اخبار فلسطين

عملية تل أبيب.. بين أبعاد الزمان والمكان

خاص شبكة قدس الإخبارية: مساء الأحد 18 آب/أغسطس الجاري، دوى انفجار ضخم في وسط تل أبيب كسر هدوء الليل، سرعان ما هرعت طواقم شرطة الاحتلال والإسعاف إلى المكان، ليتم الإعلان عن مقتل شخص، وإلحاق أضرار في المكان، دون الحسم في الإعلان عن أسباب الانفجار، حتى صباح اليوم عندما أعلنت شرطة الاحتلال أن الحدث على خلفية عملية فدائية حيث انفجرت عبوة ناسفة كان يحملها فلسطيني قبل وصوله إلى أحد تجمعات المستوطنين.

تأتي هذه العملية في سياق معركة طوفان الأقصى وعلى وقع حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة، وضمن تصعيدٍ عسكري تشهده الأراضي الفلسطينية منذ فترة طويلة نسبياً، ولكن ثمة ما هو جديد حمله حدث أمس.

 

المكان.. بين الرمزية والاستراتيجية
وقعت العملية في قلب تل أبيب، وهي كبرى المدن الاستيطانية في داخل فلسطين المحتلة عام 1948، وتُعتبر الأضخم من حيث الثقل السكاني للمستوطنين، فضلاً عن رمزيتها السياسية وثقلها الاقتصادي للاحتلال، والترويج الإعلامي الإسرائيلي لها، فجاءت العملية كاسرةً لهذه الحدود والرمزية.
وأشارت تصريحات الاحتلال إلى أن المنفذ من سكان الضفة المحتلة، ما يدلل على اختراق أمني قد تعرض له الاحتلال، الذي يفرض إجراءات مشددة على الضفة وسكانها ويلاحق محاولات دخولهم إلى داخل فلسطين المحتلة، غير أن الشاب استطاع الدخول والتجول في قلب تل أبيب قبل أن تنفجر العبوة التي يحملها، في تحدٍ للإجراءات الأمنية التي يتخذها الاحتلال.

 

العملية الأولى منذ 11 عام

وتأتي العملية كأول عملية تفجيرية تشهدها تل أبيب منذ 11 عاماً، عندما انفجرت عبوة ناسفة في حافلة إسرائيلية بنمطقة “بات يام” في شهر كانون أول/ديسمبر عام 2013، وقد اتهم الاحتلال 4 شبان من حركة الجهاد الإسلامي بالعملية، لتنقطع بعدها العمليات التفجيرية في تل أبيب، بينما نُفذت عدة عمليات إطلاق نار ودهس أوقعت قتلى في صفوف المستوطنين هناك.

وشهدت السنوات الماضية محاولات عسكرية من قبل خلايا للمقاومة في الضفة، سعت لتطوير سلاح المتفجرات، وحاولت تنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية داخل فلسطين المحتلة، كان ابرزها مجموعة الشهيد محمد عاصي من بيت لقيا، التي نجحت بتفجير حافلة إسرائيلية في تل أبيب ونتج عن العملية إصابة 20 مستوطناً، وكان ذلك عام 2012 بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، فيما نفذ  الأسير حمدي التعمري ومجموعته عملية مشابهة في تل أبيب، نجم عنها تفجير حافلة بالكامل بعد زرع عبوة ناسفة بها.
سبق ذلك عمليات تفجيرية مشابهة وقعت بعد انتهاء انتفاضة الأقصى، كعملية ديمونا الاستشهادية عام 2008، والتي نفذها الاستشهاديان محمد حرباوي وشادي زغير من مدينة الخليل، وعملية الاستشهادي عبد الحميد أبو سرور عام 2016، الذي فجر نفسه في حافلة إسرائيلية بمدينة القدس وأصاب بها 20 مستوطناً.
وخلال عام 2019 نفذت مجموعة من الجبهة الشعبية عملية تفجير عبوة ناسفة استهدفت قطعان المستوطنين قرب قرية دير بزيغ قتل بها مستوطنة وأصيب آخرين.

 

تطور سلاح العبوات في الضفة
وتعيش الضفة المحتلة حالة نضالية متصاعدة منذ عام 2021 طورت بها مجموعات المقاومة العبوات الناسفة، التي باتت كابوساً يواجه جيش الاحتلال عند اقتحامه مناطق شمال الضفة، وأوقعت هذه العبوات العديد من الخسائر في صفوف جنود الاحتلال ودمرت عدداً من آلياته كان آخرها في طوباس قبل أيام.
ومطلع عام 2023 الماضي، استطاع الأسير إسلام فروخ من مدينة رام الله، من زراعة عبوات ناسفة في موقف حافلات في مدينة القدس، واستطاع تفجريها بتقنية التفجير عن بعد، وقد أوقعت العملية 3 قتلى من المستوطنين، و10 إصابات.

وفي أعقاب الانفجار الذي وقع أمس في تل أبيب، أعلنت شرطة الاحتلال رفع حالة التأهب في المنطقة لأول مرة منذ السابع من أكتوبر الماضي، في إشارة للبعد الأمني الذي حملته، وتوسع التصعيد ليشمل مناطق العمق للاحتلال.
وأعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام الذراع العسكري لحركة حماس، عن مسؤوليتها عن عملية تل أبيب أمس بالاشتراك مع سرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وذكر البيان أن العمليات الاستشهادية في عمق الاحتلال ستعود إلى الواجهة مع استمرار جرائم الاحتلال وعمليات تهجير الفلسطينيين وسياسة الاغتيالات.