دراسة تكشف ارتفاع عدد الأمهات العازبات بالمدن

لم تعد الأم العازبة في المغرب تلك الفتاة أو السيدة التي جاءت إلى المدن الكبرى بحثا عن العمل، وتعرضت فيما بعد إلى الاغتصاب أو تورطت في علاقة غير شرعية، بل هذه الفئة من المجتمع، شملت في السنوات الأخيرة فتيات ينحدرن من مدن حضرية كبرى، على رأسها الدار البيضاء.
هذه المعطيات كشفت عنها جمعية إنصاف، اليوم الأربعاء، في ندوة صحفية؛ حيث صرحت أمينة خالد الكاتبة العامة للجمعية، بأن واقع الأمهات العازبات في المغرب لا سيما في المدن الكبرى تغير ليشمل فتيات ازددن في مدينة الدار البيضاء على سبيل المثال ومتعلمات، ضحايا وعود كاذبة أو اغتصاب، وليس بالضرورة ممتهنات الجنس.
من خلال دراسة قامت بها إنصاف تبين أنه منذ سنة 2020 إلى السنة الحالية، اتضح أن ما يقارب 1600 امرأة استقبلتها الجمعية تنحدر من المدينة كما أنهن يتوفرن على مستوى تعليمي متنوع، يمتد إلى مستويات تعليمية عالية. إلى جانب ذلك، ثمة حالات لأمهات عازبات مهاجرات من إفريقيا جنوب الصحراء.
وفيما يتعلق بالفئة العمرية، استقبلت إنصاف فئات من 12 سنة إلى 17 سنة، ويبلغن أزيد من 800 حالة، أغلبهن من الدار البيضاء.
هذه المعطيات، تختلف عن دراسة سابقة قامت بها الجمعية سنة 1986، حيث كان هناك نساء أمهات عازبات، قرويات لم يلجن المدرسة، تعرضن إلى اغتصاب بعد عملهن في المدينة أحيانا من طرف المشغل.
وعددت أمينة خالد المعاناة النفسية لهؤلاء النسوة، أغلبهن عرضة للتشرد والاستغلال أحيانا من طرف مافيا سرقة الأطفال، كما أنهن يتعرضن إلى جميع الإهانات في مؤسسات عمومية مثل المستشفيات.
وأشارت إلى أنه خلال الاستماع إليهن من طرف الشرطة، تتم مساءلتهن أمام الجميع بالمستشفى، إلى جانب ذلك، هؤلاء النسوة، لا يتقبلهن المجتمع، كما أنهن يواجهن عراقيل في العمل، ولفتت أمينة خالد الانتباه إلى أنه في مؤسسة الضمان الاجتماعي يطلب منهن وثائق غريبة مثل طلب وثيقة تثبت “الأب مجهول”.
وأوضحت أمينة خالد في تصريح لـ”اليوم 24″، أنه لا توجد أرقام أو إحصائيات دقيقة بخصوص عدد الأمهات العازبات في المغرب. ودعت إلى الحماية القانونية والاجتماعية لهؤلاء النساء.
ومن جهته، دعا المحامي محمد ألمو بهيئة الرباط، إلى إعادة النظر في مفهوم الخطبة على أساس أن أغلب ضحايا هذا الوضع هن نساء ضحايا وعود كاذبة، مقترحا إبرام عقد نية الزواج في الخطبة.
وشدد على ضرورة توسيع مفهوم الأسرة ليشمل الأسر أحادية الوالدين، وعلى مستوى مقتضيات مدونة الأسرة، طالب بتعديل مقتضيات المدونة بما يتناسب مع أحكام الدستور التي تلزم الدولة بتوفير الحماية القانونية والاعتبار الاجتماعي والأخلاقي لجميع الأطفال بطريقة متساوية، دون اعتبار لحالتهم العائلية.
وطالب بضمان حماية الطفل من جميع أشكال التمييز، سواء كانت عنصرية أو دينية أو أي نوع آخر من أشكال التمييز، وحمايته من الوصم الاجتماعي بضمان حقوقه في الهوية والنسب بغض النظر عن الوضعية الاجتماعية لأبويه وطبيعة العلاقة التي أخرجته للوجود، وذلك بحذف عبارة التمييز بينه وبين باقي الأطفال ” بنوة شرعية بنوة غير شرعية “.
وشدد على ضرورة التنصيص بشكل واضح على حق الطفل المولود خارج إطار مؤسسة الزواج في الهوية والنسب لوالده باعتبار الخبرة الجينية وحدها هي المعيار الحاسم في تأكيد علاقة الأبوة مع الاحتكام البيولوجي. ويمكن لوالدته أو كل مكلف برعايته مباشرة المساطر القضائية اللازمة، لتثبيت نسبه لوالده.
وفي المقابل، اعتبرت الجمعية أنه لا يمكن معالجة هذه الظاهرة بدون مقاربة حقوقية شمولية، كما أن إشكالية اجتماعية كهذه ينبغي معالجتها وفق هذه المقاربة وفي إطار متعدد الأبعاد، يأخذ بعين الاعتبار كافة المستويات.
واستغلت الجمعية ورشا تشريعيا مفتوحا لمدونة الأسرة، لتقديم المقترحات القانونية السالفة الذكر. وعلى مستوى المرجعية دعت إلى تبني الدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان كمرجعية في إصلاح شامل لمدونة الأسرة، مع تبني مقاربة حقوقية ديمقراطية لإصلاح قانون الأسرة باعتماد قيم ومبادئ حقوق الطفل وحقوق الإنسان.
وطالبت الجمعية بأن تكون المجانية في دعاوي نسب الأبناء المزدادين خارج مؤسسة الزواج بغض النظر عن الوضعية المادية لوالدتهم، واقترحت اعتبار تخلف الأب البيولوجي المفترض الذي رفعت ضده دعوى النسب عن مباشرة إجراءات الخبرة الجينية بعد التوصل القانوني لاستدعاء لذلك، إقرارا ضمنيا بعلاقة الأبوة اتجاه الطفل.
وضع نصوص قانونية تضمن الاستفادة خارج إطار الزواج من مؤسسات التغطية الصحية والاجتماعية، فضلا عن تمكين الأمهات خارج مؤسسة الزواج من الولاية القانونية على أطفالهن حفاظا على المصالح الفضلى لهم.