إيران تعقد محادثات نووية مع روسيا والصين قبيل اجتماعها مع الترويكا الأوروبية وتستبعد التفاوض مع واشنطن

أعلنت إيران ، الاثنين، أنها ستُجري محادثات مع روسيا والصين بشأن ملفها النووي وآلية العقوبات الأممية، وذلك قبل أيام من موعد المفاوضات المقررة مع الترويكا الأوروبية، والتي تضم بريطانيا وألمانيا وفرنسا، في إسطنبول. وتأتي هذه الخطوة في إطار تنسيق أوسع من جانب طهران مع حلفائها الدوليين، بينما تؤكد في الوقت نفسه أنه لا توجد خطط حالياً لاستئناف التفاوض مع الولايات المتحدة.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، إن المحادثات مع موسكو وبكين ستُعقد الثلاثاء، مشيراً إلى أنها ستتناول تطورات البرنامج النووي الإيراني، إضافة إلى مناقشة آلية الأمم المتحدة المتعلقة بالعقوبات، والتي تلوح بها الدول الأوروبية في حال عدم التوصل إلى تفاهمات جديدة.
وأوضح بقائي أن المحادثات المرتقبة مع الترويكا الأوروبية يوم الجمعة المقبل ستكون على مستوى نواب وزراء الخارجية، وستركز على قضايا رفع العقوبات والبرنامج النووي الإيراني، مشدداً على أن إيران ستطرح موقفها بوضوح، ولا سيما في ما يتعلق بالهجمات التي طالت منشآت نووية داخل أراضيها، في إشارة إلى العمليات التي نُسبت لإسرائيل والولايات المتحدة.
وأضاف أن طهران تعتبر الدول الأوروبية ملزمة قانونياً وأخلاقياً بإدانة هذه الهجمات، لكنها لم تفعل، واصفاً الاجتماع المقبل بأنه سيكون "مطلبياً من جهة إيران"، في إشارة إلى توجه الوفد الإيراني للمطالبة بمواقف أوروبية أكثر وضوحاً تجاه ما تعتبره اعتداءات على سيادتها.
وفي سياق متصل، أشار بقائي إلى زيارة كبير مستشاري المرشد الإيراني، علي لاريجاني، إلى موسكو، حيث سلّم رسالة من الرئيس الإيراني إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين، تتعلق بالتطورات الإقليمية والدولية الأخيرة. وأوضح أن لاريجاني زار روسيا بصفته مبعوثاً خاصاً من الرئيس، وأجرى لقاءً شاملاً مع بوتين، تناول عدة قضايا، من بينها الملف النووي الإيراني. وأكد المتحدث أن هذا النوع من الزيارات أمر "طبيعي ومألوف في العلاقات الدولية".
وكان الكرملين قد أشار إلى أن الرئيس الروسي أعرب خلال لقائه مع لاريجاني عن دعم موسكو لاستقرار المنطقة، وتشجيعها على إيجاد حل سياسي للقضايا المتعلقة بالأنشطة النووية الإيرانية.
وبشأن الجدل الدائر حول آلية "سناب باك" (Snapback)، التي تتيح إعادة فرض العقوبات الأممية السابقة على طهران تلقائياً في حال عدم التزامها بالاتفاق النووي، والتي تنتهي صلاحيتها في أكتوبر المقبل، قال المتحدث الإيراني إن موقف بلاده "واضح وثابت". وأكد أن كبير المفاوضين الإيرانيين السابق، عباس عراقجي، وجه رسالة إلى أطراف الاتفاق النووي أوضح فيها الموقف القانوني الإيراني، قائلاً: "اللجوء إلى آلية الزناد حالياً أمر غير مبرر وغير قانوني، لأن تقليص التزامات إيران جاء وفق ما يسمح به الاتفاق".
وشدد بقائي على أن إيران بدأت بتخفيض التزاماتها تدريجياً رداً على إخلال الأطراف الأخرى بالتزاماتها، مضيفاً أن الدول الأوروبية لم تكتفِ بعدم الإدانة، بل ذهبت إلى تبرير ما وصفه بـ"العدوان الإسرائيلي"، وبالتالي فهي – بحسب تعبيره – لا تملك الشرعية الأخلاقية أو القانونية لتفعيل آلية إعادة العقوبات.
وتنص آلية "سناب باك"، التي وردت في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 المصادق على الاتفاق النووي المبرم عام 2015، على إعادة تفعيل العقوبات الأممية بشكل تلقائي في حال قدمت إحدى الدول الموقعة شكوى تفيد بعدم التزام إيران ببنود الاتفاق. وتنتهي صلاحية هذه الآلية في 18 أكتوبر 2025، وسط تحذيرات أوروبية متكررة من تفعيلها في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق جديد أو تفاهمات تضمن شفافية البرنامج النووي الإيراني.
وتُعد الترويكا الأوروبية، إلى جانب روسيا والصين، الأطراف المتبقية في الاتفاق النووي، بعد انسحاب الولايات المتحدة منه في مايو 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، والذي أعاد فرض عقوبات مشددة على طهران. وفي المقابل، بدأت إيران منذ ذلك الحين بتقليص التزاماتها تدريجياً، ورفعت نسبة تخصيب اليورانيوم، ووسّعت عملياتها النووية، ما أثار قلقاً دولياً متزايداً بشأن مسار برنامجها.
وتبدو المحادثات المقررة هذا الأسبوع، سواء مع روسيا والصين أو مع الترويكا الأوروبية، بمثابة اختبار جديد لقدرة إيران على الحفاظ على دعم حلفائها، وفي الوقت ذاته تجنّب مزيد من التصعيد مع أوروبا والولايات المتحدة في لحظة إقليمية شديدة الحساسية.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
إيران بين الداخل والخارج