مقالات

5 أوقات خاطئة للذهاب إلى الموارد البشرية

الذكاء في بيئة العمل لا يُقاس فقط بما تقول، بل في اختيار متى تقوله. قسم الموارد البشرية ليس طبيباً نفسياً ولا صديقاً محايداً؛ إنه مرآة خفية لسياسات الشركة. كل زيارة هناك تُسجَّل، تُحلل، وتُصنَّف دون أن تدري. وما تعتقده خطوة ذكية للدفاع عن نفسك، قد يتحول إلى دليل ضدك في لحظة لاحقة. فمتى يكون الصمت حكمة، ومتى يكون التوقيت خيانة ذاتية؟ يساعدك المهندس ومسؤول تطوير الموظفين مرتضى الشلبي على تقييم ذلك.

عندما تكون غاضباً وتعتقد بأن لحظة الصدق ستنقذك

حين تدخل إلى قسم الموارد البشرية وأنت مشحون بالغضب، تظن أن انفعالك يُظهر صدقك، وأن صوتك المرتفع كافٍ لإثبات أنك مظلوم. ثم تبدأ في سرد كل ما اختزنته من خيبات وظلم، وتفتح دفاتر قديمة، وتنتقد الزملاء والمديرين بكلمات ستتمنّى لاحقاً لو لم تقلها. ما لا تعرفه هو أن الغضب لا يُقرأ كدليل على المظلومية، بل يُسجَّل كمؤشر سلوكي قد يُستخدم ضدك لاحقاً. وفي اللحظة التي تهدأ فيها وتستعيد توازنك، تكون قد خلّفت وراءك انطباعاً لا يشبهك، وصورة مشوشة قد تطغى على كل إنجازاتك السابقة. والسبب:

  • لأنهم لا يسجلون مشاعرك، بل كلماتك التي قد تُفهم بطرق مختلفة.
  • لأن الغضب يُربك حجتك، ويحوّل قضيتك إلى أزمة سلوك.
  • لأن انفعالك اليوم قد يطغى على تاريخك كله، فيجعلهم يعيدون تقييمك كموظف.

للمدراء.. كيفية تمكين موظفيك من المساهمة بأفكار مبتكرة

عندما تعتقد بأن نهاية الدوام هي الوقت المناسب للمرور السريع

تظن أن الساعة الرابعة عصراً مثالية لفتح موضوع حساس، وأن الجو الهادئ بعد يوم العمل سيكون أفضل لتبادل الحديث. لكن نهاية الدوام ليست ساعة وضوح، بل وقت التعب الذهني والانشغال بالرغبة في إنهاء المهام والخروج. ما تقوله قد يُسمع دون تركيز، أو يُسجّل بشكل مبتور، أو يُفهم كنوع من الإلحاح المزعج. وربما تمرّ زيارتك وكأنها لم تكن، أو تترك أثراً سلبياً لا يتناسب مع نواياك.

  • لأن المسؤول حينها لا يكون بكامل تركيزه، ولا يعطي كلماتك وزنها الحقيقي.
  • لأن قضاياك الجادة قد تبدو له مجرد إزعاج في وقت متأخر.
  • لأنك تخسر فرصة استعراض قضيتك بوضوح، وتحويلها إلى ملف متكامل يمكن البناء عليه لاحقاً.

عندما تُقرر أن تشتكي بعد استلام تقييم سلبي مباشرة

                                حذار من الاندفاع للشكوى بعد استلام تقييم سلبي

تشعر بالظلم، وتندفع للتصعيد فوراً، ظناً أنك بذلك تُدافع عن حقك، وتُصحّح الصورة. لكن السرعة هنا تُضعف موقفك؛ فتبدو في نظر الموارد البشرية كمن لا يحتمل النقد، ويتصرف بدافع الانفعال لا العقل. حتى لو كنت محقاً، فإن توقيتك يُفقدك التعاطف، ويجعلهم يرونك كموظف يثور لا كصاحب حجة.

  • لأن توقيته يكشف عن انفعال لا عن تفكير منطقي.
  • لأنه يُفسر على أنك ترفض النقد بدل أن تتعامل معه.
  • لأنه يضعك في خانة الموظف “المُعارض دوماً”، لا الباحث عن تطوير.

عندما تتحرك بناءً على شائعة أو كلمة مرّت في ممر

قد تسمع أن مديرك قال عنك شيئاً، أو أن زميلاً يُشكك بك، فتندفع مسرعاً لتقديم شكوى أو توضيح موقفك. لكنك تدخل دون دليل، ومعك فقط انطباعات وكلام متداول. وهنا، لا تبدو صاحب موقف، بل تكون شخصاً يُروّج للشائعات. هذا النوع من التصرفات لا يُؤخذ بجدية، بل يُضعف رصيدك أمام قسم الموارد البشرية، ويفتح باب الشك في مصداقيتك.

  • لأن الموارد البشرية تتعامل مع الوقائع لا الظنون.
  • لأن تسرّعك يُظهرك كمن يهوى افتعال الأزمات.
  • لأنك تخسر رصيد الجدية، وتدخل دائرة “الشكوى الدائمة” بدلاً من “الحق الثابت”.

عندما تذهب دون هدف.. فقط لتُفرغ ما في داخلك

قد تمرّ بلحظة ضيق وتشعر بالحاجة للكلام، فتتجه إلى الموارد البشرية، كما لو أنك تتحدث إلى صديق. تتكلم بعفوية، تفتح قلبك، وربما تشارك تفاصيل لا ضرورة لها. لكن الموارد البشرية لا تتعامل مع الكلام كفضفضة، بل كبيانات تُحفظ وتُقيّم. ما تقوله الآن قد يعود لاحقاً؛ ليُفسَّر على نحو لم تقصده، وربما يتحول إلى ملاحظة على ملفك المهني دون أن تدري.

  • لأن العفوية تُفقدك السيطرة على الرسائل التي ترسلها.
  • لأن عدم وجود هدف واضح يجعلهم يشكّون في دوافعك.
  • لأنك تفتح أبواباً يصعب إغلاقها لاحقاً، وتضع نفسك في دائرة الرصد بدل المساندة.

هل تعتقد ذلك أيضاً: لماذا تتحوّل الزمالة إلى عبء أحياناً؟ 6 مواقف لا تنساها بسهولة