تكنولوجيا

جوجل تدمج Veo 3 مع يوتيوب Shorts

أعلنت شركة جوجل عن خطوة جريئة ستقلب موازين صناعة المحتوى القصير، حيث سيتم دمج أداة Veo 3 المتقدمة لتوليد الفيديوهات بالذكاء الاصطناعي مع منصة يوتيوب Shorts خلال الصيف الجاري. وقد كشف الرئيس التنفيذي ليوتيوب، نيل موهان، عن هذا التحديث خلال مشاركته في مهرجان كان، مؤكدًا أن هذا الدمج سيفتح آفاقًا إبداعية جديدة أمام صناع المحتوى.

يشهد يوتيوب شورتس، الذي انطلق كمنافس مباشر لتطبيقات مثل تيك توك نموًا هائلًا، مع تسجيله ارتفاعًا بنسبة 186٪ في عدد المشاهدات خلال العام الماضي فقط، ليصل إلى ما يقارب 200 مليار مشاهدة يوميًا. ومع هذا النمو، يبدو أن Veo 3 سيكون الشريك المثالي لمحتوى الفيديو القصير.

الذكاء الاصطناعي يكتب ويُخرج ويُنتج

تُعد Veo 3 من أقوى أدوات جوجل في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، حيث تتيح للمستخدم إنشاء مقاطع فيديو واقعية اعتمادًا فقط على نص مكتوب. وقد أذهلت الأداة المستخدمين منذ الكشف عنها في مؤتمر Google I/O الأخير، إذ تُنتج مشاهد فائقة الدقة لدرجة يصعب التمييز بينها وبين الفيديوهات الحقيقية.

تولّد الأداة مشاهد قصيرة جدًا في نسختها الحالية، لا تتجاوز 8 ثوانٍ للفيديو الواحد. لكن هذا الطول المحدود لا يُعد عائقًا بالنسبة ليوتيوب شورتس، الذي يسمح بفيديوهات لا تزيد عن 60 ثانية، مما يتيح للمبدعين دمج عدة مقاطع من Veo 3 لإنشاء فيديو متكامل ومؤثر.

تحديات تقنية وتكييف النموذج مع يوتيوب شورتس

رغم الإمكانيات الهائلة لأداة Veo 3، إلا أن تكاملها مع يوتيوب Shorts يتطلب تعديلات تقنية مهمة. فالأداة حالياً تولد فيديوهات أفقية بدقة 720p، وهي غير مناسبة لمنصة يوتيوب شورتس التي تعتمد على تنسيق الفيديو العمودي (portrait). وتشير التوقعات إلى أن جوجل تعمل على تطوير نسخة مخصصة من Veo 3 قادرة على إنتاج فيديوهات رأسية تتماشى مع مواصفات شورتس.

ورغم أن المستخدمين يستطيعون تحميل فيديوهات Veo 3 على يوتيوب شورتس منذ الآن، إلا أن وجود أشرطة سوداء على الجانبين بسبب اختلاف الأبعاد لا يُعطي تجربة مشاهدة مثالية. لذا، فإن النسخة القادمة من Veo قد تُمثّل نقلة نوعية في تكامل الذكاء الاصطناعي مع الفيديوهات القصيرة.

تكلفة مرتفعة تحد من الانتشار الواسع

لا تزال مسألة الوصول إلى Veo 3 تثير جدلاً، خصوصًا من حيث التكلفة. فحتى الآن، لا يمكن للمستخدمين العاديين الوصول إلى الأداة إلا من خلال الاشتراك في خطة Google AI Ultra، التي تبلغ كلفتها 250 دولارًا شهريًا. وضمن هذه الخطة، يحصل المستخدم على 125 مقطعًا فقط شهريًا، كل منها مدته 8 ثوانٍ.

يُعد هذا السعر المرتفع حاجزًا أمام عدد كبير من صناع المحتوى المستقلين، الذين يعتمدون على أدوات مجانية أو منخفضة التكلفة. ورغم عدم كشف يوتيوب بعد عن خطط التسعير الخاصة بتكامل Veo 3 مع شورتس، إلا أن كثيرين يتوقعون استمرار ارتفاع التكلفة بسبب قوة الأداة وندرة البدائل.

مستقبل المحتوى القصير: من الخيال إلى الإنتاج الآلي

يشير هذا التطور إلى بداية فصل جديد في عالم صناعة الفيديو، حيث لم يعد الإبداع مرهونًا بالكاميرات أو فرق الإنتاج، بل بات الذكاء الاصطناعي أداة رئيسية في يد المبدعين. ويبدو أن يوتيوب يسعى بجدية للحفاظ على صدارته كمصدر الفيديو الأول عالميًا، عبر ضخ تقنيات الذكاء الاصطناعي في صلب تجربة المستخدم.

يسمح الدمج المرتقب بين Veo 3 ويوتيوب Shorts للمستخدمين بإنشاء مشاهد سريالية أو واقعية فقط من خلال كتابة جملة أو وصف بسيط. هذه الإمكانية تفتح الباب أمام جيل جديد من الفيديوهات التي تجمع بين الخيال والتقنية العالية دون الحاجة إلى معدات أو خبرة تقنية متقدمة.

يوتيوب يواصل التوسع رغم صعود تيك توك

رغم المنافسة الشرسة التي تمثلها تيك توك في مجال الفيديوهات القصيرة، فإن يوتيوب ما زال يحافظ على نموه، بل ويتفوق من حيث عدد ساعات المشاهدة والمستخدمين النشطين. وتُظهر بيانات جوجل أن منصة شورتس باتت محورًا أساسيًا في استراتيجية التوسع، ما يفسر تركيزها على أدوات الذكاء الاصطناعي مثل Dream Screen وVeo.

يوتيوب يُروّج بشدة للشورتس من خلال صفحته الرئيسية، في محاولة لزيادة تفاعل المستخدمين مع هذا النوع من المحتوى. والآن، مع اقتراب دمج Veo 3، من المتوقع أن ترتفع جودة هذه الفيديوهات بشكل كبير، ما قد يجذب جمهورًا أوسع من المبدعين والمشاهدين على حد سواء.

يرى كثير من المحللين أن Veo 3 قد تُغير قواعد اللعبة في مجال صناعة الفيديو، وخصوصًا في المحتوى القصير. فبدلاً من أن يكون الإبداع محصورًا في أدوات محدودة، أصبح بإمكان الجميع إنتاج فيديوهات احترافية خلال دقائق، ما يُنبئ بثورة جديدة قد تُعيد تعريف معنى صناعة المحتوى المرئي بالكامل.

?xml>