خيارات بوتين للتعامل مع فاغنر.. محدودة

شعار شركة فاغنر الروسية (أرشيف)
الأربعاء 5 يوليو 2023 / 13:32
استعرض مدير الأبحاث في مجموعة صوفان الأمريكية للاستشارات الأمنية والاستخبارية كولين كلارك، الخيارات القليلة المتاحة للكرملين للتعامل مع قوات فاغنر بعد تمردها الفاشل، في 24 يونيو (حزيران) الماضي.
طمأنة الحكومة الروسية للقادة في إفريقيا، والشرق الأوسط على إدارة موسكو للبنية التحتية لفاغنر تتعارض مع التصفية الأوسع التي أجراها الكرملين في الأيام القليلة الماضية.
وكتب في “نيويورك تايمز” الأمريكية أنه طيلة سنوات عمل جيش يفغيني بريغوجين الضخم، بهدوء وكيلاً للسياسة الخارجية الروسية.
ساعدت شبكة فاغنر المؤلفة من آلاف المرتزقة الروس في أمريكا اللاتينية، والشرق الأوسط، وإفريقيا، الكرملين على تأمين الموارد الطبيعية والتأثير في الدول الفاشلة، ومناطق الصراع، وسمحت للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالنأي بنفسه بشكل ملائم عن التحالفات البغيضة، والتكتيكات الوحشية للمجموعة.
لكن تمرد بريغوجين الفاشل كشف اعتماد روسيا السلبي على فاغنر، والشركات العسكرية الخاصة الأخرى، ما أثار تساؤلات عن مستقبل النفوذ الروسي العالمي.
هرولة
دفع الاضطراب الكرملين إلى الهرولة حتى تحافظ روسيا على نفوذ فاغنر بعيد النطاق والتدفق النقدي من أنشطتها، ومحاولة تبديد فكرة بوتين عن استقلالية جيش بريغوجين. بعد أيام من الانتفاضة الفاشلة، أعلن بوتين أن الدولة الروسية مولت بالكامل مجموعة فاغنر بما يصل إلى مليارات الدولارات. ومع وجود بريغوجين الآن في المنفى البيلاروسي حسب التقارير، يواجه بوتين عدداً قليلاً من الخيارات لكيفية التعامل مع آلاف المرتزقة من فاغنر المنتشرين حول العالم. ومن غير المرجح أن أي منها إيجابي لروسيا.
الخيار الأول: الدمج
في خطاب ألقاه أمام الشعب الروسي في مطلع الأسبوع الماضي، قال بوتين إن مقاتلي فاغنر الذين لم يشاركوا في محاولة الانقلاب، أحرار لتوقيع عقد مع الجيش الروسي تحت قيادة وزارة الدفاع، والذين شاركوا يمكن أن ينضموا إلى بريغوجين في المنفى البيلاروسي. لكن تفويض فاغنر لتوقيع عقد مع وزارة الدفاع الروسية كان أحد العوامل الأساسية التي ساهمت في محاولة بريغوجين التمرد، ومن غير المرجح أن يكون خياراً شعبياً بين قواته، حسب الكاتب.
وحتى لو قرر مقاتلو فاغنر الانضمام إلى الوحدات العسكرية الروسية بشكل جماعي، فلن يسهل على موسكو دمجهم، إذ لفاغنر سمعة الوحشية التي تستحقها جيداً مع مزاعم عن ارتكابها جرائم حرب وضد الإنسانية في العديد من المسارح، كما أن اتهامها بالتعذيب والخطف وبإعدام المدنيين ، ذو مصداقية.
بديل لبريغوجين
الخيار الثاني، هو أن يترك بوتين عمليات فاغنر الخارجية كما هي، ويعين قائداً جديداً محل بريغوجين. من شأن ذلك تجنب تعطيل أجندة السياسة الخارجية لموسكو وطمأنة الدول التي تتعامل معها على أن روسيا لا تزال شريكاً موثوقاً.
إن بصمة فاغنر الإفريقية واسعة، مع أنشطة في الكاميرون، وبوركينا فاسو، وغينيا الاستوائية، وجنوب إفريقيا، وزيمبابوي، وكينيا.
عندما سئل مباشرة بعد الانتفاضة الفاشلة عما سيحدث لفاغنر في إفريقيا، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن “المدربين” الروس سيواصلون العمل في مالي، وإفريقيا الوسطى.
منذ ذلك الحين، أرسلت روسيا مسؤولين إلى مواقع مختلفة تعمل فيها فاغنر لطمأنة حكوماتها، بما فيها سوريا ومالي، على استمرار المساعدة الروسية.
لكن وفق كلارك، يمكن أن يصبح ذلك فوضوياً بالاعتماد على عمق الخلاف بين فاغنر ووزارة الدفاع. إذا ظل قادة فاغنر من المستوى المتوسط وجنود المشاة موالين لبريغوجين، فقد يتعذر تثبيت شخصية صورية جديدة بموافقة الكرملين. كان بريغوجين يحظى باحترام مقاتلي فاغنر، وقد يستاء كثيرون منهم من قيادة جديدة أو تغيير جذري في الثقافة التنظيمية.
التفكيك الكامل
أخيراً، يمكن لروسيا أن تسعى إلى تفكيك فاغنر بالكامل، وتوزيع مقاتليها على جيوش خاصة أخرى موجودة. يُنظر على نطاق واسع إلى باتريوت، المجموعة المرتبطة بوزير الدفاع سيرغي شويغو، على أنها منافس مهم لفاغنر، مع حديث عن نشاطها في بوروندي وإفريقيا الوسطى، والغابون، وسوريا، واليمن.
أما شركة إي. أن. أو. تي. العسكرية الخاصة الأخرىف أسسها القومي الروسي إيغور مانغوشيف، ولها بعض الخبرة في الخارج، لكنها أقل تأثيراً وخبرة من فاغنر. كما طور عملاق الطاقة الروسي غازبروم جيشه الخاص رغم أنه شُكل أساساً لحماية البنية التحتية للنفط والغاز من الهجمات.
لا تملك هذه المجموعات الروسية ثقل فاغنر بين القوميين الروس أو المواطنين المؤيدين للحرب في أوكرانيا، ولا القدرات التي تجعل فاغنر لا غنى عنها للكرملين في تنفيذ مجموعة واسعة من أنشطة السياسة الخارجية، حسب كلارك.
الوحش
يتنافس الخبراء في شؤون الكرملين على التنبؤ بالمسار الذي سيختاره بوتين مع إشارات متضاربة من القيادة الروسية في الأيام الماضية. يبدو أن طمأنة الحكومة الروسية للقادة في إفريقيا، والشرق الأوسط على إدارة موسكو للبنية التحتية لفاغنر تتعارض مع التصفية الأوسع التي أجراها الكرملين في الأيام القليلة الماضية.
وسط الرسائل الغامضة، يبدو هذا واضحاً جداً، بالنسبة إلى القائد الذي عمل بجد لرسم صورته سيداً في الاستراتيجيا، لا يبدو أن لبوتين خطة لمستقبل فاغنر. بدل ذلك، يبدو أنه ضعيف بشكل متزايد، سواء في الداخل أو على مستوى جهوده للحفاظ على تأثير روسيا في الخارج. وختم كلارك كاتباً: “من شبه المؤكد أنه سيعاني لكبح جماح الوحش الذي ساعد في تكوينه”.