هل اقترب العالم من القضاء على مرض الإيدز؟ تقنية mRNA تكشف الفيروس وتفتح باب الأمل

منار عبدالسلام
نشر في:
الجمعة 6 يونيو 2025 – 8:00 م
| آخر تحديث:
الجمعة 6 يونيو 2025 – 8:02 م
حقق فريق بحثي من “معهد بيتر دوهرتي للعدوى والمناعة” في ملبورن، أستراليا، اختراقًا علميًا غير مسبوق قد يُقرّب العالم خطوة كبيرة نحو علاج فيروس نقص المناعة البشرية (HIV)، بعد أن تمكّن من ابتكار تقنية جديدة قادرة على “كشف” الفيروس داخل خلايا الدم البيضاء، وهو ما يمثل واحدة من أبرز العقبات أمام القضاء عليه نهائيًا.
واعتمدت التجربة، التي نُشرت نتائجها في مجلة Nature Communications العلمية، على تقنية mRNA المستخدمة سابقًا في تطوير لقاحات كوفيد-19. وقد تم تغليف الحمض النووي المرسال داخل جزيئات دهنية نانوية تُعرف باسم LNP X (Lipid Nanoparticles)، وهي مصممة خصيصًا لاختراق نوع معين من خلايا الدم البيضاء تُعدّ مخبأ للفيروس داخل الجسم، وذلك بحسب صحيفة الجارديان البريطانية.
نتائج أولية مذهلة فاجأت الباحثين
قالت الدكتورة باولا سيفال، الباحثة المشاركة في الدراسة، إن الفريق أصيب بحالة من الذهول عندما أظهرت أولى التجارب نتائج “مذهلة”، حيث تمكّن الحمض النووي المرسال من اختراق الخلايا المستهدفة وكشف الفيروس بوضوح، وهو ما لم يكن ممكنًا في السابق.
وأضافت سيفال: “في البداية، اعتقدنا أن النتائج قد تكون غير دقيقة أو مضللة. لكن بعد تكرار التجربة عدة مرات بنفس النجاح، تأكدنا أننا حققنا تقدمًا حقيقيًا”.
أمل جديد.. لكن الطريق ما زال طويلاً
رغم التفاؤل الكبير الذي رافق هذه النتائج، أوضح الباحثون أن هذه التجارب لا تزال في مراحلها الأولية، وقد أُجريت داخل المختبر باستخدام خلايا مأخوذة من مرضى. وتشير التقديرات إلى أن الأمر قد يستغرق سنوات قبل البدء في التجارب على الحيوانات والبشر، ثم اختبار فعالية العلاج سريريًا.
وأشارت سيفال إلى أن ما تم تحقيقه “يُعد من أقوى النتائج التي شهدها مجال أبحاث علاج الإيدز”، لكنها شددت في الوقت نفسه على ضرورة توخي الواقعية، قائلة: “في علم الطب الحيوي، الكثير من الاكتشافات الواعدة لا تصل إلى العيادة، لكن هذه التقنية تبشر بإمكانيات حقيقية”.
آفاق أوسع للاستخدام
من جهته، أوضح الدكتور مايكل روش، المشارك في الدراسة، أن لهذا الاكتشاف تطبيقات محتملة تتجاوز علاج فيروس الإيدز، نظرًا لأن نفس نوع خلايا الدم البيضاء المستهدفة متورط أيضًا في أمراض أخرى مثل السرطان، ما يفتح آفاقًا جديدة لاستخدام هذه التقنية في مجالات متعددة من الطب.
تحفظات علمية: هل يكفي الكشف وحده؟
في المقابل، أبدى بعض العلماء المستقلين تحفظهم على ما أُعلن، مشيرين إلى أن مجرد “كشف” الفيروس لا يعني بالضرورة القدرة على القضاء عليه. وقال الدكتور جوناثان ستوي، عالم الفيروسات في “معهد فرانسيس كريك”، إن التقنية تمثل تقدمًا مهمًا، لكنه تساءل: “هل يكفي التعرف على الفيروس للقضاء عليه؟ أم أن الأمر يتطلب دمجه مع علاجات أخرى لإزالته فعليًا من الجسم؟”
فيروس لا يزال يهدد الملايين
يُذكر أن نحو 40 مليون شخص حول العالم يعيشون مع فيروس HIV، ويحتاجون إلى تناول العلاج مدى الحياة للسيطرة عليه ومنع تطور الأعراض أو نقل العدوى. ووفقًا لتقارير “برنامج الأمم المتحدة المعني بالإيدز” (UNAIDS)، فقد توفي شخص بسبب الفيروس كل دقيقة خلال عام 2023.
ويُعدّ هذا الاكتشاف من أكثر التطورات إثارة في أبحاث الإيدز خلال العقود الأخيرة. فهو يفتح بابًا حقيقيًا لكسر الحاجز الأكبر أمام العلاج، والمتمثل في القضاء على الفيروس الكامن في خلايا الجسم. ومع ذلك، لا يزال الطريق طويلًا قبل أن يتحول هذا النجاح المخبري إلى علاج واقعي متاح للمرضى.