تقرير مفصّل: “إسرائيل” رفضت عملية من 4 مراحل في غزة تبدأ باغتيال السنوار والضيف قبل 7 أكتوبر

ترجمات عبرية شبكة قدس الإخبارية: كشفت شهادات ضباط كبار في جيش الاحتلال، أدلوا بها للجنة تحقيق “ترجمان” بشأن إخفاق السابع من أكتوبر 2023، عن رفض “إسرائيل” خطة عسكرية تتكون من 4 مراحل، وتبدأ باغتيال الشهيدين يحيى السنوار ومحمد الضيف قبل عملية “طوفان الأقصى”، وتمسكها ببقاء حركة حماس في الحكم، وجبهة غزة هادئة بأي ثمن.
ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، اليوم الثلاثاء، ما اعتبرها “واحدة من أكثر القضايا حساسية في العامين اللذين سبقا الحرب”، مؤكدة أن قيادة المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال بلورت خططا عسكرية لاغتيال قائدي حركة حماس السنوار والضيف، لكنها لم تنفذ رغم توصيات ضباط بارزين.
وذكرت الشهادات أن جيش الاحتلال رفض الخطط، للمحافظة على الجاهزية في الجبهة الشمالية، وتمسك المستوى السياسي بعدم المبادرة إلى عملية في غزة خلال فترات التهدئة.
وبحسب تقرير الصحيفة، فإن مواد استخباراتية ضُبطت في حواسيب تابعة لحماس داخل القطاع خلال الحرب كشفت أن الحركة خططت لتنفيذ هجوم بين عيد الفصح العبري لعام 2023 وما تسميه “إسرائيل” “يوم الاستقلال”، في إشارة إلى ذكرى احتلال فلسطين، وذلك في ظل تعمّق الشرخ داخل المجتمع الإسرائيلي نتيجة خطة تقويض القضاء التي قادتها الحكومة آنذاك والاحتجاجات المتصاعدة ضدها.
كما اطّلع أعضاء لجنة “ترجمان” على شهادات تتعلق بمبادرة إسرائيلية مضادة نوقشت في تلك الفترة، وكذلك في فترة موازية قبل عام من طوفان الأقصى، وتشمل خطة لاغتيال السنوار والضيف، وهي خطة سبق وكُشف عن بعض تفاصيلها في “يديعوت أحرونوت” في مارس الماضي.
ووفقاً لإحدى الشهادات التي قدمها ضابط كبير للجنة، فإن قيادة المنطقة الجنوبية للجيش لم تدفع فقط نحو خطة محدودة لاغتيال السنوار والضيف، بل طرحت أيضاً خطة أوسع أُعدّت مطلع العقد الأخير، وتتألف من أربع مراحل تبدأ بمبادرة إسرائيلية مفاجئة لاغتيال الضيف والسنوار إضافة إلى اثنين أو ثلاثة من كبار قادة الحركة على مستوى قادة الألوية.
وتبدأ المرحلة الثانية بقصف جميع مواقع التعاظم العسكري لحماس المعروفة لجهاز الأمن العام (الشاباك) والاستخبارات العسكرية، يتبع ذلك تنفيذ طلعات جوية متدرجة لضرب المواقع لحماس والجهاد الإسلامي، بينما تتضمن المرحلة الأخيرة دخول ثلاث فرق نظامية، هي 162 و36 و98، في مناورة برية محدودة بهدف “تنظيف” مناطق إطلاق الصواريخ.
ولفت التقرير إلى أنه على مدار سنوات، طالب المستوى السياسي برئاسة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بالإبقاء على حركة حماس في الحكم داخل القطاع، ولذلك لم تكن الخطة تهدف إلى الحسم أمام الحركة أو إسقاط حكمها، بل إلى إلحاق ضرر بالغ بها وإخراجها من توازنها، بما يردعها لسنوات طويلة.
وبحسب شهادة الضابط نفسه، فإن هيئة الأركان العامة، وبناءً على توصيات أقسام العمليات والاستخبارات، رفضت المبادرتين، المحدودة والواسعة، في الفرص التي توفرت خلال فترة السنة والنصف التي سبقت عملية “طوفان الأقصى”.
