تكنولوجيا

ترامب يسحب ترشيح حليف ماسك لإدارة وكالة ناسا

بعد يوم واحد فقط من إعلان إيلون ماسك مغادرته لمنصبه كمستشار في البيت الأبيض، اتخذت إدارة الرئيس دونالد ترامب خطوة مثيرة للجدل بسحب ترشيح جاريد آيزاكمان لمنصب مدير وكالة الفضاء الأمريكية ناسا.

آيزاكمان، المعروف بعلاقته الوثيقة بماسك، كان قد رُشّح لتولي هذا المنصب الحساس، إلا أن تقارير متعددة كشفت أن القرار تم التراجع عنه بسبب تبرعات سياسية سابقة قدّمها آيزاكمان لعدد من شخصيات الحزب الديمقراطي البارزة.

تم تسريب هذا الخبر نقلًا عن مصادر مطّلعة لم تكشف عن أسمائها، وبعد ساعات فقط، أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض، ليز هيوستن، هذا القرار في بيان رسمي، ما أثار موجة من التساؤلات في الأوساط السياسية والعلمية على حد سواء.

تبرعات سياسية تثير الجدل

أفادت صحيفة نيويورك تايمز، التي كانت من أولى الوسائل الإعلامية التي تابعت تفاصيل القرار، أن ترامب أخبر عددًا من المقربين منه بنيّته سحب الترشيح بعد علمه بأن آيزاكمان قد تبرّع في السابق لعدد من المرشحين الديمقراطيين، من بينهم السيناتور مارك كيلي عن ولاية أريزونا.

ورغم أن آيزاكمان يُعتبر شخصية بارزة في مجال ريادة الأعمال الفضائية، خصوصًا من خلال شركته Shift4 التي تعمل في مجال الدفع الإلكتروني، إلا أن انتماءاته السياسية السابقة بدت كأنها سبب مباشر لإقصائه.

سجلّ حافل في مجال الفضاء

لا يُعد آيزاكمان غريبًا على عالم الفضاء، بل إنه كان أحد أوائل رجال الأعمال الذين استثمروا في الرحلات الفضائية التجارية. في عام 2021، شارك في مهمة Inspiration4 التي نظمتها شركة SpaceX التابعة لإيلون ماسك، كما شارك العام الماضي في مهمة Polaris Dawn، التي شهدت تنفيذ أول عملية سير في الفضاء من قبل طاقم تجاري بالكامل، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ رحلات الفضاء الخاصة.

جعلت هذه الإنجازات ترشيحه لإدارة وكالة ناسا يبدو منطقيًا في البداية، خصوصًا مع توافق توجهاته مع طموحات القطاع الخاص في استكشاف الفضاء.

تخفيضات كبيرة في ميزانية ناسا

جاء قرار سحب الترشيح بالتزامن مع إعلان البيت الأبيض عن تفاصيل مقترح ميزانية ناسا للعام 2026، والتي تضمنت تخفيضًا حادًا في التمويل بنسبة تقترب من 25%. وبموجب هذا المقترح، ستنخفض ميزانية الوكالة من 24.8 مليار دولار إلى 18.8 مليار فقط، بينما ستتراجع ميزانية البرامج العلمية بنسبة تصل إلى 47%.

أثار هذا الإعلان استياءًا واسعًا في الأوساط العلمية، حيث وصفت مؤسسة Planetary Society هذا المقترح بأنه يشكل تهديدًا وجوديًا لأكثر برامج الوكالة إنتاجية ونجاحًا، محذّرة من أن مثل هذا القرار يهدر استثمارات دافعي الضرائب السابقة، ويجمد مستقبل استكشاف الفضاء.

غياب القيادة يثير القلق داخل ناسا

أثار غياب آيزاكمان عن المشهد في هذا التوقيت الحرج مخاوف عدد من المسؤولين السابقين في وكالة ناسا. ونقل موقع Ars Technica عن مسؤول سابق لم يُكشف عن اسمه قوله إن هذا التخفيض الحاد في الميزانية، إلى جانب غياب مدير رسمي للوكالة، يجعل الوضع يبدو كما لو أن ناسا في “طور الإغلاق”.

يعكس هذا التصريح القلق المتزايد داخل المؤسسة التي اعتادت أن تكون رمزًا للتقدم العلمي والابتكار الأمريكي.

البيت الأبيض يبحث عن مرشح يتماشى مع أجندة أمريكا أولًا

في البيان الذي أرسلته المتحدثة باسم البيت الأبيض، أكدت الإدارة الأمريكية أن من الضروري أن يكون مدير ناسا القادم متماشيًا تمامًا مع أجندة “أمريكا أولًا” التي يتبناها الرئيس ترامب. وأضافت أن الرئيس سيعلن شخصيًا عن الاسم البديل الذي سيُرشح لهذا المنصب في وقت قريب.

أما آيزاكمان نفسه، فقد رفض التعليق على القرار عندما تواصلت معه وسائل الإعلام، رغم أنه كان قد اجتاز مراحل متقدمة من الترشح وكان من المتوقع أن يحصل على تصويت بالموافقة داخل مجلس الشيوخ. وتبقى مسألة ما إذا كان ماسك قد لعب دورًا في ترشيحه أو دعمه أمرًا غير مؤكد، خصوصًا أن آيزاكمان لم يقدّم إجابة واضحة خلال جلسات الاستماع.

العلوم تحت ضغط السياسة

يسلّط قرار سحب ترشيح جاريد آيزاكمان لإدارة ناسا الضوء على مدى التداخل بين السياسة والعلوم في الولايات المتحدة، خصوصًا في عهد إدارة ترامب التي لا تتردّد في اتخاذ قرارات جذرية انطلاقًا من الولاء السياسي.

وبينما يبقى مستقبل ناسا معلّقًا، تبدو الوكالة وكأنها تدخل مرحلة غامضة، في وقت تحتاج فيه الولايات المتحدة إلى قيادة علمية واضحة لرسم معالم استكشاف الفضاء في السنوات القادمة.

?xml>