اخر الاخبار

ماذا يُجهز ترمب للقاء نتنياهو؟

تذهب المؤشرات المتفائلة إلى أن لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الاثنين، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيسفر عن إعلان لوقف إطلاق النار في غزة، والتمهيد لجولة من المفاوضات الجادة، بعد ماراثون من المشاورات.

وزيارة نتنياهو هي الثالثة إلى البيت الأبيض منذ تولي ترمب ولايته الثانية، وتجري الترتيبات في البيت الأبيض ليكون اللقاء بمثابة الاحتفال بالانتصار بعد الهجوم الأميركي – الإسرائيلي المشترك ضد إيران.

ومن المتوقع بقوة أن يتناول اللقاء قضايا عدة تبدأ من غزة وصولاً إلى تقييم الوضع في إيران، والخطوط الحمراء التي يتوجب رسمها لطهران حول تخصيب اليورانيوم، وما يمكن أن تسير عليه المفاوضات المحتملة أو فرص العمل العسكري مرة أخرى، كما تتطرق أجندة النقاشات إلى الوضع في لبنان والوضع في سوريا. كما لا يخفي ترمب رغبته في ضم دول جديدة إلى «الاتفاقات الإبراهيمية» بما يعنيه ذلك من إقامة علاقات مع إسرائيل

فرص إعلان صفقة

مع تصريحات ترمب بموافقة إسرائيل على قبول إطار وقف إطلاق النار المؤقت في غزة لمدة شهرين، و«إيجابية» رد «حماس»؛ فإن التساؤلات تدور حول ما يحمله الرئيس ترمب في جعبته لنتنياهو، بما يقود فعلياً إلى إنهاء الحرب الإسرائيلية، وهو الشرط الذي ما زالت «حماس» تتمسك به.

ويقول مسؤولون بالإدارة الأميركية إن الرئيس ترمب يأمل في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن لدى حركة «حماس» ووقف «الأعمال العدائية»، وأشاروا إلى تصريحاته بأنه «سيكون حازماً للغاية» مع نتنياهو بشأن إنهاء الصراع، واعتقاده بإمكانية التوصل إلى اتفاق.

وتشير تسريبات إلى أن الرئيس ترمب «يرغب في الإعلان عن مشاورات لتوسيع الاتفاقات الإبراهيمية»، وهي النقطة التي غالباً ما سيركز عليها الرئيس الأميركي للضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي لقبول صفقة لإنهاء الحرب مقابل التوصل إلى «صفقة متعددة الأطراف» أوسع نطاقاً لإعادة تشكيل ميزان القوى في المنطقة بعد حرب الاثني عشر يوماً بين إسرائيل وإيران.

وتدور تكهنات حول سيناريو متفائل بإعلان الاتفاق والترويج بقدرات الرئيس وسياساته الناجحة لإنهاء معاناة الفلسطينيين في غزة وأخذ الخطوات لإنهاء الحرب، لكن في مقابل ذلك هناك سيناريو متشائم يرجح ألا يتمكن الرئيس ترمب من إعلان وقف إطلاق النار والاكتفاء بتصريحات بالاقتراب من التوصل إلى اتفاق نظراً للفجوات الكبيرة بين رغبات إسرائيل ومطالب «حماس».

السيناريو الأول

الرهان وراء سيناريو التفاؤل بعد انهيار المفاوضات السابقة يرجع إلى رغبة الرئيس ترمب في تحقيق انتصار سياسي، بعد إعطاء رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتاً كافياً لتحقيق أهدافه العسكرية وتمديد فترة بقائه في السلطة والضغط على المدعين العامين الإسرائيليين لوقف الملاحقات القضائية بتهم الفساد ضد نتنياهو.

ويقول المحللون إن ترمب يريد التفاخر بقدرته على تنفيذ وعوده بالقضاء على الفوضى في الشرق الأوسط وإحلال السلام من خلال دخول الولايات المتحدة كضامن للالتزام بوقف إطلاق النار.

