اخبار الإمارات

كيف خدع نتانياهو نصرالله؟ – موقع 24

تناول المحرر الاستقصائي البريطاني ديفيد روز أسباب فشل محادثات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، وتفوق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على زعيم حزب الله، حسن نصر الله.

اعتماد نتانياهو على القوة، بدلاً من الدبلوماسية، في لحظة سانحة لإيقاف إطلاق النار، قد يثبت أنه خطأ مكلف

وقال الكاتب في مقاله بموقع “Unherd” البريطاني إن اغتيال نصرالله، رغم اعتباره انتصاراً لإسرائيل، ربما كان جزءاً من استراتيجية خادعة سيكون لها عواقب طويلة الأمد على الاستقرار الإقليمي.

فرصة وقف إطلاق النار

استقبلت إسرائيل مقتل نصر الله بغارة جوية لقواتها في بيروت بالترحيب باعتباره نجاحاً كبيراً. ولكن في الوقت نفسه، لم يكن هناك أي أمل في التوصل إلى حل. وزعم نتانياهو أن هذا من شأنه أن يغير ميزان القوى الإقليمي (لصالح إسرائيل)، حيث كان نصر الله شخصية محورية في عمليات حزب الله ضد إسرائيل لأكثر من ثلاثين عاماً.
وأشار روز إلى أنه قبل يوم واحد فقط من الاغتيال، كانت محادثات وقف إطلاق النار التي شملت إسرائيل وحزب الله وإيران على وشك أن تؤتي ثمارها. فقد دعا بيان، بدعم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وغيرهما من الجهات الفاعلة الدولية، إلى وقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أسابيع، وهو ما كان من شأنه أن يسمح للمدنيين النازحين بالعودة إلى ديارهم وربما يضع الأساس لتسوية طويلة الأجل بين إسرائيل وحزب الله.

وكان التطور الرئيسي في هذه المحادثات هو الاتفاق المبدئي بين حزب الله وإيران على إسقاط الشرط الذي يقضي بفرض وقف إطلاق النار في غزة أيضاً، حيث اخبار السعودية حماس احتجاز الرهائن الإسرائيليين. وبحسب مصادر دبلوماسية، فإن النص النهائي لاتفاق وقف إطلاق النار كان قد تم صياغته وكان ينتظر موافقة إسرائيل، والتي كان من المتوقع أن تتم قريباً.

خداع إسرائيل

ولفت الكاتب النظر إلى أن إسرائيل استخدمت محادثات وقف إطلاق النار هذه كأداة للخداع. ووفقاً لدان ديكر، رئيس مركز القدس للأمن والشؤون الخارجية، سمحت إسرائيل لحزب الله بالاعتقاد بأنها جادة بشأن وقف إطلاق النار، مع علمها التام بأن نصر الله سيشعر بالأمان الكافي للقاء الجنرال عباس نيلفوروشان، راعيه الإيراني، في مقر حزب الله في بيروت. وقد سمح هذا لإسرائيل بتنفيذ الضربة المستهدفة التي قتلت نصر الله.

 

وقال ديكر إن إسرائيل تفوقت على حزب الله وإيران، باستخدام الحرب النفسية لجعل الأمر يبدو وكأن الهدنة وشيكة بينما كانت تخطط للقضاء على قيادة حزب الله. ووفقاً لديكر، لم يكن الهدف الحقيقي لإسرائيل السلام أبداً بل الاستمرار في “إذلال حزب الله” حتى تتحقق أهدافها – أي تأمين حدودها الشمالية وضمان العودة الآمنة للنازحين الإسرائيليين.

تداعيات الاغتيال

رغم التفاؤل الذي أحاط بمحادثات وقف إطلاق النار، ووفاة نصر الله، واستمرار الحملة العسكرية الإسرائيلية في لبنان، ترك الاغتيال طعماً مريراً لدى الدبلوماسيين المشاركين. ووصف أحد المشاركين الأوروبيين في محادثات وقف إطلاق النار تصرفات إسرائيل بأنها “صفعة على الوجه”، متهماً إسرائيل بالازدواجية وتقويض الثقة في عملية السلام.
وأكد وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب علناً أن نصر الله وافق على وقف إطلاق النار قبل مقتله، ولكن بحلول ذلك الوقت، كانت القوات البرية الإسرائيلية تتقدم بالفعل إلى لبنان، وكانت فرصة السلام قد تبخرت.

التصعيد الإقليمي

ورغم الإشادة بالنجاح العسكري الإسرائيلي في لبنان، يحذر الكاتب من أن هذا الأمر قد يأتي بنتائج عكسية. فرداً على مقتل نصر الله، شنت إيران بالفعل هجمات إلكترونية وعسكرية ضد مؤسسات إسرائيلية، وقد تتصاعد الأمور أكثر. وتظل قدرة إيران على الرد كبيرة، وقد يؤدي انتصار إسرائيل على حزب الله إلى عواقب أكثر خطورة.

فرصة ضائعة؟

يختتم روز بالتساؤل عن الحكمة طويلة الأجل في تصرفات إسرائيل. فبينما قد تبدو استراتيجية نتانياهو للقضاء على نصر الله وكأنها انتصار قصير الأجل، فإن فشل محادثات وقف إطلاق النار وفشل استغلال الدبلوماسية عقب ميزة الضربة العسكرية يترك المنطقة على حافة الهاوية.
ونظراً لقدرة إيران على مواصلة شن حرب غير متكافئة من خلال وكلائها، يقترح روز أن استراتيجية نتنياهو تعاني من سوء تقدير. فما كان يمكن أن يكون لحظة لتهدئة الصراع أدى بدلاً من ذلك إلى مزيد من عدم الاستقرار، ويبقى أن نرى ما إذا كانت إسرائيل قادرة على الحفاظ على اليد العليا مع استمرار الديناميكيات الإقليمية في التحول.

وحذر الكاتب من أن اعتماد نتانياهو على القوة، بدلاً من الدبلوماسية، في لحظة سانحة لإيقاف إطلاق النار، قد يثبت أنه خطأ مكلف، مما يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، وربما يشعل صراعاً أوسع نطاقاً قد لا تتمكن إسرائيل من السيطرة عليه.