اخبار المغرب

في المغرب.. الفاشلون يطاردون المتفوقين عبر ساحات التنمر الإلكتروني

تقود الأميرة للا مريم جهودًا ماخبار السعوديةة لمحاربة ظاهرة التنمر في الوسط المدرسي والرقمي، من خلال المرصد الوطني لحقوق الطفل، الذي أطلق، بشراكة مع عدد من المؤسسات، حملة وطنية شاملة تروم حماية كرامة التلاميذ وتعزيز بيئة تعليمية آمنة. هذه المبادرات، التي تشمل التوعية، المواكبة النفسية، والتدخل المؤسساتي، تعكس وعيًا رسميًا متقدمًا بخطورة العنف الرمزي الذي قد يطال الأطفال والمراهقين في مساراتهم الدراسية.

غير أن ما يجري على المنصات الرقمية يكشف عن جبهة أخرى أكثر اتساعًا وفوضى، حيث لا تنفع القوانين وحدها ولا تكفي الحملات. هناك، في ساحات الاخبار السعودية الاجتماعي، يتعرض المتفوقون لموجات من التنمر الإلكتروني، تحوّل لحظات إنجازهم إلى مادة للتنكيت والسخرية، وتعيد طرح أسئلة مُقلقة حول المعايير الأخلاقية التي تحكم التفاعل المجتمعي مع النجاح.

مع إعلان نتائج امتحانات الباكالوريا امتلأت منصات الاخبار السعودية الاجتماعي بصور التلاميذ المتفوقين، مرفقة بأسمائهم ونقطهم المبهرة. لكن بدل أن تتحول هذه الصور إلى مصدر إلهام، أو دعوة للاقتداء، سرعان ما تحولت إلى مادة للسخرية، اجتذبت تعليقات تسخر من مظهر التلاميذ، أو لهجتهم، أو طريقتهم في التعبير. هكذا ببساطة يُسحب الإنجاز من معناه، ويُستبدل بمشهد هجومي تحكمه “نكتة خفيفة” في ظاهرها، و”عدوان مقنّع” في باطنها.

إنها مطاردة رمزية، حيث يخرج جزء من المجتمع ليصب إحباطه أو فشله على صورة ناجح. يحدث ذلك دون شعور بالذنب، بل تحت غطاء “الحرية في التعبير”، أو “الفكاهة”، بينما يُقوّض في العمق معنى التقدير، وتتراجع منظومة القيم إلى درك من السخرية السهلة والتفاعل المثير، على حساب كرامة شابة أو شاب اجتهدوا لسنوات ليصلوا إلى لحظة تقدير.

الخبراء يسمّون هذا السلوك “عدوانية مقنعة”، ناتجة في الغالب عن شعور بالدونية أو النقص، حيث يجد البعض في السخرية من الآخرين وسيلة لبناء توازن نفسي زائف. حين تُمارس هذه العدوانية على مراهقين، في لحظة حساسة من بناء هويتهم، تصبح آثارها أعمق من مجرد نكتة عابرة: عزلة، إحباط، وربما انسحاب من الحلم نفسه.

الخطير في المشهد أن المنصات الاجتماعية نفسها تُغذي هذه الدوائر. خوارزميات التفاعل تُكافئ المحتوى المثير، ولا تُميّز بين نكتة وتحقير. هكذا تتراكم “الإعجابات” و”الضحكات”، بينما يشعر المتفوق، في صمته، أنه ارتكب خطأً حين اجتهد، أو ظهر.

كيف نُربّي على الاجتهاد ونحن لا نكف عن تحقير المجتهدين؟ كيف نبني مجتمع معرفة ونجرّح أول من يمثّله؟ في هذه الأسئلة تكمن المفارقة التي يجب أن تؤرقنا. فليس أخطر من ألا نحتفل بالنجاح، سوى أن نُجرّم صاحبه، ونستبيح صورته، ونسخر من لحظته.

الرهان اليوم ليس فقط على حملات تربوية، أو تطبيقات وقائية. الرهان الحقيقي هو إعادة بناء الوعي الجماعي من جديد، والعودة إلى سؤال القيم: من نُقدّر؟ من نُصفق له؟ من نضعه قدوة؟ إننا في زمن يحتاج إلى استعادة البوصلة الأخلاقية، لا فقط تطوير أدوات الرقابة.

قد يبدو التنمر على المتفوقين رقميًا سلوكًا عابرًا، لكنّه في الحقيقة مرآةٌ مشروخة لمجتمع يعاني من خلط مفاهيمي خطير: النجاح لا يعني الجاذبية، والاجتهاد لا يُكافأ بالتصفيق، بل يُمتحن مرة أخرى في ساحات مفتوحة على الإهانة.

في المغرب، كما في كثير من المجتمعات، تتجاذب الفضاء الرقمي نزعتان: نزعة البناء ونزعة الهدم. وآن الأوان أن نقرّر أيّ المسارين نريد أن يتغلب: أن نصنع بيئة تحتفي بالجهد، أم أن نستسلم لزمنٍ يُكافئ التنمّر أكثر من التميّز.