“مساعدات الموت”.. هكذا حاول الاحتلال التنصل من مسؤوليته عن المجزرة بفيديو كاذب

متابعة شبكة قدس: في أعقاب المجزرة المروّعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق مئات الفلسطينيين خلال محاولة الحصول على مساعدات إنسانية في رفح، سارعت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية إلى نشر فيديو تزعم فيه أن مسلحين فلسطينيين أطلقوا النار وسط الحشود، في محاولة لتبرير القتل الجماعي الذي وقع فجر يوم الأحد.
الرواية التي قدمها جيش الاحتلال، سواء في مضمونها أو في إخراجها البصري، تُعيد إلى الأذهان ما حدث قبل عام تقريبًا خلال ما بات يُعرف باسم “مجزرة الطحين” في شمال قطاع غزة. حينها، نشر الاحتلال مشاهد زعم أنها توثق إطلاق مسلحين فلسطينيين النار على المدنيين والنازحين، غير أن تحقيقات دولية وصحفية مستقلة كشفت أن الشهداء قضوا نتيجة إطلاق نار من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية، وليس كما ادعى الجيش.
ونشر جيش الاحتلال، اليوم، ما قال إنه تحقيقا أوليا عن مجزرة رفح، زعم فيه أنه لم يطلق النار في محيط مركز توزيع المساعدات. وذلك في الوقت الذي وثقت فيه مقاطع فيديو، تداولتها وسائل إعلام فلسطينية لحظة إطلاق قوات الاحتلال النار تجاه فلسطينيين قرب مركز “الشركة الأمريكية” في محور “نتساريم” وسط قطاع غزة، صباح اليوم.
لكن بخلاف حالة مجزرة الشمال، فإن الفيديو الذي نشره جيش الاحتلال الإسرائيلي بشأن ما حدث في رفح لا يحتاج إلى خبرات فنية أو وقت طويل لتفنيده، بل يكفي القليل من الانتباه وتحليل المشاهد، لنكتشف تناقضا زمنيا واضحا في الإضاءة، فالمجزرة وقعت الساعة 6:00 صباحًا، في حين أن شروق الشمس في رفح كان عند الساعة 5:40 صباحًا. إلا أن الفيديو الذي نشره جيش الاحتلال يظهر إضاءة ضعيفة، أقرب إلى ما قبل الشروق، ما يدل على أن التصوير لم يتم في نفس وقت وقوع المجزرة.
وفي بداية الفيديو، تظهر أعداد كبيرة من المدنيين يتزاحمون حول أكياس الطحين. ثم يتبدل المشهد فجأة، فتختفي الأكياس، ويقل عدد الأشخاص بشكل كبير، ما يشير إلى أن اللقطتين لا تنتميان إلى نفس الحدث أو التوقيت، بل تم تجميعهما لخدمة سردية معينة.
وبمقارنة الظلال في المشهدين، يتضح اختلافها الواضح، مما يُثبت أن التصوير جرى في توقيتين مختلفين، وهذا يبطل زعم جيش الاحتلال الإسرائيلي بأن الفيديو يوثق لحظة واحدة أو حدثًا متصلاً.
وفي أحد المقاطع، يظهر مسلح يُطلق النار، لكن المدنيين المحيطين به لم يفروا أو يظهر عليهم الذعر، وهو ما يتنافى مع رد الفعل الطبيعي في حالة إطلاق نار عشوائي وسط حشد، ما يرجّح أن إطلاق النار كان موجّهًا نحو هدف محدد وليس عشوائيًا، ولا يمكن أن يفسر ارتقاء 50 شهيدًا وأكثر من 200 جريح.
بالإضافة إلى التلاعب في التوقيت والإخراج، فإن الموقع المصوّر في الفيديو لا يمت بصلة إلى منطقة توزيع المساعدات في رفح. فبعد التحليل الجغرافي الدقيق للموقع، ومقارنته بمشاهد موثّقة من قاعدة توزيع رفح التي تم استهدافها، يتبين، أن الفيديو تم تصويره في خان يونس، وتحديدًا في نقطة بيع لطحن مسروق، تسيطر عليها عائلة مسلحة معروفة بتنظيم سرقة المساعدات.
كما تم توثيق مشاهد عنف مماثلة في هذا الموقع سابقًا، حيث يتم استخدام القوة والعنف لتنظيم طوابير المدنيين ودفعهم لشراء المساعدات المسروقة.
وذكرت التقارير أنه تمت مداهمة شاحنات المساعدات في دوار التحلية أمس، وتم بيع الدقيق المسروق في هذه الأثناء.
وأكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن لقطات جيش الاحتلال كشفت جريمة أخرى وهي حماية عصابات النهب ورعايتها.
كما أن مدخل قاعدة توزيع المساعدات في رفح لا يشبه هذا الموقع أبدًا، فقد نشرت وسائل إعلام إسرائيلية بنفسها فيديو للقاعدة يُظهر أنها منطقة مدمرة بالكامل وتخلو من أي خضرة، بينما تظهر في الفيديو المتداول خلفيات فيها أشجار ومبانٍ قائمة.