منوعات

ماذا تعرف عن ميكروبيوم الفم؟ الدور الذي يلعبه لدعم مناعة أطفالنا


إعداد: ليلى إبراهيم شلبي


نشر في:
الجمعة 19 ديسمبر 2025 – 7:01 م
| آخر تحديث:
الجمعة 19 ديسمبر 2025 – 7:01 م

من المعروف أن الميكروبيوم عبارة عن مجموعة من الكائنات الدقيقة التي تعيش بشكل طبيعي في أجهزة الجسم المختلفة، خاصة الأمعاء، وتسهم بشكل كبير في تعزيز مناعة جسم الإنسان: ميكروبات حميدة صديقة للإنسان، منها البكتيريا، والفطريات، والفيروسات، والبرتوزوا.

دراسة حديثة نشرتها الدورية العلمية Journal Frontiers in Microbiology تناولت صحة الفم لدى الأطفال، فأوضحت أن الحفاظ على الميكروبيوم الفموي في حالة صحية جيدة من خلال عدة عوامل يؤدي إلى تعزيز المناعة عند الأطفال في مواجهة العديد من الأمراض والنزلات المعوية.

قد لا يحظى تعبير الميكروبيوم الفموي بذات الشهرة التي يحظى بها ميكروبيوم الأمعاء، الذي أصبح دوره في حياة الإنسان واضحًا ومعروفًا، ويمكن الاعتماد عليه في العديد من الملاحظات الصحية لدعم المناعة وتحسين وسائل هضم وامتصاص الطعام، بل وإنتاج بعض الفيتامينات المهمة، مثل فيتامين (ك) ودوره المهم في عمليات تجلط الدم ووقف النزيف.

ندرة الدراسات التي أُجريت على الميكروبيوم الفموي كانت وراء عدم التعريف به، إلى أن بدأ الاهتمام به ودوره المهم في حماية تجويف الفم. نظرًا لانتشاره على شكل تجمعات من الكائنات الدقيقة الحية في الفم، بما في ذلك اللسان، والأسنان، وسقف الحلق، واللوزتان، تعد تلك التجمعات من البكتيريا والفطريات من الوسائل الدفاعية الأساسية للطفل في مواجهة أنواع العدوى المختلفة التي يتعرض لها. كلما قلت في العدد والتنوع، زادت فرصة الإصابة بالأمراض المختلفة، ومنها تسوس الأسنان، والتهاب اللثة، وأمراض عامة أخرى تصيب أجهزة الجسم المختلفة مثل الجهاز الهضمي والمفاصل.

رغم أن تجمعات الميكروبيوم تبدأ مبكرًا جدًا في تجويف فم الجنين، فإنها بعد الولادة تبدأ في التكوين متأخرة في مرحلة الطفولة نتيجة تعرف الطفل على الأطعمة بعد الفطام. يبدأ الميكروبيوم الفموي في الاستقرار بعد العام الرابع للطفل، ثم ينمو بصورة مماثلة لما لدى البالغين مع تقدم السنوات.

نوع الرضاعة يؤثر بصورة أو بأخرى على تكوين الميكروبيوم لدى الأطفال، فهو يكاد يتطابق مع ميكروبيوم الأم مع الرضاعة الطبيعية، التي توفر بيئة طبيعية صحية تسمح للبكتيريا المفيدة بالنمو والتكاثر، إلى جانب وجود أجسام مضادة تكافح تسوس الأسنان.

تمثل عينة الدم نوعًا من الحماية للأطفال، إذ تحتوي على بروتينات معينة مضادة للبكتيريا مثل اللاكتوفرين و(الأمينو جلوبيولين إيه). كلما زادت فترة الرضاعة الطبيعية، زادت معها قوة وفترة المناعة ضد العديد من أنواع العدوى التي تصيب أطفال الرضاعة الصناعية.

بعد مرور الستة أشهر الأولى وبداية ظهور الأسنان، تبدو أهمية الميكروبيوم في مقاومة أنواع العدوى التي قد يتعرض لها الطفل. عند الضرورة لاستخدام المضادات الحيوية للطفل، يجب التأنّي واختيار أكثرها فاعلية وأقلها ضررًا، فالمعروف أنها خاصة تلك التي يطلق عليها واسعة المجال، مثل الأموكسيسلين على سبيل المثال، فإنها بلا شك تؤثر على جميع أنواع البكتيريا النافعة والضارة، ويستغرق الأمر أكثر من ثلاثة أسابيع حتى تسترد البكتيريا النافعة حيويتها وتبدأ في التكاثر وبدء العمل بفاعلية.

يتغير الشكل النهائي للميكروبيوم الفموي لدى الطفل نتيجة للتغيرات التي تحدث نتيجة للنمو بصورة طبيعية، خاصة حينما يفقد الطفل أسنانه الأولية، ويبدأ في نمو أسنانه الدائمة.

يؤثر لبن الأم والرضاعة الطبيعية على تكوين ميكروبيوم الفم بصورة صحية، تساعد على دعم المناعة الطبيعية للأطفال بصورة ملحوظة، إذ غالبًا ما تنتقل البكتيريا من لبن الأم للطفل أثناء الرضاعة الطبيعية في فترة مبكرة من حياته، فيبدو تطابق نوعية الميكروبيوم بين الأم وطفلها.

من الملاحظ أيضًا أنه كلما طالت فترة الرضاعة الطبيعية من لبن الأم، قل وجود ميكروب بعينه في الفم: بورفيروموناس، الذي يسبب التهاب اللثة وفقدان الأسنان، خاصة قبل فترة العظام. الأمر يبدو بالغ الأهمية، إذ إن فترة الفطام وتبدل أنواع الغذاء المختلفة معها تتبدل أنواع الميكروبات وفق البيئة الجديدة التي توفرها ألوان الغذاء المختلفة عن لبن الأم.

في النهاية، أوصت الدراسة المهمة بضرورة الاهتمام بالميكروبيوم الفموي للمواليد والرضع والأطفال بدراسات أوسع، إلى جانب ضرورة الاهتمام بمعرفة العوامل التي تؤثر على تكوينه، لما يبدو له من أهمية بالغة في مجال الوقاية من الأمراض التي قد تشكل خطورة على النمو والحياة بصفة عامة.