اخبار فلسطين

تفاصيل صادمة.. هكذا مارس جيش الاحتلال دموية مفرطة في التعامل مع المجوّعين في غزة 

ترجمة شبكة قُدس: في تقرير صادم نشرته صحيفة “هآرتس” العبرية، كشف جنود وضباط في جيش الاحتلال الإسرائيلي عن تلقيهم أوامر مباشرة بإطلاق النار على حشود من الفلسطينيين العُزّل المتجمعين قرب مراكز توزيع المساعدات في قطاع غزة، حتى في الحالات التي لم تشكل فيها هذه الحشود أي تهديد.

الجنود الذين تحدثوا للصحيفة أوضحوا أن قادتهم أمروا بإطلاق النار على المدنيين بهدف تفريقهم وإبعادهم عن نقاط توزيع المساعدات. أحد الجنود وصف الوضع بأنه “انهيار تام للقيم الأخلاقية لجيش الاحتلال في غزة”، مؤكدًا أن ما يحدث هو ساحة قتل حقيقية.

تقول الصحيفة، إن مراكز المساعدات التي وقعت فيها هذه الجرائم تابعة لما يسمى “مؤسسة غزة الإنسانية” (GHF)، وهي كيان أُنشئ في نهاية شهر مايو بترتيب من حكومة الاحتلال وبالتنسيق مع جهات أمريكية وشركات أمنية خاصة، كما أن الرئيس التنفيذي الحالي للمؤسسة هو أحد المقربين من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، وفق الصحيفة.

أحد الجنود وصف الوضع بالقول: “إنه ميدان قتل. يُعامل الناس كما لو كانوا قوة معادية لا توجد وسائل لتفريق الحشود، لا قنابل غاز، فقط رصاص حي بكل الوسائل الممكنة: رشاشات ثقيلة، قاذفات قنابل، هاونات”.

وأضاف الجندي: “نفتح النار في ساعات الصباح الباكر إذا حاول أحد الاقتراب من طابور المساعدات من مسافة مئات الأمتار، وأحيانًا نهاجمهم عن قرب. ولكن لا يوجد أي خطر يتهدد القوات”، وأوضح أنه “لا علم له بأي حالة إطلاق نار من الطرف الفلسطيني. لا يوجد عدو، لا يوجد أسلحة.” وبيّن أن النشاط العسكري في منطقته يُطلق عليه اسم “عملية السمك المملح” وهو الاسم العبري المكافئ للعبة الأطفال المعروفة بـ “إشارة حمراء، إشارة خضراء”.

وأكد عدد من ضباط جيش الاحتلال لـ”هآرتس” أن الجيش لا يسمح بنشر أي مشاهد مصورة لما يحدث حول مراكز توزيع المساعدات، سواء للرأي العام في الداخل أو الخارج.

ضابط يخدم في وحدة تأمين أحد مراكز المساعدات اعترف أن جيش الاحتلال يفتح النار على الجياع لمنعهم من الاقتراب وهذه لإدارة الإبادة”.

وقال الضابط إن مراكز التوزيع تتحيط بها من الخارج بدبابات، قناصة، ومدافع هاون، و”في إحدى المرات توقفنا عن إطلاق القذائف، فاقترب الناس. فاستأنفنا القصف، سقطت إحدى القذائف على مجموعة مدنيين”.

وأحد جنود الاحتياط قال إنه طُلب منه إطلاق قذيفة دبابة نحو حشد من المدنيين قرب الساحل، لكن بعد القصف، بدأ المدنيون بالهرب، لتُطلق عليهم وحدات أخرى النار، يُقال لنا إنهم ما زالوا مختبئين ويجب قصفهم، لكنهم لا يستطيعون المغادرة إذا كنا نطلق النار لحظة يركضون”.

وفي مجزرة جديدة هذا الأسبوع، أطلقت فرقة الاحتلال 252 النار على تقاطع مزدحم بمدنيين كانوا ينتظرون شاحنات مساعدات، ما أدى إلى استشهاد 8 مدنيين، بينهم أطفال، وحتى اللحظة، لم يُحاسَب أي قائد، ولم يطالب أحد بتوضيح.

ومن أخطر ما كشفه التحقيق، هو تورط مقاولين إسرائيليين في ارتكاب المجازر، حيث يتلقى كل مقاول 5000 شيقل عن كل منزل يهدمه في غزة  وقال جندي: “المقاولون يجنون ثروات، ويتصرفون كأنهم شُرطة. يهدمون ما شاؤوا، قرب طرق المساعدات، وحين يقترب المدنيون، تحدث اشتباكات مزعومة يسقط فيها قتلى.”

وأضاف:  “أحيانًا نقترب من مناطق يُسمح للفلسطينيين التواجد فيها، ثم نقرر أنهم يشكلون خطرًا علينا لنبرر إطلاق النار. كل ذلك فقط من أجل ربح مالي مقابل هدم بيت”.

ويقول أحد الجنود: “في غزة، الحقيقة لا تعني شيئًا. إنها كون موازٍ. تعرف أن ما يحدث غير صائب، تشعر بذلك، لكنك تستمر. لا أحد يفكر، لا أحد يسأل. فقط أطلق النار وامضِ”.

كما تكشف شهادات صادمة أدلى بها ضباط كبار في جيش الاحتلال الإسرائيلي لصحيفة هآرتس عن حجم الانهيار الأخلاقي داخل المؤسسة العسكرية، حيث أصبحت عمليات قتل المدنيين في غزة، وخاصة حول مراكز توزيع المساعدات، أمرًا عاديًا وممنهجًا يتم تنفيذه بأوامر صريحة من القيادة، وليس بدافع “الضرورة العملياتية”.

وقال ضابط احتياط رفيع المستوى يخدم في جنوب القطاع: “في غالب الحالات، المدنيون لم يشكلوا خطرا ولم يقتربوا من الجنود ولم يشكلوا أي تهديد، قتلوا بلا سبب لأن قتل المدنيين أصبح أمرا طبيعيا بالنسبة لنا، ببساطة بالنسبة لنا لا يوجد مدنيون، وكل فلسطيني هو مدني ويشكل خطرا”. 

ويقول ضابط آخر: إطلاق النار على المدنيين لم يعد نتيجة خطأ أو تقدير عملياتي، بل نتاج أيديولوجيا يحملها قادة ميدانيون، ويحوّلونها إلى خطة تنفيذية”.

وبحسب مصادر عسكرية للصحيفة، فإن بعض المجازر حول مراكز التوزيع لم تُنفَّذ فقط على يد قوات الاحتلال، بل شاركت فيها ميليشيات مسلحة تدعمها وتموّلها وتسلّحها “إسرائيل”، مثل مجموعة “أبو شباب”، التي تسيطر على مناطق لا تدخلها المقاومة، وتعمل بالتنسيق مع جيش الاحتلال.