منوعات

زلازل وعواصف وجفاف.. هل تستغيث الأرض بفعل تغيرات المناخ؟


سلمى محمد مراد


نشر في:
الأربعاء 4 يونيو 2025 – 2:16 م
| آخر تحديث:
الأربعاء 4 يونيو 2025 – 2:16 م

منذ بداية عام 2025 لم تتوقف صيحات الأرض التي تطلقها كل فترة لتذكرنا بعواقب إساءة تعاملنا معها، وتحملنا نتيجة الخلل الذي أحدثه الإنسان في النظام الكوني، وفي الآونة الأخيرة يعيش الناس حالة من القلق نتيجة العديد من الهزات الأرضية المتلاحقة التي نتعرض لها.

في هذا التقرير، نستعرض بعض التطرفات المناخية التي تعرضت لها الأرض خلال الفترات الأخيرة.

زلزال تلو الآخر ولا تهدأ الأرض

أصدر المعهد القومي للبحوث الفلكية، بيانا قال فيه إن محطات الشبكة القومية لرصد الزلازل التابعة للمعهد سجلت، أمس الثلاثاء، هزة أرضية بقوة 5.8 درجة على مقياس ريختر، وأفاد بأن مركز الهزة الأرضية يقع على بعد 50 كيلومترًا شمال مدينة العريش، وبعمق 60 كيلومترًا.

وكان زلزالًا قويًا ضرب الساحل الجنوبي الغربي لتركيا، ووقع على البحر المتوسط، ويبعد مركزه حوالي 450 كيلومترًا عن مدينة إسطنبول، ونحو 700 كيلومتر عن القاهرة، وشعر به بعض سكانها.

خمسة زلازل أرعبت المصريين خلال شهر

تأتي هذه الهزة ضمن سلسلة من الزلازل التي شهدتها المنطقة مؤخرًا، حيث سجل المعهد خمسة زلازل أخرى خلال مايو 2025، ثلاثة منها يوم 1 مايو الماضي، إذ سجلت الشبكة القومية المصرية لرصد الزلازل ثلاث هزات أرضية في أماكن مختلفة من أنحاء البلاد في مناطق الغردقة ومطروح والقاهرة الكبرى بقوة (2.31، 3.3، 2.92 درجة على مقياس ريختر).

أما الزلزال الرابع كان بقوة 6.4 ريختر في 14 مايو الماضي، على بعد 631 كيلومترًا شمال رشيد، وشعر به عدد كبير من المواطنين في القاهرة الكبرى وبعض المحافظات الأخرى، ويعود سبب الهزة الأرضية إلى وقوعها في منطقة نشطة زلزاليًا، وهي منطقة شرق جزيرة كريت بالبحر المتوسط؛ نتيجة لانزلاق اللوح الإفريقي تحت اللوح الأوروبي ووجود فالق نشط.

والزلزال الخامس كان بقوة 6.24 ريختر يوم 22 مايو الماضي، حيث سجل المعهد هزة أرضية في جزيرة كريت على بعد 499 كيلومترًا من شمال مرسى مطروح.

الإسكندرية كما لم تشهدها من قبل

وتعرضت مدينة الإسكندرية، فجر يوم 30 مايو الماضي، إلى عاصفة غير مسبوقة تخللتها أمطار رعدية غزيرة وتساقط للثلوج مع رياح شديدة تجاوزت سرعتها 50 كيلومترًا في الساعة، في أجواء مناخية قاسية لم تشهدها المحافظة من قبل.

ونشطت رياح شديدة مع سقوط كرات ثلجية مختلفة الأحجام، وارتفاع في موج البحر لأكثر من متر ونصف المتر، ويعد ما مرت به الإسكندرية بمثابة جرس إنذار بشأن حجم التغيرات المناخية التي باتت تؤثر على مصر والمنطقة بأسرها، فالتساقط الثلجي في أحد أيام شهر مايو يعد أمرًا نادرًا، ويعكس اضطرابًا غير مسبوق في الأنماط المناخية الموسمية.

الجفاف يقسو على الأرض

بحسب الموقع الرسمي للاتحاد الأوروبي، فإنه خلال الفترة بين يناير ومارس من هذا العام، شهدت معظم أنحاء أوروبا ظروفًا جوية أدفأ من المتوسط، حيث تجاوز متوسط درجات الحرارة المعدل الطبيعي بأكثر من ثلاث درجات مئوية، وقد أدت ندرة الأمطار والحرارة الشديدة إلى جفاف الأرض، مما أدى إلى استنفاذ الرطوبة بشكل كبير في التربة في شرق البحر الأبيض المتوسط وشمال أفريقيا.

