اخبار الإمارات

بعد هدنة لبنان.. غزة وطموحات إيران النووية في انتظار ترامب

سيكون من الصعب تحقيق سلام أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط، في حين يلوح التهديد الإيراني لإسرائيل في الأفق فوق أي جهد دبلوماسي.

وجهة نظر يتبناها ستيفن إيرلانغر، في تقرير له في صحيفة “نيويورك تايمز”، مشيرا إلى أنه رغم صعوبة تحقيق وقف إطلاق النار في لبنان، إلا أنه كان الجزء الأسهل، على حد تعبيره.

بعد المساعدة في التوصل إلى الاتفاق هذا الأسبوع، أصر الرئيس بايدن على أن “السلام ممكن”، مما يعكس الآمال في أن يكون وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله في لبنان خطوة أولى نحو إنهاء الصراعات في جميع أنحاء الشرق الأوسط الأوسع.
لكن الكاتب يرى أن العقبات التي تعترض السلام خارج لبنان هائلة، وأنه من المرجح أن تقع مسؤولية أي إعادة تنظيم إقليمي على عاتق خليفة بايدن، دونالد ترامب.
كانت كل من إسرائيل وإيران، القوة الإقليمية التي تدعم حزب الله، تريدان إنهاء القتال في لبنان، ولكل منهما أسبابها الخاصة.
وبعد أن تقلصت قوتها إلى حد كبير، لم يعد أمام جماعة حزب الله أي بديل، وفق التقرير.

السلام ليس وشيكاً في غزة

يرى الكاتب أنه، ورغم تحقيق السلام في لبنان، إلا أن هذا لا يعني أن السلام بات وشيكاً في غزة، فما زالت إسرائيل وحماس بعيدتين عن التوصل إلى وقف إطلاق النار.

وما زالت القوى الإقليمية الرئيسية تصر على إقامة دولة فلسطينية، وهو الاحتمال الذي يبدو بعيداً على نحو متزايد، وفق ما يرى الكاتب.
وأخيراً وليس آخراً، فإن احتمال امتلاك إيران للسلاح النووي يلوح في الأفق فوق أي جهد دبلوماسي.
في خطابه إلى الإسرائيليين لشرح سبب موافقته على وقف إطلاق النار في لبنان، كان رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو واضحاً لا لبس فيه: “السبب الأول هو التركيز على التهديد الإيراني”.
ويشير الكاتب إلى أن إيران ستكون على رأس قائمة أولويات ترامب في المنطقة.
وهذا ليس فقط لأنها تشكل المحور الرئيسي للتهديدات التي تواجه إسرائيل، بل وأيضاً لأنها اخبار السعودية تخصيب اليورانيوم الذي يمكن تحويله بسرعة إلى أسلحة، والوقت ينفد للتوصل إلى اتفاق جديد للحد من إنتاجها.
ويضيف التقرير أن هناك عوامل تعمل لصالح ترامب، فإيران، التي باركت وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، تحاول أن تظهر لإدارة ترامب القادمة أنها منفتحة مرة أخرى على التوصل إلى اتفاق تفاوضي بشأن برنامجها النووي، كما يقول دبلوماسيون ومحللون.

ويقولون إن إيران، في ظل الأضرار الجسيمة التي لحقت بحلفائها حزب الله وحماس، والضعف الذي أصاب دفاعاتها الجوية، تريد تجنب المواجهة العسكرية المباشرة مع إسرائيل والحصول على تخفيف اقتصادي من العقوبات المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي.
ولذلك كانت طهران حريصة على إظهار استعدادها المتجدد للتفاوض بشأن تخصيب اليورانيوم الذي يتوسع بسرعة، والذي أصبح على بعد أسابيع قليلة من الوصول إلى درجة صنع الأسلحة، قبل أن يتولى ترامب منصبه.
وتقول سنام فاكيل، مديرة قسم الشرق الأوسط في تشاتام هاوس، إن الإيرانيين، إلى جانب كل من حولهم في الشرق الأوسط، يحاولون استمالة “طموحات ترامب في عقد الصفقات”.
وأضافت أنهم يستعرضون امتثالهم في لبنان وأعادوا الاخبار السعودية مع الأوروبيين، ملوحين بإمكانية التوصل إلى اتفاق نووي جديد.
وتابعت: “لكن الوصول من هنا إلى الطاولة والتوصل إلى اتفاق هو عملية صعبة للغاية، والوقت يمضي بسرعة”.

ترامب والضغط الأقصى

في ولايته الأولى، انسحب ترامب من الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران، مصراً على أنه ليس صارماً بما فيه الكفاية. وأسس الرئيس المنتخب، سياسة “الضغط الأقصى”، وأعاد فرض العقوبات الاقتصادية الأمريكية الصارمة على إيران وأضاف المزيد منها.
يقول علي فايز، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، إن إيران، التي يعيش اقتصادها في حالة مدمرة، ترغب في تجنب “الضغط الأقصى 2.0”.
وتحاول إيران والدول الأوروبية التي ساعدت في التفاوض على اتفاق 2015 وفشلت في الحفاظ عليه ــ بريطانيا وفرنسا وألمانيا ــ حالياً استكشاف إمكانية التوصل إلى اتفاق جديد، إلى جانب المناقشات حول كيفية تهدئة التوترات في الشرق الأوسط الأكبر، حيث سعت إيران إلى توسيع ثورتها الإسلامية.

