تكنولوجيا

نقص رقائق الذاكرة يتسبب في رفع أسعار الهواتف الذكية في 2026

  • نقص رقائق الذاكرة يدفع أسعار الهواتف الذكية 2026 إلى ارتفاع ملحوظ.
  • ارتفاع تكاليف الذاكرة يخفض شحنات الهواتف الذكية عالميًا.
  • مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي تزيد الضغط على سلاسل التوريد.
  • آبل وسامسونج أقدر على التكيف مع ارتفاع التكاليف.

رصدت الشركات المتخصصة في متابعة سوق الهواتف الذكية تحولات واضحة في اتجاهات الأسعار والشحنات العالمية، مع تصاعد الطلب على تقنيات الذكاء الاصطناعي خلال الفترة الأخيرة.

كشفت شركة كاونتربوينت ريسيرش في تقرير حديث عن توقعات تشير إلى ارتفاع متوسط سعر بيع الهواتف الذكية بنسبة 6.9 في المئة خلال عام 2026، مقارنة بتوقعات سابقة كانت تشير إلى زيادة أقل. جاء هذا التحول نتيجة مباشرة لنقص رقائق الذاكرة وارتفاع تكلفتها داخل سلاسل التوريد العالمية.

أوضحت الدراسة أن شحنات الهواتف الذكية العالمية تراجعت هي الأخرى، حيث توقعت انخفاضها بنسبة 2.1 في المئة خلال عام 2026، بعد أن كانت التقديرات السابقة تميل إلى نمو مستقر أو إيجابي محدود. ويعكس مفهوم الشحنات حجم الطلب المتوقع؛ إذ يقيس عدد الأجهزة التي يتم إرسالها إلى قنوات البيع مثل المتاجر وشركات التوزيع، دون أن يعني ذلك بالضرورة تحقيق مبيعات فعلية بنفس الحجم.

ارتفاع أسعار الذاكرة عالميًا

ربط التقرير هذا التراجع في الشحنات بارتفاع تكاليف المكونات الأساسية، وفي مقدمتها رقائق الذاكرة التي أصبحت عنصرًا محوريًا في كل من الهواتف الذكية ومراكز بيانات الذكاء الاصطناعي.

أشارت كاونتربوينت أيضًا إلى أن التوسع المستمر في بناء مراكز البيانات حول العالم رفع الطلب على الأنظمة المتقدمة التي تطورها شركات مثل إنفيديا، والتي تعتمد بدورها على رقائق ذاكرة تنتجها شركات كبرى مثل إس كاي هاينكس وسامسونج، وهما من أكبر موردي رقائق الذاكرة عالميًا.

سلط التقرير الضوء على نوع محدد من الذاكرة يعرف باسم الذاكرة الديناميكية ذات الوصول العشوائي أو دي رام، والتي تستخدم بكثافة داخل مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، وتشكل في الوقت نفسه مكونًا أساسيًا في الهواتف الذكية. وشهدت أسعار دي رام ارتفاعًا ملحوظًا خلال العام الحالي، نتيجة تفوق الطلب على حجم المعروض، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على تكلفة تصنيع الأجهزة المحمولة.

أوضحت كاونتربوينت أن الهواتف منخفضة السعر، خصوصًا تلك التي يقل سعرها عن 200 دولار، سجلت زيادة كبيرة في تكلفة المواد المستخدمة في تصنيعها تراوحت بين 20 و30 في المئة منذ بداية العام. وتشير تكلفة المواد إلى إجمالي المكونات اللازمة لإنتاج جهاز واحد، بما في ذلك المعالج والذاكرة والشاشة ووحدات الاتصال.

أما الهواتف المتوسطة والعالية السعر، فقد شهدت ارتفاعًا في تكلفة المواد بنسبة تراوحت بين 10 و15 في المئة، وهو ما أثر بدوره على هوامش الأرباح لدى الشركات المصنعة.

توقعت الشركة استمرار هذا الاتجاه خلال الفترة المقبلة، حيث رجحت أن ترتفع أسعار الذاكرة بنسبة قد تصل إلى 40 في المئة حتى الربع الثاني من عام 2026. وأدت هذه الزيادة المتوقعة إلى رفع إضافي في تكلفة المواد، قد يتراوح بين 8 في المئة ويتجاوز 15 في المئة مقارنة بالمستويات المرتفعة الحالية، الأمر الذي وضع شركات الهواتف الذكية أمام تحديات معقدة تتعلق بالتسعير والحفاظ على القدرة التنافسية في سوق شديد الحساسية للأسعار.

آبل وسامسونج الأقدر على التكيف

أشار التقرير إلى أن تمرير هذه التكاليف المتزايدة إلى المستهلكين أصبح خيارًا مطروحًا لدى العديد من المصنعين، وهو ما يفسر التوقعات بارتفاع متوسط أسعار البيع عالميًا خلال العامين المقبلين. وفي هذا السياق، أوضح إم إس هوانغ، مدير الأبحاث في كاونتربوينت، أن شركتي آبل وسامسونج امتلكتا قدرة أكبر على التكيف مع هذه الظروف خلال الفترات المقبلة، نظرًا لقوتهما المالية وقدرتهما على إدارة سلاسل التوريد بكفاءة أعلى.

أوضح التقرير أن شركات أخرى واجهت ضغوطًا أكبر، خصوصًا تلك التي تعمل بهوامش ربح محدودة أو تركز على الفئات السعرية المتوسطة والمنخفضة. وأشار هوانغ إلى أن الشركات الصينية العاملة في هذه الشرائح شعرت بالتحديات بشكل أوضح، نظرًا لاعتمادها الكبير على المنافسة السعرية، وهو ما قلل من قدرتها على امتصاص الزيادات في تكلفة المكونات دون تأثير مباشر على المستهلك النهائي.

رصدت كاونتربوينت أيضًا عددًا من الاستراتيجيات التي قد تلجأ إليها بعض الشركات لمواجهة ارتفاع التكاليف، من بينها خفض جودة بعض المكونات مثل وحدات الكاميرا أو الشاشات أو أنظمة الصوت، أو إعادة استخدام أجزاء وتقنيات أقدم في أجهزة جديدة. وفي الوقت نفسه، توقعت الشركة أن تكثف العلامات التجارية جهودها التسويقية لدفع المستهلكين نحو شراء الأجهزة الأعلى سعرًا، بهدف تحسين متوسط العائدات وتعويض ارتفاع تكلفة الإنتاج.

أرى أن هذه التطورات تؤكد التأثير البارز للذكاء الاصطناعي على الصناعات الاستهلاكية، حيث يمتد أثره من مراكز البيانات والبنية التحتية الرقمية إلى أجهزة يستخدمها المستهلكون يوميًا. ومع استمرار نمو الطلب على تقنيات الذكاء الاصطناعي، يبدو سوق الهواتف الذكية مقبلًا على مرحلة جديدة تتسم بارتفاع الأسعار وتباطؤ الشحنات، إلى جانب إعادة تشكيل توازنات المنافسة والربحية بين الشركات المصنعة على مستوى العالم.