سيدتان بجانب أحبائهما الذين قُتلوا في غارات جوية إسرائيلية استهدفت منازل مدنيين في مدينة غزة يوم الأحد (د.ب.أ)

ويشير جون هانا، الباحث بالمعهد اليهودي للأمن القومي، إلى أن جزءاً كبيراً من خطة الرئيس ترمب لدفع الصفقة بالتوازي مع تفكيك حركة «حماس» هو إيجاد بديل يقنع الفلسطينيين بأن هناك مستقبلاً يتجاوز «حماس».

وأحد المقترحات التي تحظى بقبول واسع في الأوساط الإسرائيلية والأميركية هي فكرة تمكين العشائر الفلسطينية المحلية من إنشاء مناطق «حكم ذاتي»، حيث يقوم سكان غزة المحليون بدوريات الأمن الداخلي، بينما يتولى الجيش الإسرائيلي مهام الدفاع.

وتقول صحيفة «واشنطن بوست» إن «نتنياهو يتمتع بنفوذ للموافقة على اتفاق سلام على الرغم من اعتراضات اليمين المتطرف في حكومته»، مرجعة ذلك إلى «ارتفاع شعبيته عقب الضربات الأميركية الإسرائيلية على إيران إضافة إلى أن الحملة العسكرية بعد أكثر من 20 شهراً أثبتت أن المفاوضات هي الطريقة المثلى لإعادة الرهائن، وأن السيطرة على قطاع غزة أمر بالغ الصعوبة».

وتقول شيرا إيفرون مدير الأبحاث في «منتدى السياسة الإسرائيلية» بنيويورك إن هناك «أسباباً للتفاؤل وهو دعوة ترمب الواضحة وضغوطه لإبرام الصفقة، ورغبته الحقيقية لإنهاء تلك الحرب». وتقول: «أعتقد أننا سنرى وقفاً كاملاً لإطلاق النار مقنعاً في صورة اتفاق جزئي».

مبررات التشاؤم

لكن وفقاً لتصريحات داني دانون، السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، للصحافيين، فإن وقف إطلاق النار من وجهة نظر إسرائيل تعني «الحصول على خيارات لمواصلة القتال، وليس التزاماً بإنهاء الحرب». وهو ما يتعارض مع مطالب «حماس» بوقف دائم للأعمال العدائية وانسحاب للقوات الإسرائيلية من القطاع.

وأشارت تقارير عبرية إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي أبلغ الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش أن «الحرب لن تنتهي إلا بعد نزع سلاح الفصائل الفلسطينية».

ويحاول نتنياهو فرض أهدافه في الوصول إلى وقف إطلاق النار عبر تهدئة لإطلاق سراح الرهائن لامتصاص غضب أهالي الرهائن، وفي الوقت نفسه يحتفظ بحق استئناف القتال في أي وقت.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وبجواره وزير الدفاع يسرائيل كاتس (إكس)

ويتخوف نتنياهو من أنه إذا أنهى الحرب فإنه سيواجه المحاكمات التي ستنهي رئاسته للحكومة في إسرائيل، ولذا يناور ويحاول إقناع الرئيس ترمب بمخاطر إنهاء الحرب، باعتبارها المبرر الوحيد لاستمرار حكومته حتى الانتخابات المقبلة المقرر إجراؤها في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2026.

ويعتقد المحللون أن نتنياهو يريد مواصلة الحرب الانتقامية على غزة حتى يتمكن من كسب نفوذ سياسي كافٍ لإسقاط القضايا المرفوعة ضده وبناء قاعدة شعبية كافية لبقائه في السلطة.

ولقد سمحت رحلة نتنياهو إلى العاصمة واشنطن بتأجيل استجوابه في محاكمته بتهم فساد ومع بداية عطلة المحاكم الإسرائيلية في 21 يوليو (تموز) إلى أوائل سبتمبر (أيلول) سيستمتع نتنياهو بمساحة من الراحة من تلك الملاحقات القضائية.

ووفقاً لبنود الصفقة، فإنها تتضمن الإفراج عن 10 رهائن أحياء و18 جثة على مدى شهرين، وهو ما يعني تحرير 28 رهينة من إجمالي 50 رهينة متبقية في يد «حماس» مقابل إدخال المساعدات إلى قطاع غزة وتحرير أكبر عدد من السجناء الفلسطينيين.