس، مشددة على ضرورة حماية المدنيين، واستعادة الهدوء.

وكانت بعثة الأمم المتحدة، التي أعربت عن قلقها البالغ إزاء تفاقم الوضع الأمني ​​في طرابلس، مع اشتداد القتال بالأسلحة الثقيلة في الأحياء المدنية ذات الكثافة السكانية العالية، قد دعت جميع الأطراف إلى وقف الاقتتال فوراً واستعادة الهدوء.

وذكّرت البعثة في بيان لها جميع الأطراف بالتزاماتها بحماية المدنيين في جميع الأوقات، وحذرت من أن الهجمات على المدنيين والأهداف المدنية قد ترقى إلى جرائم حرب، مشيرة إلى أنها تدعم بشكل كامل جهود الأعيان والقيادات المجتمعية لتهدئة الوضع.

بدوره، حذر المجلس الأعلى للدولة من أن استمرار هذه التوترات دون احتواء «سيؤدي إلى تعميق معاناة الشعب، وتدمير البنية التحتية والاقتصادية، وتعزيز حالة الانقسام التي تعرقل بناء الدولة».

جانب من الانتشار الأمني في شوارع أبو سليم (منصة حكومتنا)

ودعا المجلس القائد الأعلى للجيش، ووزير الدفاع، ورئيس الأركان العامة في غرب ليبيا، للاضطلاع بمسؤولياتهم الوطنية والتاريخية، وتوجيه التعليمات الصارمة بعودة كافة الوحدات العسكرية إلى مقراتها وثكناتها، بما يضمن تجنيب العاصمة أي تصعيد عسكري قد يفاقم الوضع الأمني.