اخر الاخبار

لا كهنة ولا أحبار في الإسلام .. الرسول واحد والخطاب الالهي واحد

إن ظهور المذاهب المختلفة من سُنة وشيعة وغيرهما من المذاهب، كان دافعه السياسة والتمييز وخلق طوائف متعددة، كل طائفة تستند إلى مرجعية ابتدعت روايات ما أنزل الله بها من سلطان، واختلقت أخباراً وأحاديث منسوبة للرسول الكريم صلي الله عليه وسلم من أجل أن يجعلوها قاعدة لبناء فقه ديني خاص لكل منهم يختلف عن الطائفة الأخرى، مما أدى إلى تفرق المسلمين شيعاً وأحزاباً.

  • زرعوا الفرقة وبذور الفتن

والهدف من ذلك تحقيق غاية أعداء الدين الإسلامي ، في جعل المسلمين ينصرفون عن القرآن الكريم ليسهل عليهم تفريقهم، وزرع بذور الفتن فيما بينهم ، وهكذا أصبح حال المسلمين في تنافر وصراع وقتال الى العصر الذي نعيشه، حين نشأت فرق جديدة ترفع شعار الإسلام وتغتال قيم الحرية وحقوق الإنسان وترتكب أبشع الجرائم، بجز أعناق الأبرياء وتدمير القرى والمدن واغتصاب الأطفال والنساء.

يعيثون في الأرض فساداً ولا يهتمون بحق الإنسان في الحياة، ولم يراعوا أوامر الله في عدم الاعتداء على الناس، ولم يتبعواالمنهج الالهي الذي يدعو إليه سبحانه وتعالي بقوله عز وجل في محكم تنزيله : وابتغ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلَا تَنَسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن مَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ المُفْسِدِينَ ” .. صدق الله العظيم .

  • جهنم وبئس المصير لاتباع الشيطان

هذه أوامر الله للناس جميعاً فهل اتبعت الفرق الإرهابية أمثال داعش والإخوان والنصرة والتكفير والهجرة والسلفية والقاعدة، وغيرهم ممن هم على شاكلتهم ما جاء في المنهج الإلهي في هذه الآية؟ وهل بمخالفة أوامر الله سبحانه وتعالي سيدخلون الجنة بأعمالهم الإجرامية أم سيلقون في جهنم وبئس المصير بما ارتكبوا من الفساد في الأرض عندما لبوا دعوة الشيطان واتبعوه؟ .

اذ يقول الله سبحانه وتعالي في كتابه المبين : ” وَقالَ الشَّيطانُ لما قُضِيَ الأمرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُم وَعَدَ الحَقِّ وَوَعَدتُكُم فَأَخَلَفَتُكُم وَمَا كان لي عَلَيْكُم مِن سُلطان إلا أن دعوتكُم فَاستَجَبْتُم لي فلا تلوموني ولوموا أَنفُسَكُم ما أنا بِمُصْرِخِكُم وَمَا أَنتُم بمُصْرِخِيَّ إنّي كَفَرْتُ بِما أشركتُمونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُم عَذَابٌ أليم ” .. صدق الله العظيم .

  • خرافات اندرجت تحت الخطاب الديني

فلا سبيل للمسلمين من الخروج من النفق المظلم الذي عشناه ونعيشه اليوم إلا بالعودة للخطاب الإلهي ” القرآن الكريم ” ، نستمد منه النور الذي سيضيئ به عقولنا، وترتقي معه نفوسنا، تمتلئ بالرحمة والمحبة والعدل، نستلهم من كتاب الله سبل السلام، ونستوعب مراد الله من آياته لخلقه عيشاً هنيئاً وسعياً مشكوراً وطاعة مقبولة وأجراً عظيماً، يوم لا ينفع مال ولابنون إلا من عمل صالحاً واتقى الله واتبع هداه .

لذا فإنني أقترح في الوقت الذي يبحث فيه المسلمون في تجديد الخطاب الديني لابد أن يتوقف المسلمون عن استخدام مصطلح الخطاب الديني لأن كل من هب ودب وجاء برواية أو حكاية أو خرافة اندرج تحت الخطاب الديني، بينما الأصل الذي يحمل رسالة الإسلام للناس هو الخطاب الإلهي كلمة الله وآياته .

  • استدعاء لحظات تاريخية قبل 14 قرن

فلنفكر جميعاً بأن نستدعي لحظات تاريخية قبل أربعة عشر قرناً نتصور فيها انفسنا في حضرة رسول الله يبلغنا رسالة اللهفي كتابه المبين حيث يتلو علينا القرآن الكريم كما أمره الله بقوله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم : ” لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ” .. صدق الله العظبم.

