سحايا وحمى شوكية وتوقف غسيل الكلى .. انهيار صحي وشيك في غزة

غزة قدس الإخبارية: حذّرت وزارة الصحة في قطاع غزة من انهيار كامل للمنظومة الصحية نتيجة الأوضاع الكارثية المتفاقمة، مشيرة إلى أن استمرار منع الاحتلال إدخال الإمدادات الطبية والوقود يهدد حياة آلاف المرضى والجرحى، في وقت توقّف فيه مجمع الشفاء الطبي عن تقديم خدمة غسيل الكلى بشكل كامل، مع اقتصار خدماته حالياً على العناية المركزة لساعات محدودة فقط.
وأشارت الوزارة في تصريح صحفي، إلى أن الاستمرار في انقطاع الوقود يعني الموت المحتم للمرضى والجرحى في مستشفيات القطاع، مؤكدة أن الأزمة ناجمة عن سياسة الاحتلال التقطيرية والمتعمدة في تزويد المرافق الصحية بالوقود، ما يعطل عمل المولدات الكهربائية ويقوّض تقديم الخدمات الحيوية.
وفي ظل هذه الظروف، لجأت الوزارة إلى تقنين استخدام المستلزمات الطبية، بحيث يتم توزيعها على أكثر من مريض في الوقت ذاته، بحسب مدير المستشفيات الميدانية الدكتور مروان الهمص، الذي حذر بدوره من توقف المستشفيات الرئيسية عن العمل خلال فترة قصيرة بسبب النقص الحاد في المواد الأساسية.
وفي هذا السياق، سجل مجمع ناصر الطبي في مدينة خان يونس رقماً قياسياً في عدد إصابات الحمى الشوكية بين الأطفال، حيث بلغ عدد الحالات المؤكدة 35 حالة، بينما حذّر الأطباء من أن استمرار الظروف الحالية سيسرّع انتشار المرض، خصوصاً في ظل الازدحام داخل خيام النزوح، وسوء التغذية الحاد الذي أضعف جهاز المناعة لدى الأطفال.
وتشير آخر بيانات الوزارة إلى تسجيل 337 إصابة بالسحايا، منها 259 إصابة فيروسية، في وقت يعاني فيه القطاع من نقص حاد في الأدوية والمستهلكات الطبية، حيث وصلت نسبة العجز في قائمة الأدوية الأساسية إلى 47%، والمستهلكات الطبية إلى 65%.
انهيار المنظومة الصحية
من جانبه، قال مدير عام وزارة الصحة في غزة، منير البرش، إن ما تبقى من مستشفيات في القطاع تعمل بطاقة لا تكفي لمواكبة حجم الإصابات والاحتياجات، مشيراً إلى أن 45 غرفة عمليات فقط من أصل 312 ما زالت تعمل، لكنها تفتقر إلى المقومات اللازمة لإجراء التدخلات الجراحية العاجلة والمعقدة.
وأضافت الوزارة أن 338 مريضاً من مرضى الأورام توفوا أثناء انتظارهم الحصول على تحويلات للعلاج في الخارج، في حين تم منع 11 ألف مريض سرطان من مغادرة القطاع بعد تدمير المراكز التخصصية ومنع إدخال الأدوية.
كما توفي 513 مريضاً نتيجة منعهم من السفر لتلقي العلاج خارج غزة، و41% من مرضى الفشل الكلوي لقوا حتفهم بسبب تعطل جلسات الغسيل، فيما تعمل 9 محطات أوكسجين فقط من أصل 34 بشكل جزئي.
وفي الشمال، تم تفريغ القطاع بالكامل من المستشفيات بفعل تدميرها ومحاصرتها، ما أدى إلى غياب تام للخدمات الطبية وازدياد الضغط على المراكز الصحية المتبقية في مدينة غزة، التي تعاني بدورها من نقص في مولدات الكهرباء التي لا تكفي لتشغيل الأقسام الحيوية.
وأشارت الوزارة إلى تدهور حالة بنوك الدم وانعدام فعالية حملات التبرع، نتيجة تفشي حالات فقر الدم وسوء التغذية، كما يعاني الأطفال الرضع من نقص حاد في الحليب العلاجي. وسُجلت منذ بداية العام 59 ألف حالة إسهال مدمم، و254 ألف إصابة بأمراض الجهاز التنفسي، مع تفاقم انتشار الأمراض المعدية في ظل انعدام مصادر التغذية ومياه الشرب.
كما تراجعت نسبة التطعيمات إلى 80%، مع استمرار الاحتلال في منع إدخال اللقاحات الأساسية، بما في ذلك لقاح شلل الأطفال، ما يهدد بظهور أوبئة جديدة بين الأطفال.
وأكدت وزارة الصحة أن استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يعني انهياراً كاملاً للمنظومة الصحية، محذّرة من أن تقويض الاحتلال لجهود المؤسسات الدولية يزيد من تعقيد المشهد الصحي ويضع حياة آلاف الفلسطينيين على المحك.