رياضة

من كلوب لدياز.. «بي بي سي» تكشف عن شهادة من زاملوا صلاح في فيلم وثائقي


 كريم صلاح


نشر في:
الأربعاء 10 ديسمبر 2025 – 3:37 م
| آخر تحديث:
الأربعاء 10 ديسمبر 2025 – 3:46 م

 ثماني سنوات ونصف قضّاها محمد صلاح بين جدران نادي ليفربول، ليصبح واحدًا من أبرز أساطير الفريق، ويحظى بلقب «الملك المصري» بين جماهيره.

ومع ذلك، أحدثت تصريحاته الأخيرة جدلاً واسعًا، بعد أن أعرب عن شعوره بأنه «كبش فداء» بسبب جلوسه على دكة البدلاء لثلاث مباريات متتالية بقرار من المدرب آرني سلوت، لتتجه الأنظار إلى شخصيته وسلوكه داخل النادي وخارجه.

سعت شبكة «بي بي سي» البريطانية إلى تقديم صورة معمقة لصلاح بعيدًا عن الأضواء والأهداف، مستندة إلى شهادات زملائه ومدربيه المقربين في فيلم وثائقي تم طرحه على المنصة الخاصة بهم.

 يورجن كلوب، المدرب الذي قاد ليفربول إلى جميع البطولات الكبرى في عهد صلاح، يصفه بأنه نتاج طفولة مليئة بالتحديات، مع إرادة قوية للتفوق والنجاح: «صلاح منذ صغره أدرك أن عليه العمل أكثر من الآخرين ليصل إلى مبتغاه، ولم يتوقف عن تطوير نفسه، وكان كل صيف يعود بمهارات جديدة وكأنه قضى العطلة في التدريب».

وأضاف كلوب: «رفع لقب الدوري معنا ربطنا إلى الأبد. صلاح سيُذكر كأحد أعظم لاعبي تاريخ النادي. التعامل معه ليس صعبًا، لكن تظهر المشكلات فقط عندما لا يكون في الملعب».

رغم الانتقادات التي تعرض لها صلاح بسبب قلّة ظهوره الإعلامي، يراه زملاؤه السابقون قائداً هادئًا، يُركز على مهمته ويساعد من حوله على الثبات داخل الملعب وخارجه. آدم لالانا، زميله السابق، يقول: «هو دائم الاتزان، لا يبالغ في الاحتفال ولا ينهار عند الهزائم. كل مرة أراه أشعر بالهدوء والسيطرة. هو لاعب مقاتل دائم السعي لإثبات ذاته».

 تطرقت «بي بي سي» أيضًا إلى العلاقة المهنية التنافسية بين صلاح وزميله السابق ساديو ماني، مؤكدة أن التحدي بينهما كان لصالح الفريق.

كلوب يوضح: «لم يكونا أصدقاء مقربين، صحيح، وكان يمكن لصلاح تمرير الكرة أحيانًا، لكنه غالبًا ما اختار إنهاء الهجمة بنفسه، وكلاهما كان يقاتل من أجل مصلحة الفريق».

جيمس ميلنر، قائد الفريق السابق، يؤكد أن شخصيته تتسم بالتحدي الإيجابي الذي يميز الرياضيين الكبار: «رغم شهرته العالمية، هو رجل لطيف يلعب وكأن على عاتقه عبئًا يريد التفوق فيه. حتى في الشطرنج كان يجلب مدربًا ويفوز عليّ مرات عديدة».

وأضاف ميلنر: «صلاح قائد ملهم، والمعايير التي يضعها يوميًا تمنح اللاعبين الشباب مثالاً واضحًا لما يعنيه أن تكون لاعبًا في ليفربول».

 انتقال صلاح إلى تشيلسي في سن الحادية والعشرين كان تحديًا كبيرًا، إذ بدا خجولًا أمام غرفة ملابس مليئة بالنجوم.

مارك شوارزر، زميله السابق: «كان بريئًا جدًا وصادمًا له دخول هذه البيئة. أي خطأ كان يثقل كاهله، وأتذكر حين غضب مورينيو ووجّه حديثه إليه، شعر بالإحباط الشديد».

لكن اللاعب أعاد بناء نفسه لاحقًا في فيورنتينا وروما، وفق ما يصفه ميكا ريتشاردز: «كان منضبطًا تمامًا، ينام مبكرًا، يتناول طعامًا صحيًا، وكان واضحًا أنه يريد إثبات قدراته».

رغم ذلك، يظل الأثر الإنساني الذي تركه صلاح قائمًا ومستمرًا، كما يؤكد لويس دياز، زميله السابق الذي انتقل إلى بايرن ميونخ: «كان أول من رحب بي بطريقة لا تُنسى. كان يقول لي: إذا احتجت أي شيء فأنا هنا. وحتى خلال المباريات كان يوجهني ويشرح لي التحركات، وغالبًا تنجح».

ويضيف دياز: «رفع لقب الدوري معه كان لحظة استثنائية، ترى السعادة في عينيه وتشعر بها. صلاح دائمًا يسعى لأن يكون لاعبًا أفضل وإنسانًا أفضل، وقد ترك أثرًا عميقًا في داخلي».

ويستذكر أحمد المحمدي، زميله في المنتخب، المجهود الذي كان يبذله صلاح بالسفر الطويل إلى القاهرة لممارسة كرة القدم: «هذا يتطلب قوة ذهنية هائلة. زوجته من قريته وساندته منذ البداية، وهو بدوره يدعم كل من يحتاج إليه».

بعيدًا عن كرة القدم، أصبح صلاح رمزًا اجتماعيًا وثقافيًا مؤثرًا، واختير ضمن أكثر الشخصيات تأثيرًا عالميًا، وساهم حضوره العلني في تغيير نظرة كثيرين تجاه الإسلام داخل وخارج بريطانيا.

وُلد في قرية نجريج بمحافظة الغربية في مصر، في ظروف اقتصادية صعبة، لكنه أصبح نموذجًا للنجاح والانضباط.

ماهر أنور شتية، رئيس المجلس القروي في نجريج، يصفه قائلاً: «منذ طفولته كان منضبطًا، ومع كل نجاحاته ظل مرتبطًا بجذوره، ويجد راحته الحقيقية بين أهله وأصدقائه. إنه قدوة للشباب في مصر والعالم العربي».

صلاح موّل محطة إسعاف، مؤسسات خيرية، ومعهداً دينياً في قريته. إمام مسجد ليفربول، شفيق رحمن، يقول: «كان يصلي بهدوء، ولم يزعجه أحد. بين المصلين كان الجميع متساوين أمام الله، وهو يشعر بالأمان بين الناس».

بهذه الرحلة، يظهر محمد صلاح ليس فقط كأحد أعظم لاعبي ليفربول في العصر الحديث، بل أيضًا كشخصية تؤثر في المجتمع، رمز للانضباط والإصرار، وملهم لشباب مصر والعالم العربي والإسلامي، بما يجمع بين المجد الرياضي والبصمة الإنسانية التي ستظل حاضرة للأجيال القادمة.