ابتكارات Nvidia تقود مستقبل الذكاء الاصطناعي.. ملخص مؤتمر GTC 2025

في مدينة سان خوسيه، كاليفورنيا، عُقِد مؤتمر NVIDIA الأخير GTC 2025 وشاهدنا فيه العديد من الابتكارات التي تستحق الذكر، ربما ليس على مستوى الأفراد مثلما حدث في مؤتمر CES 2025، لكن على مستوى أهم من ذلك؛ مستوى الشركات المهتمة بالذكاء الاصطناعي والروبوتات!
شهد الحدث حضور شخصيات بارزة مثل بات غيلسنجر، الرئيس التنفيذي السابق لشركة Intel، إلى جانب مايكل ديل (مؤسس Dell)، وغيرهما من الأسماء الكبيرة في المجال والذين أشادوا بدور NVIDIA في تطوير الرسوميات وفتح آفاق جديدة في مجال الذكاء الاصطناعي.
أُلقلت الكلمة الرئيسية في قاعة تتسع لـ 17 ألف شخص؛ لم يُختير هذا المكان بشكل اعتباطي، فهو يَبعُد عن مطعم Denny’s بحوالي 14 دقيقة بالسيارة، ولمن لا يعلم بشأن هذا المطعم، فمنه انطلقت شركة NVIDIA (ربما نروي هذه القصة لاحقًا) قبل حوالي 24 عامًا، والآن، ودون مزيدٍ من المقدمات، دعونا نُلخّص لكم أبرز ما جاء بمؤتمر GTC 2025.
الذكاء الاصطناعي الوكيل كما لم نره من قبل
“الذكاء الاصطناعي الوكيل” (Agentic AI) هو نوع من الذكاء الاصطناعي يستطيع التصرّف بشكل مستقل لتحقيق أهداف مُحددة في بيئة مُعينة، دون الحاجة إلى التدخل البشري المباشر. هناك أمثلةٌ عديدة لهذا النوع من الذكاء الاصطناعي مثل السيارات ذاتية القيادة، لكن هناك مساحة كبيرة جدًا للتحسين.

أعلنت NVIDIA عن سلسلة نماذج Llama Nemotron مفتوحة المصدر والمُصممة لمساعدة المطورين والشركات على بناء أنظمة ذكاء اصطناعي متقدمة يمكنها العمل بشكل مستقل أو ضمن فرق لحل المهام المعقدة بفضل قدراتها على التفكير المنطقي. تتميز هذه النماذج بما يُمكن أن يُسمى “التفكير عند الطلب”، وقد طُورت بعد التدريب لتقدم أداءً أفضل في مجالات مختلفة بدايةً من البرمجة وحتى اتخاذ القرارات الصعبة.

تعاونت العديد من الشركات الكبرى مع NVIDIA لإنجاز هذا المشروع، مثل Microsoft، وSAP، وDeloitte، وCrowdStrike، وغيرهم. قال جنسن هوانغ: “إن تبني الذكاء الاصطناعي القائم على التفكير هو أمرٌ مذهل. تقدم نماذج NVIDIA مفتوحة المصدر وأدواتها البرمجية حلولًا متكاملة للمطورين والشركات لبناء فرق ذكاء اصطناعي قادرة على العمل بكفاءة عالية”.
تعاون ضخم بين NVIDIA وAlphabet
في نفس السياق، أعلنت شركة Alphabet (الشركة الأم لـ Google)، أنها ستتعاون مع NVIDIA لتطوير مبادرات جديدة تهدف إلى تعزيز الذكاء الاصطناعي وتوفير أدواته للجميع، فضلًا عن تسريع التحول في قطاعات مثل الرعاية الصحية والتصنيع والطاقة.

ساندر بيتشاي، الرئيس التنفيذي لشركتي Alphabet وGoogle، قال: “أنا فخور بشراكتنا العميقة والممتدة مع NVIDIA، التي بدأت منذ الأيام الأولى لنظام أندرويد واستمرت حتى أحدث مشاريعنا في مجال الذكاء الاصطناعي. وأنا متحمس للمرحلة القادمة من تعاوننا، حيث نعمل معًا على تطوير الذكاء الاصطناعي الوكيل والروبوتات، ونشر فوائد الذكاء الاصطناعي لمزيد من الناس حول العالم”.
ستعتمد Google Cloud على أحدث تقنيات وابتكارات NVIDIA، مثل بطاقات GB300 NVL72 وRTX PRO 6000 Blackwell Server Edition، لدعم أبحاث الذكاء الاصطناعي وإنتاجه.

في المقابل، ستكون NVIDIA أول شركة تستخدم أداة SynthID التي طورتها Google DeepMind لوضع علامات رقمية مخفية داخل أي نوع محتوى أنشأه الذكاء الاصطناعي لحمايته من التزييف دون التأثير على جودته.
جنسن هوانغ هو الآخر أشاد بهذا التعاون وقال: “من الرائع أن نرى الباحثين والمهندسين في Google وNVIDIA يعملون معًا للتغلب على التحديات والمساهمة في مجالات مثل اكتشاف الأدوية والروبوتات”.
مركز NVIDIA الجديد للحوسبة الكمومية

