انتقادات دولية حادة لآلية توزيع المساعدات في غزة وإقامة نقاط عسكرية فوق أنقاض منازل الفلسطينيين

وسط تفاقم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، أثارت الآلية الجديدة لتوزيع المساعدات التي تديرها مؤسسة خاصة مدعومة أميركياً وتعمل بموافقة إسرائيلية، موجة غضب وانتقادات دولية، على خلفية تقارير عن إصابات بين المدنيين الفلسطينيين خلال عمليات تسليم مساعدات، واتهامات بتحويل نقاط التوزيع إلى "مراكز عسكرية على أنقاض منازل مدمّرة".
وقالت صحيفة واشنطن بوست، إن عشرات الفلسطينيين أُصيبوا خلال يومين من إطلاق نار إسرائيلي في مواقع توزيع مساعدات جنوب ووسط القطاع، بينما تشهد غزة أزمة جوع خانقة بعد أكثر من 80 يوماً من الحصار الإسرائيلي الكامل.
وفي مدينة رفح، أكدت الأمم المتحدة إصابة ما يصل إلى 50 شخصاً برصاص إسرائيلي قرب موقع لتوزيع مساعدات في حي تل السلطان، الثلاثاء، بينما قُتل ثلاثة أشخاص وأصيب عدد آخر في موقع تابع لبرنامج الأغذية العالمي في دير البلح، الأربعاء، وفق ما أفادت تقارير أممية ومحلية.
وقال جوناثان ويتال، رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في غزة، في مؤتمر صحافي، إن أول نقطة توزيع للمساعدات أقيمت "فوق أنقاض منازل الفلسطينيين"، معتبراً أن البرنامج الجديد "يتجاوز السيطرة على المساعدات، بل يمثّل نقصاً مُدبراً".
وتُدار العملية من قبل "مؤسسة غزة الإنسانية"، وهي منظمة خاصة شبه عسكرية شبّهتها بعض المصادر بشركة "بلاك ووتر"، وتعمل من خلال متعاقدين أمنيين أميركيين خارج مظلة الأمم المتحدة. وقد بدأت هذا الأسبوع تنفيذ عمليات توزيع الغذاء في مناطق محددة، وسط رفض من وكالات الإغاثة الكبرى.
وبحسب وثائق داخلية تعود إلى نوفمبر 2024، توقّع مؤسسو المؤسسة مسبقاً الانتقادات، وحضروا مذكرات إعلامية للرد على اتهامات بـ"استخدام بيانات بيومترية" وإنشاء "مراكز اعتقال" مقنّعة تحت غطاء المساعدات.
وأظهرت مشاهد من مواقع الحوادث حشوداً غفيرة تتدافع نحو نقاط المساعدات، وتمزيقاً للأسوار، وإطلاق نار كثيف، ومروحية تطلق قنابل مضيئة في السماء. وقال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إن القوات الإسرائيلية أطلقت النار من مواقع قريبة فور تزايد الحشود في محيط ميدان العلم قرب رفح.
من جانبها، نفت "مؤسسة غزة الإنسانية" إطلاق النار داخل مراكز التوزيع، لكنها أكدت أن المقاولين الأميركيين انسحبوا مؤقتاً من أحد المواقع بسبب الفوضى. وأوضحت أنها ستواصل توزيع المساعدات من مواقع بديلة، مع توسيع نشاطها في القطاع، رغم استقالة اثنين من كبار مسؤوليها هذا الأسبوع، أحدهم احتجاجاً على ما وصفه بـ"انتهاك المبادئ الإنسانية".
وقد رفضت معظم وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الكبرى المشاركة في هذا البرنامج، واعتبرته آلية "تسييس للمساعدات" تنتهك مبادئ الحياد والاستقلالية الإنسانية، وتُستخدم وسيلةً غير مباشرة للضغط على الفلسطينيين للانتقال إلى مناطق معينة جنوب القطاع.
وقالت بشرى الخالدي، مسؤولة السياسات في منظمة "أوكسفام" في الأراضي الفلسطينية: "ما يُروّج له كآلية إنسانية ليس سوى نظام للسيطرة، يجرد وكالات الإغاثة من استقلاليتها، ويحرم الفلسطينيين من حقهم في المساعدة، ويحول المساعدات إلى أداة حرب".
وفي حين واصلت إسرائيل السماح بدخول بعض الشحنات التابعة للأمم المتحدة بالتوازي مع البرنامج الجديد، لم يتضح ما إذا كان هذا التعاون سيستمر.
واعتبر مكتب الإعلام الحكومي في غزة، أن خطة التوزيع الإسرائيلية "فشلت فشلاً ذريعاً"، مضيفاً أن مشاهد تدافع آلاف الجائعين لاقتحام نقاط التوزيع تعكس حجم المأساة التي يعيشها سكان القطاع تحت الحصار، منذ ما يقرب من 90 يوماً دون غذاء أو دواء.
قد يهمك أيضــــاً:
الإعلام الإسرائيلي يتحدث عن مقتل السنوار ويصفه بالاستراتيجي المحنك الذي أنزل بهم الضربة الأكبر في تاريخها
مصر تُقدم مقترح "مصغر" لصفقة تبادل رهائن مع حركة حماس تتضمن وقفاً محدوداً لإطلاق النار في قطاع غزة