اخر الاخبار

لا تسلموا دين الله لمن جعلوه صكًّا للقتل والكراهية

تصدعت البصائر وتكسرت الموازين بين الدين والسياسة .. بتنا نعيش في زمن تحول فيه الدين من نورٍ للهداية إلى وقودٍ للدمار .. أُستبدلت المحبة بـ الكراهية والعقل بـ الاتباع الأعمى .. تطرف الفكر وأصبح سلاحاً قاتلاً لا يفرق بين عدو أو حبيب .. فكر أعرج لا يرحم وطناُ .. ولا يصون أرضاً .. ولا يحمي إنساناً .

ذُبحت الحقائق على مذابح أيديولوجيا رعاة الارهاب والتطرف .. شوهت مقاصد الرحمن لخير الانسان بـ أهواء أهل الأرض .. رفعوا شعارات الإيمان فوق أكتاف صناع الجهل .. ثم .. ثم ساقوا الناس كقطيع خلف أصوات تتقن التحريض ولا تعرف شئ عن سماحة الدين الحنيف ورشد تعاليمه السمحة .

  • معركة وجودية لـ أمة العرب

.. نعم لقد باتت أمة العرب والإسلام أمام معركة مصيرية وجودية .. معركة بين دينٍ يدعو للرحمة وبين فكرٍ منحرف يتستر خلف دين الإسلام ليزرع فينا وبيننا الفتن والخراب .. نعم هي معركة وجود إما تنتصر فيها الكلمة الصادقة .. أو تُجهز علينا الأكاذيب لتلتهم ما تبقى من إنسانية هذا العصر .

.. و .. وسط هذا الركام العفن ينبعث صوت العقل ليحذر من طوفانٍ لا يبقي ولا يذر .. إذ تقف مؤلفات ومقالات المفكر العربي الكبير علي الشرفاء الحمادي .. شاهرةً سيف الكلمة في وجه من حولوا دين الله إلى وسيلة للتمزيق بعد أن كان سبيلاُ إلى التوحيد .. يقولها الحمادي بصوت واضح لا لبس فيه .. وبثبات العارف ببواطن الأمور : ” إن الله جلّ جلاله حذّر عباده من التفرق والتمذهب والتشيّع لـ فرق وأحزاب .. فرق جعلت من نفسها وصية على الناس .. ونصّبت من رؤاها الضيقة مراجع مقدسة تستبدل كتاب الله بكتب البشر .. فاحترق الجسد الإسلامي بنار الفرقة .. واشتعلت الأرض بسُمِّ الطائفية . 

  • انتزعوا قدسية شعار الله أكبر

خلال كتاباته دائما يُذكّر علي الشرفاء الناس بكلام الله وقرآنه الكريم .. ويسوق حُكماً إلهيّاً قاطعاً لا تأويل فيه ولا جدال .. حين يستشهد بقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : ” وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ” .. صدق الله العظيم .. إذ يصف المولي عز وجل هؤلاء بأنهم مشركون بالله .. لأنهم جعلوا ولاءهم للفرق والأحزاب ولغير ما أنزل من عنده سبحانه وتعالي .. فباعوا ضمائرهم لتنظيماتٍ متطرفة .. تنظيمات حوّلت المساجد إلى ساحة لنشر التكفير بين المصلين لخلق الفتنة والتفرقة بين المسلمين .. وجعلت من التحريض علىالقتل جهاداً في سبيل الله .

لقد انتزعوا من شعار ” الله أكبر ” قدسيته .. وحوّلوه إلى صرخة رعب تخفي خلفها انتحاريّاً فاقد العقل والضمير .. يغتال البراءة باسم الدين .. ويحوّل الطمأنينة إلى فزع .. والمسجد إلى ساحة حرب . 

  • عقل مأجور وقلب مغسول

كتابات علي الشرفاء الحمادي ومؤلفاته تكشف بعين المفكر وسيف المصلح .. أن تلك الأيديولوجيا المتطرفة لم تكن يوماً سوى أداة شيطانية في يد من أرادوا السيطرة علي مقدرات وخيرات هذه الامة .. أيديولوجيا ملأت العالم خراباً .. وأعادت المجتمعات إلى عصور الظلام .. وباتت بمثابة قنابل فكرية لا تحتاج إلى فتيل .. ويكفيها فقط عقل مأجور وقلب مغسول .. كي يعيث في الارض فساداً .. يضرب عائلته قبل وطنه ويغتال والديه قبل خصومه .

وأمثال هؤلاء هم الخطر الأكبر في زمنٍ تُدار فيه التفاهة بخبث.. ويُسوَّق فيه الجهل وكأنه بصيرة .. إذ يتخفى هؤلاء تحت أقنعة الوعظ .. ويطلّون من نوافذ ” الشهرة الرقمية ” .. فيصنعون من الوهم حقائق .. ومن الانفعال فكراً .. فتختلط الأمور على الناس بين مَن يعرف وبين من يتظاهر بالمعرفة .. بين صاحب الوعي وبين تاجر الجهل المغلف بالبريق .. حتي اختلطت الأصوات .. و .. وتكاثرت المنابر. 