فنتلقى منه ما ينزله الله عليه من آيات كريمة نتعلم منه الحكمة ويوضح لنا ما جاء في كتاب الله من حكم وموعظة وقيم وعبادات، يعلمنا شعائر العبادات من صلاة وزكاة وصوم وحج بيت الله وتشريعات تبين الحلال والحرام، حيث كلفه الله بمسؤولية ابلاغ الناس كافة بالمنهج الالهي بقوله عز وجل : ” يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بلغ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَغَتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يهدي القومَ الكَافِرِينَ ” .. وقوله سبحانه وتعالى : ” فَإِن تَوَلُّوا فَإِنَّما عَليكَ البلاغ المبين ” .. وقوله عز وجل : ” وَإِن ما يُرِينَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ تَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الحساب ” .. صدق الله العظيم .

  • المذاهب لوثت لحظات الامن والسلام

فنظل نستمع إلى ما يتلوه علينا رسول الله صلي الله عليه وسلم آيات من القرآن الكريم، ويفسّر لنا مقاصدها التي تدعوالناس لما يصلحهم، ويحقق لهم المنفعة والأمن والسلام في لحظات لم تكن تلوثت بمذاهب ولم تكن فيها طوائف وفرق متصارعة .

نتعلم منه عليه الصلاة والسلام منهج الخطاب الإلهي الذي يأمر عباده بإتباع القرآن، وعدم الاعتماد على استنتاجات بشرية استندت إلى الصحابة أو غيرهم ممن نصبوا أنفسهم أهل العلم والمعرفة وعلماء الدين وشيوخ الإسلام، فلا يوجد شيوخ للإسلام ولا أئمة ولا كهنة ولا أحبار، بل عباد الله مخلصين له الدين يتبعون رسولاً كريماً، حيث قال سبحانه وتعالى: ” اتَّبعوا ما أنزِلَ إِلَيْكُم مِن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعوا مِن دونِهِ أولياء قليلا ما تذكرونَ ” .. صدق الله العظيم .

  • الابتعاد عن كتاب الله وتشريعاته للبشرية

فلا اجتهادات بشرية أو خطابات دينية متعدّدة، بل كان خطاباً إلهياً واحداً ورسولاً واماماً واحداً، يتلو على الناس آيات الله ليخرجهم من الظلمات إلى النور، يعلمهم دينهم الذي ارتضى الله لهم، ويحذرهم من الابتعاد عن كتاب الله وما جاء به من تشريعات للبشرية، تحقق لهم الأمن في الدنيا والآخرة وتحميهم من عدوان بعضهم على بعض ليعيشوا في رخاء وسلام .

وبعد ما استلم القيادة من بعده بعض من صحابته الذين عايشوا النبي أثناء بعثته وحاربوا معه دفاعاً عن رسالة الإسلام، تلقوا منه ما تلاه عليهم من آيات الذكر الحكيم، وتعلموا منه فقه العبادات، ووضح لهم التشريعات وأهداف المنهج الإلهي حتى وفاته، عندها اشتدت الظلمة عليهم بعد غيابه وأصابتهم الحيرة وتغير المنهج الذي كانوا يعيشونه ويتفاعلون معه،وفرضت المفاهيم الدنيوية الجديدة نفسها على الواقع، فتراجع التفاعل مع كتاب الله والالتزام بأحكامه والتقيد بشريعته، وتحكمت النفوس والهوى في قيادة المشهد.

  • نشوء فرق دينية سياسية

حيث نشأت طوائف متعدّدة ومعتقدات خاصة بها ترتب عليها نشوء فرق دينية سياسية تسببت في الاقتتال بين المسلمين ، بما أملت عليهم ظروف الواقع والصراع على السلطة ، فطغت عليهم الدنيا وسخّرت العقول لخدمتها، وأصبحت الغايات تبرر الوسائل حينما خفت صوت القرآن والتبست عليهم الأفهام لرسالة الإسلام .

  • سرد آلاف الأساطير والخرافات

عندما أهالوا على الآيات ركاماً من الروايات، فتراجعت مقاصد الرسالة لخير البشرية، وتزاحم الرواة في سرد آلاف الأساطير،وأضافت إليها الإسرائيليات مزيجاً من الخرافة وتغييب العقل وإثارة النعرات لخلق الفتنة بينهم .

فاستحكمت بعقول صفوة علماء الدين تلك الروايات والأقوال، ومنحوها المصداقية لأنها منسوبة لأحد الصحابة، فكيف استطاعوا التأكد من مصداقيتها بعد أكثر من قرنين من الزمان؟ حيث برزت طبقة مميزة في المجتمع الإسلامي، احتكرتالمعرفة والقدرة على تفسير القرآن وتوضيح مقاصد آياته، واعتمدت الروايات مرجعاً لفهم نصوص القرآن وتفسيره، وغابتعنهم حقيقة الخطاب الإلهي لخلقه .. اللهم بلغت اللهم فاشهد .

كاتب المقال : رئيس ديوان رئاسة دولة الإمارات العربية المتحدة سابقاً