أعلنت شركة NVIDIA عن بناء مركز أبحاث جديد في بوسطن مُخصص لتطوير الحوسبة الكمومية المتقدمة NVAQC. من المتوقع أن يكون المركز جاهزًا في وقتٍ لاحق من هذا العام ويجمع بين أجهزة الحوسبة الكمومية وأجهزة الذكاء الاصطناعي الفائقة، مما يتيح تسريع أداء الحوسبة الكمومية. يهدف المركز إلى حل مشكلات مثل التشويش في الكيوبتات (الوحدات الأساسية للحوسبة الكمومية)، وتحويل المعالجات الكمومية التجريبية إلى أجهزة عملية يمكن الاستفادة منها حقًا واستخدامها بفعالية.
قال ويليام أوليفر، مدير مركز الهندسة الكمومية في MIT إن مركز NVIDIA الجديد سيمنح الباحثين إمكانيات غير مسبوقة للوصول إلى التقنيات والخبرات اللازمة لحل تحديات الحوسبة الكمومية ومعالجة قضايا أساسية.
حواسيب فائقة من NVIDIA
بمناسبة الحوسبة الفائقة، كشفت NVIDIA عن إصدارين مختلفين من NVIDIA DGX، وهو حاسوب فائق مُخصص للذكاء الاصطناعي. الإصدار الأول هو DGX Spark (كان يُعرف باسم Project DIGITS)، وهو مُصمم ليكون حاسوبًا صغيرًا للأعمال المتعلقة بالذكاء الاصطناعي. أما الإصدار الثاني، DGX Station، فهو حاسوب مكتبي قوي للغاية يعتمد على معالجات Blackwell Ultra، ومن هنا نتحدث عن معماريات وكروت NVIDIA الجديدة للذكاء الاصطناعي.

لكن أولًا، يجدر بالذكر أن جنسن هوانغ قد أعلن أن معالجات NVIDIA الجديدة ستتبع طريقة جديدة في التسمية؛ بدلًا من أن يُشير رقم الـ NVL إلى عدد وحدات أو شرائح GPU، سيشير إلى عدد الشرائح الداخلية لكل GPU، على سبيل المثال، يحتوي معالج Blackwell Ultra NVL72 على 36 وحدة GPU، وكل وحدة تحتوي على شريحتين داخليتين، مما يعني أن المجموعة 72 شريحة.
تُخطط NVIDIA لإطلاق معالج NVIDIA GB300 NVL72 الرسومي في النصف الثاني من 2025 وسيكون أسرع بـ 1.5 مرة مقارنةً بالإصدار السابق GB200 NVL72.
معمارية NVIDIA Vera Rubin NVL144

تستعد NVIDIA لإطلاق معمارية أو منصة NVIDIA Vera Rubin NVL144 في النصف الثاني من عام 2026، حيث ستضم 144 شريحة رسومية ضمن نظام NVL144. تعد هذه المعمارية الجديدة بتحسينات كبيرة، ستوفر أداءً أعلى بمقدار 3.3 مرة مقارنةً بمعمارية GB300 NVL72، كما ستشمل تقنيات جديدة مثل ConnectX-9 وNVLink-6 اللتين تضاعفا عرض النطاق الترددي مقارنةً بالإصدارات السابقة. إلى جانب ذلك، ستعتمد المنصة الجديدة على ذاكرة HBM4 مما سيزيد من عرض النطاق الترددي للذاكرة نفسها بنسبة 1.6 مرة.
Rubin Ultra NVL576

كذلك أعلن جنسن هوانغ عن إصدار NVIDIA Rubin Ultra المُقرر إطلاقه في النصف الثاني من 2027. سيتميز هذا الإصدار بوجود أربعة شرائح رسومية داخل كل وحدة GPU مما يرفع كثافة المعالجة إلى مستوى جديد. أما نظام Rubin Ultra NVL576، فسيكون بمثابة مصنع ذكاء اصطناعي فائق الأداء، حيث سيقدم أداءً أقوى بمقدار 14 مرة مقارنةً بمعمارية Blackwell Ultra، وسيدعم تقنيات الجيل الجديد مثل ConnectX-9، لكنه سيعتمد على تقنية NVLink-7 الجديدة كليًا بالإضافة إلى استخدام ذاكرة HBM4e المتطورة.
التعاون مع TSMC
تعد كفاءة نقل البيانات والربط بين مراكز البيانات الحديثة أكثر أهمية -أحيانًا- من قوة الحوسبة نفسها. ومع توسّع استخدام وحدات المعالجة الرسومية GPU، تصبح قيود الطاقة وكفاءة الاتصالات تحديات رئيسية، للتغلب عليها. لذلك تعاونت NVIDIA مع عملاق أشباه الموصلات TSMC لتطوير نظام فوتوني جديد يعتمد على تقنيات متقدمة لإتاحة حل أسرع وأكثر كفاءة لشبكات الألياف البصرية.

من المتوقع أن تطلق NVIDIA نظام Quantum-X في النصف الثاني من عام 2025، يليه Spectrum-X في النصف الثاني من عام 2026. وستوفر هذه التقنيات كفاءة أعلى بمقدار 3.5 مرة، وقدرة تحمل أقوى بعشر مرات، وسرعة نشر أفضل بمقدار 1.3 مرة.
في النهاية، يُمكننا أن نُلخص هذا المقال بالجملة المُعبرة التي قالها جنسن هوانغ، التي تعكس أحد الأهداف الرئيسية لمؤتمر GTC 2025: “كل شيء يتحرك سيصبح روبوتًا”؛ نحن على أعتاب عصر الآلات المستقلة، سواء كانت سيارات ذاتية القيادة، أو أذرع روبوتية متقدمة، أو حتى روبوتات بشرية Humanoids تُشبه تلك الموجودة في أفلام الخيال العلمي.
?xml>