المرأه بين التمكين القانوني والمجتمعي

إن إبعاد المرأة عن العمل هو من أبرز مظاهر التخلف الاقتصادي والاجتماعي ، ولا يتم تعزيز دور المرأة إلا من خلال العمل في كافة الميادين، ويبدو أن الثقافة التقليدية في بعض المجتمعات العربية وقفت أمام مساواة المرأة بالرجل. ومنذ بداية العقد العالمي للمرأة وحتى مؤتمر بكين 1996، بدأ الاهتمام العالمي بقضية تنمية وتمكين المرأه من أداء أدوارها بفعالية مثل الرجل، والمشاركة في اتخاذ القرار في مختلف مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وقد واكب هذا الاهتمام العالمي اهتمام كثير من الدول والهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية، وذلك من خلال عقد سلسلة من الندوات والمناقشات وأوراش العمل والمؤتمرات.
قد أشار الإعلان العالمي لحقوق الانسان الى حق المراة فى العمل فى المادة 23فى الفقرة الاولى والثانية والتى تنص على أن لكل شخص الحق فى العمل و لة الحرية فى اختياره بشروط مرضية كما ان لة حق الحماية من البطالة دون تميز بين الرجل والمرأة.
وقد اشارت اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة فى المادة11للقضاء على التمييز ضد المرأة في ميدان العمل لكي تكفل لها المساواة بينها وبين الرجل في كافة الحقوق الحقوق. وبالرغم من الستار الذي فرضته التقاليد على النساء، فقد برز عدد منهن كعائشة التيمورية التي غدت شاعرة وأديبة. وملك ناصف أو باحثة البادية التي كان لها دور بارز في ميدان المشاركة السياسية، ووضعت كتاباً بعنوان “حقوق النساء” وأهم ما أشارت إليه في هذا الكتاب حق المرأة في الانتخاب.
ونذرت نبوية موسى حياتها لتعليم المرأة، وبرهنت على قدرة المرأة على تولي المناصب العليا، حيث نجحت في الوصول إلى أرقى المناصب التربوية بوزارة المعارف، ونجحت في إصدار مجلة الفتاة الأسبوعية 1937، ولها كتاب “المرأة والعمل”. وحين نسير مع نيل المرأة لحقوقها المدنية والسياسية في مطلع العصر الحديث، نتوقف عند ثورة 1919 في مصر التي شاركت فيها المرأة بنصيب كبير. ولقد ارتبطت هذه المشاركة الفعالة من جانب المرأة في الأحداث السياسية المرتبطة بثورة 1919 بالتطلع الفعلي إلى التعليم.
لقد حرصت المرأة المصرية منذ عام 1907 على المشاركة في المؤتمرات السياسية داخل مصر وخارجها، حيث حضرت السيدة انشراح شوقي مؤتمر بروكسل 1910، الذى دعا إليه الزعيم محمد فريد من أجل نصرة القضية المصرية. وسقطت أول شهيدة مصرية للثورة في العصر الحديث وهي السيدة حميدة خليل في ثورة 1919(20).
ولقد اعترف سعد زغلول زعيم الثورة في مذكراته بدور المرأة السياسي في ثورة 1919، وكانت مثالاً للمصري الذي جاهد من أجل بلاده.
كما كان دور السيدة صفية زغلول مثالاً للمرأة المصرية التي تصدت لمواصلة الثورة حتى بعد نفي زوجها سعد زغلول، لقد كانت تساند سعد زغلول في نشاطه السياسي حتى بعد نفيه خارج مصر، حيث كانت تجتمع مع زعماء الوفد في بيت الأمة.
كشفت ثورة يناير عن وجه جديد للمرأة المصرية لم يعتده مجتمعنا من قبل منذ ثورة 1919 وكان مفاجأة بكل المقاييس للعالم الغربي الذى سيطر عليه اعتقاد سائد بأن المرأة المصرية هى مجرد ظل للرجل ..هذا الوجه الجديد للمراة حدا بصحيفة ” هيرالد تريبون ” الأمريكية لرسم صورة عن دور المرأة المصرية خلال الثورة وفى الفترة التى تليها ونقلت كيف وقفت ” حواء ” المصرية الثائرة جنبا إلى جنب مع الرجل فى ساحة ميدان التحرير تندد بالفساد والقمع والظلم وتتلقى نفس الضربات الموجعة وتنال الشهادة فى سبيل الوطن.