ويحذر تقرير “الجفاف في أوروبا 2025″، الذي أعده مركز الأبحاث المشترك التابع للمفوضية الأوروبية، من وضع حرج يؤثر بشدة على مختلف القطاعات: من الزراعة والتنوع البيولوجي إلى النقل النهري وإنتاج الطاقة.

نيران تندلع فجأة

أصدرت السلطات الأمريكية في يناير الماضي من هذا العام، أوامر إخلاء واسعة شمال لوس أنجلوس، بعد أن التهم حريق غابات جديد 1400 هكتار خلال ساعات قرب بحيرة كاستايك.

وساهمت رياح سانتا آنا الحارة والجافة في تسريع انتشار النيران وتصاعد الدخان الكثيف، حيث اجتاحت الحرائق أحياء مختلفة في ولاية كاليفورنيا، وخاصة حول منطقة لوس أنجلوس؛ نتيجة لذلك التهمت النيران أحياء فخمة ومنازل لمشاهير هوليوود.

ما يجري هو حصاد أفعالنا خلال الأعوام الماضية

خلص تقرير حالة المناخ العالمي، الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، إلى أن عام 2024 كان على الأرجح أول عام تقويمي تتجاوز فيه درجة حرارة سطح الأرض 1.5 درجة مئوية عن معدل ما قبل الصناعة، مما يجعله العام الأكثر دفئًا في سجل الرصد الذي يمتد لـ 175 عامًا.

ووجد التقرير أن تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي “بلغ أعلى مستوياته في الـ800 ألف عام الماضية”، وذكر أن كل سنة من السنوات العشر الماضية كانت على حدة بين أكثر عشر سنوات دفئا على الإطلاق، وأن كل سنة من السنوات الثماني الماضية سجلت رقما قياسيا جديدا لحرارة المحيطات.

إضافة إلى أن معدل ارتفاع مستوى سطح البحر قد تضاعف منذ بدء القياسات بالأقمار الصناعية، وتشير توقعات المناخ إلى أن ارتفاع درجة حرارة المحيطات سيستمر حتى نهاية القرن الحادي والعشرين على الأقل، حتى في ظل سيناريوهات انبعاثات الكربون المنخفضة.

الملايين تفرّ والجاني تغيرات المناخ

لا يؤدي تغير المناخ إلى تغيير المناظر الطبيعية فحسب، بل يؤثر على حياة الناس أيضًا، حيث تجبر موجات الجفاف والفيضانات والأحداث الجوية المتطرفة ملايين الأشخاص على الفرار من منازلهم، حيث يعد تغير المناخ أحد أعظم التحديات الإنسانية في القرن الحادي والعشرين.

ووفقا لتقرير نشره مركز رصد النزوح المكسيكي، فإنه بحلول عام 2050، قد يضطر ما يصل إلى 216 مليون شخص إلى الهجرة داخل بلدانهم بسبب الأحداث المناخية المتطرفة، ومن المتوقع أن تشكل هذه الظاهرة المعروفة باسم “الهجرة الداخلية المناخية”، واحدة من التحديات الإنسانية الكبرى في القرن الحادي والعشرين، مشيرًا إلى أن أكثر من 32 مليون شخص هاجروا في عام 2022 نتيجة لأسباب مناخية.

الخطر بات قريبا ولن يسلم أحد

تلك الظواهر ليست وليدة اللحظة لكنها نتاج سوء تعامل مع البيئة منذ آلاف السنين، ونتيجة طبيعية للتغيرات المناخية الحادة التي يتعرض لها العالم، ويتفق العلماء أن الأخطار لن تتوقف إلى حد التقلبات الجوية الحادة والارتفاع والانخفاض في درجات الحرارة أو سقوط الأمطار والعواصف وغيرها.

ويجعلنا هذا الأمر أمام حقيقة واحدة مفادها أن نستشعر الخطر، ونحاول الاستماع لصوت الطبيعة المنهك من كثرة ما تتعرض له من أضرار، ومحاولة اغاثتها سواء من خلال خفض الانبعاثات الكربونية الملوثة للهواء، والتوقف عن حرق الغابات وتدمير الأشجار، والسعي بكل جدية لخفض وتقليل نسبة الاحتباس الحرارى في الجو نتيجة زيادة نسبة التلوث، والعمل علي ضرورة وقف كل الممارسات البشرية الملوثة للبيئة، والاستجابة لدعوة العلماء وخبراء المناخ.