تكنولوجيا

تيك توك على المحك: سباق أمريكي للاستحواذ عليه وإنقاذه من الحظر

يواجه تطبيق تيك توك -المملوك لشركة بايت دانس الصينية- تحديات كبيرة في الولايات المتحدة بسبب مخاوف أمنية. دفع ذلك الكونغرس لإصدار تشريع في يناير 2025 يحظر التطبيق ما لم يُفصل عن الشركة الأم الصينية وبيعه لكيانات غير صينية بحلول 5 أبريل 2025.

يسعى كبار المستثمرين الأمريكيين بالتعاون مع شركة أوراكل إلى إبرام صفقة تهدف إلى إقناع الرئيس دونالد ترامب بأن التطبيق لم يعد تحت السيطرة الصينية. يأتي ذلك بعد أن مدّد ترامب المُهلة 75 يومًا عقب حظر مؤقت أثر على 170 مليون مستخدم أمريكي، مع عودة التطبيق لاحقًا إلى متاجر التطبيقات في فبراير.

اقرأ أيضًا:

حظر تيك توك: كواليس الصراع الأشهر في الولايات المتحدة

كيف تقوم بمسح ملفات تيك توك المؤقتة لتفريغ المساحة؟

المستثمرون الأمريكيون الحاليون -مثل General Atlantic وSusquehanna وKKR وCoatue- يخططون لشراء حصص إضافية في أعمال تيك توك الأمريكية وفصلها عن الشركة الأم، وقد تستحوذ أوراكل على حصة صغيرة وتتولى مسؤولية أمان بيانات المستخدمين الأمريكيين.

لكن بايت دانس تسعى للاحتفاظ بحصة في الكيان الأمريكي الجديد، والذي يُعقّد هيكلة الصفقة، خاصةً مع احتمال انضمام مستثمرين آخرين.

أكّد ترامب أن إدارته تتفاوض مع “4 كيانات مختلفة”، مُشيرًا إلى أن أي اتفاق يحتاج موافقته وموافقة ByteDance والحكومة الصينية.

خففّت الصين مؤخرًا تهديداتها بعرقلة الصفقة، وتبرز أوراكل كمرشح رئيسي بفضل تعاونها السابق مع تيك توك في “مشروع تكساس” عام 2020، الذي يضمن تخزين بيانات المستخدمين الأمريكيين على خوادمها (سيرفراتها).

ووفقًا للمقترح، ستحتفظ بايت دانس بالتحكم في خوارزمية التطبيق -شرط صيني أساسي- بينما توفر أوراكل ضمانات أمنية.

المُنافسة على الاستحواذ: عروض مُتعدّدة

إلى جانب أوراكل، قدّم مستثمرون آخرون عروضًا للاستحواذ على تيك توك الأمريكي. يشمل ذلك فرانك مكوورت -رجل الأعمال في مجال الإعلام والرياضة، بالشراكة مع أليكسس أوهانيان -مؤسس ريديت- عبر كيان “Project Liberty”.

كما يسعى ريد راسنر -الرئيس التنفيذي لشركة Omnivest Financial- لشراء التطبيق، مدعومًا بتعهدات مالية بقيمة 50 مليار دولار من شركات استثمار أمريكية.

تتنافس هذه العروض مع اقتراح شركة Perplexity، التي طرحت رؤية لدمج قدرات البحث المدعومة بالذكاء الاصطناعي مع مكتبة فيديوهات تيك توك.

تهدف Perplexity إلى بناء “أفضل تجربة بحث في العالم”. تؤكد قدرتها على إعادة بناء خوارزمية تيك توك من الصفر وجعلها مفتوحة المصدر، مع تمكين المُستخدمين من التحقق من صحة المعلومات أثناء المُشاهدة.

تخطّط Perplexity لتشغيل البنية التحتية للتطبيق في مراكز بيانات أمريكية تحت إشراف محلي. تحذر من أنّ استحواذ مُنافس قد يؤدي إلى احتكار سوق الفيديوهات القصيرة. تشمل قائمة المرشحين المُحتملين شركات مثل مايكروسوفت ومجموعة تضم “مستر بيست”!

السياق القانوني والسياسي: ضغوط أمريكية مستمرة

يعود الجدل حول تيك توك إلى مخاوف الأمن القومي، حيث يخشى المُشرعون من استغلال الحكومة الصينية للتطبيق في التجسُّس أو التأثير على الرأي العام. حاول ترامب حظر التطبيق في ولايته الأولى، وتجدّدت الجهود في 2025 مع قانون يناير الذي فرض الموعد النهائي للبيع.

على الرغم من الإغلاق المؤقت للتطبيق في يناير، أعيد تشغيله بعد تمديد المهلة. يعكس ذلك رغبة ترامب في حل يضمن “حصة 50⁒” للولايات المتحدة في أي مشروع مُشترك.

تتسم المفاوضات بتعقيد سياسي، حيث تتطلب موافقة الإدارة الأمريكية، بايت دانس، والحكومة الصينية. رغم تراجع بكين عن تهديداتها السابقة، يبقى موقفها من التنازل عن الخوارزمية غير واضح.

مستقبل تيك توك: بين الاستقلال الأمريكي والحظر النهائي

مع اقتراب 5 أبريل 2025، يترقب الجميع قرار إدارة ترامب الذي سيُحدّد مصير تيك توك في الولايات المتحدة. الخيارات تتراوح بين نسخة أمريكية مُستقلة تديرها شركات مثل أوراكل أو Perplexity، أو حظر نهائي إذا فشلت المُفاوضات.

تفضل بايت دانس الصفقة مع أوراكل، التي تحافظ على سيطرتها على الخوارزمية، وتسعى الولايات المتحدة لضمان خروج المُستثمرين الصينيين بالكامل. تبرز أوراكل كحل وسط بفضل خبرتها السابقة، لكن عروض Perplexity تضيف بُعدًا تكنولوجيًا جديدًا.

يعتمد نجاح الصفقة على توازن المصالح بين الأطراف الثلاثة، وسط ضغوط سياسية وتجارية. إذا نجحت الخطة، قد يصبح تيك توك رمزًا للتعاون التكنولوجي في الولايات المتحدة. وإلا، فإن الحظر قد ينهي وجوده في سوق يضم ملايين المُستخدمين.

?xml>