والأمل هو إقناع ترامب بالامتناع عن تطبيق مجموعة جديدة من العقوبات الاقتصادية القاسية بمجرد عودته إلى الرئاسة في يناير (كانون الثاني).
وقال فايز: “قد يكون ترامب مستعداً لـ”الضغط الأقصى 2.0″، لكن إيران لم تعد قادرة على دعم “المقاومة القصوى 2.0”.
وأضاف: “إنهم يريدون تجنب مواجهة أخرى مكلفة مع ترامب واستكشاف فرص التوصل لاتفاق”، معتقداً أن ترامب يمكنه إقناع الكونغرس الأمريكي بدعم هذا الاتفاق.

ولتحقيق هذه الغاية، سيلتقي نائب وزير الخارجية الإيراني مع مسؤولين أوروبيين في جنيف الجمعة، وذلك للبناء على اجتماع سابق عقد في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول).
لقد رعت نفس هذه الدول الأوروبية قراراً في الأسبوع الماضي يفرض الرقابة على إيران لعدم شفافيتها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، ربما لظهروا لترامب أنهم أيضاً على استعداد لأن يكونوا أكثر صرامة مع إيران، وفق ما يرى الكاتب.
وتصر إيران بانتظام على أن برنامجها النووي مخصص لأغراض مدنية بحتة، لكنها تعمل على تخصيب اليورانيوم إلى مستوى ليس له استخدام مدني ولكنه قريب من المستوى العسكري.
ولا يتوقع المسؤولون الأوروبيون الكثير من الاجتماع يوم الجمعة، لكنهم يرون فيه وسيلة للتحضير لرئاسة ترامب والتأثير على سياسته تجاه إيران.

قلق أوروبي

لا يريد الأوروبيون أن يتم تهميشهم من قبل أي اتفاق مباشر بين الولايات المتحدة وإيران، وفق ما يرى الكاتب.
فمنذ ترك ترامب الرئاسة، تسبب تعاون إيران المفتوح مع الصين وخاصة مع روسيا في إزعاج الأوروبيين، الذين أصبح أمنهم مهدداً بسبب حرب روسيا في أوكرانيا وتناقض ترامب بشأن حلف شمال الأطلسي.
وقالت كيسلي دافنبورت، مديرة سياسة منع الانتشار في رابطة الحد من الأسلحة: “لا أتوقع أن يسفر الاجتماع عن نتائج ملموسة، لكنه فرصة للأوروبيين وإيران لاستكشاف الخطوط العريضة للاتفاق، وما ترغب إيران في طرحه على الطاولة”.
وأضافت أنه بمجرد تولي ترامب منصبه، فإن الوقت اللازم للتوصل إلى اتفاق جديد سيكون قصيراً، حوالي ستة أشهر فقط.

ويرجع ذلك إلى أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في عام 2015 والذي علق العقوبات الدولية ضد إيران ينتهي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق جديد قبل ذلك الموعد، فمن المتوقع أن يلجأ الأوروبيون إلى الأمم المتحدة لاستعادتها، في ما يعرف بالعقوبات السريعة.
وقالت دافنبورت إن “الضغوط المتعددة الأطراف، مع فرض عقوبات الأمم المتحدة بالإضافة إلى العقوبات الأميركية، هي ما تريد إيران تجنبه حقاً”.
وأوضحت أن “الإيرانيين كانوا أذكياء للغاية عندما أشاروا في وقت مبكر وواضح إلى استعدادهم للتفاوض مع ترامب”.
وأضافت أن “هناك بالفعل توترات بين المحيطين بترامب الذين يفضلون ممارسة أقصى قدر من الضغط وبين تفضيله المعلن للتوصل إلى اتفاق، وهذا سبب آخر يدفع الأوروبيين إلى دفع ترامب إلى التحرك بسرعة”.
ولكن في إطار الجهود الرامية إلى تحقيق السلام الأوسع في الشرق الأوسط، فإن الاتفاق النووي مع إيران ليس سوى جزء واحد صعب للغاية من لغز معقد، وخاصة إذا دفع ترامب إلى إحياء التطبيع بين السعودية وإسرائيل الذي بدا واردا قبل حرب غزة.
وقال محللون إنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق نووي وتم تعزيز الضغوط الأميركية القصوى من خلال إعادة فرض العقوبات، فإن إيران، التي أضعفتها مواجهتها مع إسرائيل، قد تختار المضي قدماً وتطوير رادعها النووي.
وسوف تشكل مثل هذه الخطوة انتهاكا لالتزامات إيران بموجب معاهدة منع الانتشار النووي، وتشكل تحديا لإسرائيل والولايات المتحدة، اللتين تعهدتا بمنع إيران من الحصول على القنبلة النووية على الإطلاق.