كما دفع هذا الموقف العديد من المصريات للقول بان الوقت قد حان لتغيير المقولة الشهيرة ” وراء كل رجل عظيم امرأة “على اعتبار أن دور المرأة فى أيام الثورة كان موازيا لدور الرجل.
ظلت المرأة المصرية محرومة من حقوقها السياسية في مصر حتى صدور دستور 1956 , منذ ذلك التاريخ أصبح من حقها أن تنتخب من يمثلها في البرلمان . وأن ترشح نفسها لعضوية المجالس النيابية .
فقد نصت المادة الأولى من دستور 1956 على أنه ” على كل مصرى وكل مصرية بلغ ثمانى عشرة سنه ميلادية أن يباشر بنفسه الحقوق السياسية وهي إبداء رأيه في الاستفتاء الذى يجرى لرئاسة الجمهورية وكل استفتاء آخر ينص عليه الدستور، وكذلك انتخاب أعضاء كل من مجلس الشعب ، ومجلس الشورى ، والمجالس الشعبية المحلية “
ثم صدر دستور مصر الحالي سنة 1971 الذي أكد المساواة التامة بين الرجل والمرأة حيث نصت المادة (40) منه على أن ” المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة.”
ومقتضى هذا النص أن تتمتع المرأة بالحقوق التي يتمتع بها الرجل، ومن ذلك حق التعليم، وحق العمل، وحق الترشيح، وحق الانتخاب، وحق تكوين الجمعيات، وحق الانتماء إلى النقابات.
كذلك تلتزم المرأة بما يلتزم به الرجل من واجبات مثل أداء الضرائب والمساهمة في الحياة العامة والحفاظ على الوحدة الوطنية وصيانة أسرار الدولة.
وتقديراً لدور المرأة الفعال في حركة المجتمع ونموه وتحضره، فقد نصت المادة (10) من الدستور على حماية الأمومة، وجعلت كفالة هذه الحماية التزاماً على الدولة، فقد نصت على أن :”تكفل الدولة حماية الأمومة والطفولة، وترعى النشء والشباب، وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم”.
كما نصت المادة (11) من الدستور على أن “تكفل الدولة التوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة وعملها في المجتمع، ومساواتها بالرجل في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية . وبالتالي فإن علي المجتمع أيضا ان يتيح للمرأه الفرص المتساويه مع الرجل للقيام بدورها .
الدور هو مجموعة من الصفات والتوقعات المحددة اجتماعياً والمرتبطة بمكانة معينة. والدور له أهمية اجتماعية لأنه يوضح أن أنشطة الأفراد محكومة اجتماعياً، وتتبع نماذج سلوكية محددة، فالمرأة في أسرتها تشغل مكانة اجتماعية معينة، ويتوقع منها القيام بمجموعة من الأنماط السلوكية تمثل الدور المطلوب منها.ومن الواجب أن تتسع نظرة المجتمع للمرأه ككيان مشارك في بناء المجتمع بكافة مناحيه وبالتالي فإنه يجب الأعتراف بأن للمرأه الحق في لعب كافة أدوارها في التنميه والمشاركه الفعاله .
ولكن قدرة المرأه علي القيام بهذا الدور تتوقف علي نظرة المجتمع إليها ,والأعتراف بدورها و حقوقها وما نالته من تعليم وثقافه لتنمية شخصيتها وتوسيع مداركها ومن ثم قيامها بأدوارها المتعدده المنوط بها القيام بها. ويتم تجاوز ذلك من خلال تطوير المناهج الدراسية ودور وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة في العالم العربي، والاهتمام ببرمجة وتوجيه الثقافة لخدمة المرأة وإبراز دورها في تطوير وتقدم المجتمع.