منظمة حقوقية تحذر من تطهير عرقي في مخيمات الضفة

فلسطين المحتلة شبكة قُدس: قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن تهجير الاحتلال القسري لعشرات آلاف الفلسطينيين من 3 مخيمات للاجئين في الضفة الغربية المحتلة مطلع عام 2025، ومنعهم من العودة إلى منازلهم المدمرة، تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وتستدعي مساءلة كبار المسؤولين الإسرائيليين أمام القضاء الدولي.
وذكر تقرير أصدرته المنظمة، أن قوات الاحتلال نفّذت بين يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط 2025 عملية عسكرية موسّعة أطلقت عليها اسم “السور الحديدي”، استهدفت مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس للاجئين، بعد أيام من إعلان وقف مؤقت لإطلاق النار في غزة.
وبحسب المنظمة، تلقّى سكان المخيمات أوامر مفاجئة بمغادرة منازلهم عبر مكبرات صوت على طائرات مسيرة، قبل أن تتحرك القوات برا لاقتحام المنازل ونهب الممتلكات واستجواب السكان، ثم إجبار 32 ألف فلسطيني على الخروج الجماعي من المخيمات.
وذكرت المنظمة أنها تحققت من صور أقمار صناعية وأشرطة فيديو توثق التدمير الواسع في المخيمات الثلاثة.
وقال شهود، وثقت المنظمة شهاداتهم، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي استخدم مروحيات “أباتشي” ومسيّرات وجرافات ومدرعات، وشاهدوا الجرافات تهدم منازلهم أثناء عمليات تهجيرهم.
ونقل التقرير عن امرأة تبلغ 54 عاما “كانوا يصرخون ويرمون الأشياء في كل مكان.. كانوا مقنّعين ويحملون مختلف الأسلحة. أحد الجنود قال: لم يعد لكم منزل هنا، عليكم المغادرة”.
وأكد التقرير أن جيش الاحتلال لم يوفر أي مأوى أو مساعدات إنسانية للمهجرين، فلجأ معظمهم إلى بيوت أقارب مكتظة أو إلى المساجد والمدارس.
ومنذ انتهاء التوغلات، واصلت قوات الاحتلال منع السكان من العودة، رغم غياب أي عمليات عسكرية نشطة، وأطلقت النار على من حاول الاقتراب من منزله.
كما أغلقت المداخل الرئيسية وهدمت أحياء بأكملها لتوسيع الأزقة والطرق داخل المخيمات.
وأظهر تحليل هيومن رايتس ووتش لصور الأقمار الصناعية أن أكثر من 850 منزلا دُمّر أو تعرض لضرر بالغ خلال الأشهر الستة التالية للعملية ضمن المناطق التي شهدت تفريغا كاملا للسكان من قبل قوات الجيش الإسرائيلي.
كما نقل التقرير توثيقا عن مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية “يونوسات” وثّق في تقييم أولي 1460 مبنى متضررا في المخيمات الثلاثة، بينها 652 مبنى لحقت بها أضرار متوسطة.
وأشار التقرير إلى أن وزير المالية لدى الاحتلال بتسلئيل سموتريتش صرّح في فبراير/شباط الماضي بأن المخيمات ستُترك “أطلالا غير صالحة للسكن” إذا “استمر سكانها في أعمال المقاومة”، وفق قوله، وبأن السكان “سيضطرون للبحث عن حياة جديدة في بلدان أخرى”.
وعدّت المنظمة هذا التهجير بمثابة “تطهير عرقي”، وأوضحت أن اتفاقية جنيف الرابعة تحظر تهجير المدنيين من الأراضي المحتلة إلا مؤقتا ولأسباب عسكرية قاهرة أو لحماية السكان أنفسهم.
كما تُلزَم القوة المحتلة بضمان السكن والحماية وحق العودة فور توقف الأعمال القتالية.
وقالت إن قوات الاحتلال لم تقدّم أي دليل على ضرورة عمليات الإخلاء الشامل لتحقيق أهداف عسكرية، ولم تشرح سبب استمرار منع السكان من العودة.
ووثّقت المنظمة مقتل نحو ألف فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلى جانب توسع الاعتقال الإداري وهدم المنازل، وبناء مستوطنات جديدة، وارتفاع اعتداءات المستوطنين، وتعذيب معتقلين فلسطينيين.
وقالت إن التهجير القسري وغيره من الانتهاكات يدخلان ضمن جريمتي الفصل العنصري والاضطهاد اللتين تُرتكبان بحق الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
ودعت المنظمة إلى التحقيق وملاحقة المسؤولين الإسرائيليين على المستويات العليا، بمن فيهم آفي بلوط قائد القيادة المركزية لجيش الاحتلال والمسؤول عن عمليات الاقتحام وأوامر الهدم، وهرتسي هاليفي وإيال زامير بصفتهما رئيسي الأركان خلال الفترة المعنية، بالإضافة إلى سموتريتش، ووزير الحرب يسرائيل كاتس، ورئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية.
وجاء في التقرير “تؤكد الانتهاكات الإسرائيلية المتصاعدة في الضفة الغربية ضرورة تحرك الحكومات العاجل لمنع مزيد من القمع بحق الفلسطينيين. على الدول أن تفرض عقوبات على نتنياهو وكاتس وغيرهما من المسؤولين الضالعين في جرائم خطيرة، وأن تلتزم بتنفيذ جميع أوامر القبض الدولية”.
وطالبت المنظمة بتفعيل مبدأ الولاية القضائية العالمية وفتح تحقيق لدى المحكمة الجنائية الدولية بشأن الجرائم الموثقة بما في ذلك المسؤولية القيادية.
كما حثّت المنظمة الحكومات على فرض عقوبات محددة الهدف على كبار المسؤولين الإسرائيليين، وحظر تصدير السلاح إلى الاحتلال، وتعليق الاتفاقيات التجارية التفضيلية، وحظر التجارة مع المستوطنات، إضافة إلى تنفيذ أوامر الاعتقال الصادرة عن الجنائية الدولية.