إلى جانب هذه الشهادة، تلقت لجنة “ترجمان” شهادة أخرى مناقضة، إذ أفاد ضابط كبير آخر في تلك الفترة، تحدث أمام اللجنة وقدم لها ملخصات نقاشات عملياتية، بأن قيادة الجنوب في الجيش أوصت بتنفيذ النسخة المصغرة من الخطة، أي اغتيال قائدي حماس.
وبحسب روايته، فإن الفرصة الأولى لتنفيذ الخطة التي طرحتها قيادة المنطقة الجنوبية في مايو 2022 جاءت في الأصل من جهاز الشاباك، بعد “هجوم الفؤوس” في مدينة إلعاد، الذي قُتل فيه أربعة إسرائيليين على يد منفذين تسللوا من الضفة الغربية المحتلة، وكان قد سبقه خطاب للسنوار دعا فيه الفلسطينيين إلى تنفيذ عمليات.
لكن توصية الشاباك بعد “هجوم الفؤوس” سقطت، بحسب التقرير العبري، بسبب عقيدة راسخة منذ سنوات ترى ضرورة إبقاء حماس قائمة وفاعلة في غزة وهي ضعيفة ومرتدعة، مع توجيه ضربات لها كل بضعة أشهر عبر جولات تصعيد، ومن دون الربط بين جبهتي الضفة الغربية وغزة.
وتؤكد شهادة أخرى أن الفرصة الأهم برزت مرة أخرى في فترة “توتر أمني” بين عيد الفصح و”يوم الاستقلال” عام 2023، حين شهدت الحدود إطلاق صواريخ ومضايقات نفذها عناصر من حماس، فطُرحت خطة المبادرة مجدداً.
ووفق الرواية الثانية التي وصلت إلى اللجنة، فإن توصية قيادة المنطقة الجنوبية لم تشمل الخطة الموسعة، بل اقتصرت على اغتيال القادة، إذ إنه بحسب هذه الشهادة، فإن الشاباك برئاسة رونين بار حينها دعم الفكرة بالفعل، وأن تحفظ رئيس الأركان آنذاك هرتسي هليفي كان مبدئياً فقط، استناداً إلى السياسة الحكومية الثابتة في منح نوع من الحصانة لحماس.
وتشير الشهادة إلى أن قائد المنطقة الجنوبية في حينه، أليعازر توليدانو، التقى رئيس الأركان هليفي لمناقشة الخطة، وطلب إذناً للتقدم في خطوة الاغتيال، وحصل على الضوء الأخضر للمضي في التخطيط للعملية، لكن هليفي اشترط إعداد خطة تسمح بتنفيذ الاغتيال ليس فقط في فترات الهدوء، عندما يكون احتمال اكتشاف موقع الضيف والسنوار أعلى، بل أيضاً في أيام التوتر، على أساس أن نتنياهو لن يوافق على تنفيذ الاغتيال إلا خلال تصعيد يمكن أن يبرر الخطوة.
ويلفت التقرير العبري إلى أن الاستعداد في عام 2023 كان موجهاً أساساً لجبهتي لبنان وإيران. وبحسب إحدى الشهادات أمام اللجنة، فإن “المستوى السياسي كرر وألح على الجيش أن يفعل كل ما يلزم كي تبقى غزة جبهة ثانوية وهادئة تقريباً بأي ثمن”.
وتضيف الشهادة أن قيادة المنطقة الجنوبية نفسها تمسكت بسياسة الهدوء والتقدم نحو تسوية مع حماس لفترات طويلة، وأن الخطة الواسعة لم تكن مثالية بالكامل، إذ تُطرح أسئلة حول جدوى تنفيذ مناورة محدودة ضد منصات إطلاق الصواريخ بعد أن تكون حماس قد استخدمتها مسبقاً.
ويختم التقرير إلى أن “الجزء المؤسف في هذه القصة ليس الخلافات أو الاتهامات بالكذب أو تبادل التهم بين الجنرالات، بل أنه لا يوجد من يحسم ما الذي حدث فعلاً خلف الأبواب المغلقة، ومن دفع في أي اتجاه، ولماذا أصر المستوى السياسي على مدى سنوات وفي فرص عديدة، عبر رؤساء أركان ورؤساء شاباك ووزراء أمن، على إبقاء حماس في الحكم بغزة مهما كان”.