  • السقوط في فخ الروايات المتناحرة

ومع هذا المشهد العبثي يؤكد الشرفاء الحمادي في رسائله الفكرية أن الوعي أصبح رفاهية .. وحروف المعاني تحولت إلى ساحة صراع فقد فيها العقل بوصلته .. حتي سقطت القلوب في فخ الروايات المتناحرة .. كل فريق يدّعي الحقيقة متسلحاً بحججه في معركة عبثية مشحونة بالأنانية .. معركة يغذيها تضخم الذات واستعلاء الفكر .. حتى انطفأت شعلة التدبر .. وهُجر كتاب الله وتوارى النور خلف دخان الجدل .. فانقسم المسلمون وتاهوا في ظلمات لا تنتهي .

نعم سُفكت الدماء باسم الدين .. وتقدّم أعوان الشيطان الصفوف .. يقودون الجموع نحو الفوضى والدمار .. متناسين تحذير الله الواضح في كتابه العزيز : ” إن الشيطان كان للإنسان عدوًا مبيناً ” .. صدق الله العظيم .. وهكذا انطفأت شعلة الهداية وسقطت الرسالة من عقول أُشربت الكِبر والعصيان .. فزوّر التاريخ وجه الإسلام بصفحات سوداء من الظلم والغلظة .. صفحات لا تشبه أبداً النور الذي أُنزل من عند الله .. ولا الرحمة التي بُعث بها رسوله الكريم سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم . 

  • قدمنا ثرواتنا قرابين لـ أولياء الشيطان

ويقول الشرفاء الحمادي : بينما كانت رسالة الإسلام تنادي في الناس : ” عودوا إلى كتاب الله ” .. اختار المسلمون أن يتقاتلوا .. وأن يتفاخروا .. وأن يبيعوا أنفسهم وأوطانهم وأحلامهم بثمن بخس على موائد أعداءهم .. فوهبوا ثرواتهم قرابين لـ أولياء الشيطان بوجوه باسمة وصدور مفتوحة .. لا يبالون برد الفعل ولا يأبهون بانكسار أوطانهم .. وتلك هي النتيجة حين يُهجر القرآن الكريم .. وحين يُستبدل الحق بالهوى والنور بالجدل والرحمة بالعناد .. هكذا صار حال أمةٍ هجرت نداء الرحمن .. فصارت رهينة لعدوها .. تسير في ظلمات لا تنتهي .. حتى تعود إلى كتاب الله فتُبصر الطريق من جديد .

.. ورغم تلك العتمة الفكرية .. يظل علي الشرفاء الحمادي صوتاً مغايراً لا يُداهن .. ولا يساوم .. ولا يلبس الحق بالباطل .. دعوته دعوة حق صارخة .. وتحذيره تحذير مرعب لكل غافل .. ورسالته للناس خالصة لوجه الله كي يعودوا إلى كتابه المقدس لا إلى كتب التنظيمات والأحزاب .. وأن يتبعوا رسوله الكريم لا رسل الكراهية والتكفير .. فذاك هو الحصن الأخير والبوصلة التي لا تضل الطريق أبداً .

  • أوطاننا تنهشها خناجر أهل الفسق

وها نحن اليوم أمام مفترقٍ لا يحتمل التردد .. ولا يُجدي فيه التجمُّل بالأمنيات .. فإما أن نُطهّر العقول من أدران التقديس الأعمى .. وننقذ القلوب من قبضة الكراهية .. أو نترك أوطاننا تنهشها خناجر أهل الفسق والضلال .. ويُطفأ فيها نور الفطرة بنار التطرف الأعمي .

يا سادة .. يا أمةً العرب والإسلام : السكوت الان لم يعد خياراً .. فالمجاملة خيانة ومواراة الباطل تحت عباءة الدين جريمة لا تُغتفر .. إن المعركة لم تعد بين أفكارٍ متباينة .. بل بين الحقّ والحريق .. بين كتابٍ أنزله الله هدى ورحمة وبين تأويلاتٍ مزقته باسم السلطة والسياسة والنفوذ .

أرفعوا لواء العقل واطلقوا صرخة الحق قبل أن يُغتال ما تبقي من إنسانيتنا .. لا تتركوا الغد أسيراً في يد الكذب والتضليل .. فالنجاة لن تكون إلا بالعودة إلى المنبع الصافي .. إلى النور الأول .. إلى الكلمة التي لم تزل تقول : ” ولا تفرقوا ” .. اللهم إني قد بلغت .. اللهم فاشهد .